السياسة المغربية.. محاكاة الماضي أو ظاهرة “déja-vu”

عندما تلاحظ هذا الكمّ الهائل من التهافت على استقبال زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، ومالك مصير تنقّل سيارات المغرب عبر محطات الوقود، تتساءل: ألست أعيش تلك النظرية المعروفة بـdéjà-vu؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/18 الساعة 03:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/18 الساعة 03:52 بتوقيت غرينتش

عندما تلاحظ هذا الكمّ الهائل من التهافت على استقبال زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، ومالك مصير تنقّل سيارات المغرب عبر محطات الوقود، تتساءل: ألست أعيش تلك النظرية المعروفة بـdéjà-vu؟

نعم أنت لا تتخيل، أنت بالفعل تعيش ذلك، وخلاصة تلك النظرية أو الاعتقاد تقول: إن الإنسان يرى حياته حين يكون في بطن أُمه، والأم يمكن أن تكون فرنسية اللغة كاسم الظاهرة التي حافظت على فرنسيتها في كل اللغات، أو مغربية لكنها مؤمنة بالثقافة الفرنسية.

في سنة 1963، أسس أحمد رضا أكديرة، وزير إعلام حكومة أحمد بلافريج، وصديق ولي العهد حينها الأمير الحسن (الملك الحسن الثاني)، جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية التي اشتهرت باسم "الفيديك" FDIC، وكان حينها في الديوان الملكي، وهي الجبهة التي خُلقت من أجل ضرب القوى الحيّة بالبلاد، الجبهة التي ستفوز بانتخابات 1975، في عزّ الامتداد الشعبي للقوى اليسارية بالبلاد، بطرق تحكمية كانت حينها تعتبر طبيعية.

بل وفرض عبرها دستوراً جديداً رسّخ التحكم وتجميع السلطات، هذه الجبهة التي ستتحول فيما بعد لما يسمى الآن حزب التجمع الوطني للأحرار، وأوكلت مهمة قيادته لصهر الملك الحسن الثاني وصديقه، أحمد عصمان، وكل هذا طبعاً من أجل تقوية الأحزاب الإدارية على حساب المعارضة، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وزعيمه القوي عبد الرحيم بوعبيد.

ومؤخراً يلاحظ أن كل المنابر الإعلامية الرسمية منها أو الشبه رسمية أو حتى تلك المحسوبة على جهات مقربة من دوائر القصر والأجهزة السيادية، كلها تتهافت من أجل حوارات مع "المخلص" الجديد، أخنوش الزعيم الجديد لحزب عصمان، والقادم من عالم المال والأعمال، ألا يذكرك هذا الأمر بشيء أو بشخص ما؟ أو ربما بتجربة ما أو مقامرة ما؟ لم يكتب لها النجاح؟ الزعيم، أخنوش "أغاراس أغاراس"، كما يلقّب نفسه، يتحدث عن انضمام 100 ألف منخرط جديد للحزب؟

نعم.. أنت أيضاً هنا على حق، هل تذكر قبل انتخابات 2016، كيف كان يسوّق إلياس العماري زعيم حزب الأصالة والمعاصرة على أنه هو وحزبه أمل المغاربة الوحيد؟ بل هل تذكر كيف كان التهافت حول لقائه وإنجاز حوارات معه "موضة" إعلامية كانت تستحق الدراسة حينها؟ بل حتى تلك المواقع، التي كان يُخيّل للعوام أنها "مناضلة" (مع تحفظي على عبارة صحافة مناضلة؛ لأن مهمة الصحافة هي نقل الحقيقة على قدر المستطاع)، كانت تتسابق لتلك الفيلا الواقعة في أجمل شوارع الرباط في طريق زعير؛ حيث مقر الحزب الذي أسسه فؤاد عالي الهمة سليل وزارة الداخلية وصديق الملك.

وكثر حينها أيضاً الالتحاق بالوافد الحزبي الجديد، طمعاً في أرباح سياسية أو غير ذلك، والتي قد تمنحها دوائر القرب من أحزاب السلطة، قبل أن تتحطم أحلامهم وانتظاراتهم على صخرة اسمها حزب العدالة والتنمية، بل واسمها الظاهرة الصوتية الشعبوية عبد الإله بنكيران، هذا الأخير الذي تم إسقاطه بإعفاء، وتم تنصيب "الصامت" سعد الدين العثماني كرئيس حكومة شرفي يمارس مهمته كهواية في أوقات الفراغ، في حين أن أخنوش ورفاقه هم الذين يحكمون خلف الستار، بعد أن فرضوا أحزاباً من أجل الاستوزار والمشاركة في الحكومة الهجينة.

نحن أمام ظاهرة تمثل الاستثناء فعلاً، لكن ليس ذلك الذي يروج له رسمياً على أن المغرب تجاوز الحراك العربي وانتقل بسلاسة ديمقراطياً، بل هو استثناء من نوع القص واللصق، أو ظاهرة "ديجا فو"، أي: في كل مرة يتم خلق شخصيات وهمية فارغة، من طرف مهندسي السياسات في الكواليس، تجند لها كل الآليات الإعلامية والمالية، مع الحرص على مجاراة الصبيب التفاعلي في كل مرة، فهل ستنجح مقامرة "أغاراس أغاراس" أم أن الحصان "الطوكار" هرم ولم تعُد له القدرة على الفوز بالسباقات؟!

وحدها انتخابات 2021 ستقرر ذلك، أو سوف "يتم" بعدها إقرار ذلك.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد