"يعتمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على سياسة واقعية أثبت من خلالها أنه الرجل الأقوى في العالم بأسره".
بهذا استهل الدبلوماسي والخبير السياسي سانغويني أرماندو مقاله على صحيفة Lettera43 الإيطالية. وقال إن بوتين تمكن من خلال السياسة الواقعية في الشرق الأوسط وسوريا، أن يحقق مكاسب هامة. كما وصفها بالعدائية والمراوغة في أغلب الأحيان.
واعتبر أن بوتين يسعى جاهداً إلى استعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي، من خلال تبني "نهج شجاع" للتصدي لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
فما هي قواعد السياسة الروسية في الشرق الأوسط، لا سيما بعد إعادة انتخاب رجل روسيا القوي رئيساً؟.
من بوابة سوريا نتسلل إلى كل المنطقة
تمثل ذلك عندما أقحمت موسكو نفسها في الأزمة الأوكرانية، حيث تمكنت من بسط نفوذها في البلقان؛ وفي سورية عبر تعزيز موقف الرئيس بشار الأسد مرتين: الأولى العام ٢٠١٣ عندما شن باراك أوباما هجمات استهدفت قوات النظام على خلفية استخدامه للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. وفي سنة 2015، حين تدخلت روسيا لإنقاذ نظام الأسد حين أوشك على الانهيار وكادت دمشق أن تسقط في يد المعارضة.
وتوصل المحلل السياسي إلى خلاصة مفادها ضرورة تحسين بوتين علاقته بالرئيس الأميركي دونالد ترمب من أجل المحافظة على دوره كوسيط له ثقل في الشرق الأوسط، وبشكل خاص في سوريا. إذ يرنو بوتين إلى ترك بصمته في صلب المرحلة الانتقالية من الصراع إلى تحقيق الاستقرار السياسي في سوريا، وهو ما أقدم عليه في أول تصريح بعد الفوز قائلاً إنه منفتح لحوار "بناء" مع الدول الأخرى .
نؤسس تحالفاً إقليمياً مع تركيا وإيران وحزب الله
خلال الفترة الماضية أنشأت روسيا أيضاً تحالفات مع كل من تركيا وإيران وحزب الله، إلى جانب الاتفاق مع النظام السوري، من أجل إعادة إعمار البلاد ووضع يدها على بعض المناطق التي تزخر بالثروات الطبيعية.
قابلت هذه الجهود سيطرة القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية على 30٪ من الأراضي السورية، التي تعد من أكثر المناطق التي تحتوي على موارد طبيعية في البلاد.
نتوصل إلى الحد الأدنى من التناغم بين الحلفاء المتناقضين
لكن الرئيس الروسي يواجه صعوبات في سياسته الواقعية، نظراً لأن حلفاءه في الشرق الأوسط لديهم أجندة خاصة بهم تتعارض مع طموحات ومساعي بقية الأطراف. نتيجة لذلك، يعمل جاهداً على إيجاد أرضية مشتركة من شأنها أن تُوحد كل الأطراف.
وشهدت الاجتماعات التي شملت كل من روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري في سنة 2017، مؤشرات على خلاف الرؤى والمصالح بين الحلفاء، ما دفع بوتين لبدء محاولات مستمرة لتوحيد صفوف حلفائه رغم اختلاف المآرب والخلافات.
فالنظام السوري يرفض أن يمنح فرصة للمعارضة للمشاركة في الحكم، في الوقت الذي تحاول فيه طهران اكتساب نفوذ في المنطقة لسحب البساط من تحت قدمي واشنطن.
هدف الحد من توسع النفوذ الأميركي في سوريا، وضع روسيا وإيران في خندق واحد، رغم الخلافات وانعدام الثقة بينهما. وتدور مناقشات حول استثمارات روسية في حقول النفط الإيراني.
أما تركيا، العضو المؤسس في حلف الناتو القائم بالأساس للحماية من النفوذ الروسي، فتقربت مؤخراً من المعسكر الروسي ليتكون واحد من أقوى وأهم التحالفات السياسية والعسكرية في المنطقة بين الدول الثلاث؛ وهو ما بدا واضحاً في المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمسألة السورية.
نعقد صفقات النفط والفوسفات حيث وجدناها
ولا تشير التحركات الروسية في الجانب الاقتصادي السوري إلى وجود احتمال تراجع لا في القريب ولا في البعيد (بغض النظر عما قد يصرح به). إذ أفادت بعض التقارير أن شركة "إيفرو بوليس" الروسية وقّعت اتفاقاً في مجال الطاقة مع دمشق، بينما عقدت "سترويترانسغاز" صفقةً حول التنقيب عن الفوسفات. وتناقش شركات النفط الروسية حالياً العقود التي تتيح لها العمل في حقول النفط الإيرانية.
نتعاقد على إنشاء مرافئ روسية على المتوسط
كما تُعتبر إمكانية الوصول إلى المرافئ الإقليمية جانباً آخراً يستحق الانتباه. فبناء موانئ جديدة أمر مكلف، لكن بوسع موسكو ضمان حقوق إرساء لسفنها في مناطق مثل ليبيا لتجنب مثل هذه التكاليف. وقد يتدخل بوتين أيضاً في ليبيا كصاحب نفوذ فيكسب بذلك الاهتمام الدولي الذي يتوق إليه عبر التوسط بين "الجيش الوطني الليبي" الخاضع للمشير خليفة حفتر في الشرق و"حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دولياً في طرابلس