عالقون في سيناء.. صحيفة أميركية تروي معاناة 100 ألف مصري بسبب العملية العسكرية التي لم تنجح بعد

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/09 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/09 الساعة 10:18 بتوقيت غرينتش

مع تكثيف قوات الأمن المصرية حملتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في شمال سيناء، عزلت السلطات أكبر مدينة بالمنطقة، في إشارةٍ إلى احتمال انتقال محاربة الإرهابيين بالمناطق الصحراوية في شمال سيناء إلى شوارع المدينة.

ففي الأسابيع الأخيرة، منعت الدولة السكان من مغادرة أو دخول مدينة العريش دون إذنٍ خاص، وهي مدينة تضم أكثر من 100 ألف شخص، وفقاً لبيان صادر عن محافظة شمال سيناء. وأدَّى هذا القيد إلى نقصٍ بالمواد الغذائية والوقود، يصفه المدنيون في المدينة بأنَّه "حصار"، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

معركة معقدة


وتكشف هذه القيود كيف تحاول القوات المصرية الإطاحة بمقاتلي التنظيم المختبئين في المناطق الحضرية، مما يُعقِّد معركة الدولة المصرية ضد الإرهابيين في شمال سيناء.

وكان التنظيم قد نفَّذ موجةً من الهجمات الفتاكة بمصر في السنوات الأخيرة، ما شكَّل تحدياً هائلاً للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي تعهَّد بفرض الاستقرار بعد وصوله إلى السلطة في أعقاب الانقلاب العسكري عام 2013. إلا أنَّه، وقبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية، لا يزال السيسي ومساعدوه العسكريون يعانون من أجل القضاء على التنظيم المسلح، الذي قتل المئات وخلق شعوراً بعدم الارتياح تجاه حالة الأمن في البلاد.

يقول مسؤول غربي كبير في المنطقة: "هذا أحد تطورات المواجهة؛ تحوُّل الإرهابيين أو تنظيم داعش إلى المناطق الحضرية، والاختباء في مرأى من الناس بالعريش".

ويشير المسؤول -بحسب الصحيفة الأميركية- إلى تحوُّل ما بدأ من كونه مقاومة محلية في شمال سيناء إلى تنظيم داعش بعدما أعلنوا رسمياً مبايعة التنظيم في عام 2014. وأصبح ما يُسمَّى "ولاية سيناء" منذ ذلك الحين، أحد أكثر فروع التنظيم فتكاً خارج مقره في العراق وسوريا. وقتل التنظيم مئات من الجنود والمدنيين، من ضمنهم مسيحيون وسياح أجانب.

وفي الآونة الأخيرة، قام المسلحون -الذين تمركزوا منذ فترةٍ طويلة بالمناطق النائية في الصحراء المحاذية للحدود المصرية مع إسرائيل وغزة- بعددٍ من الهجمات داخل العريش. شملت تلك الهجمات سطواً مصرفياً، واعتداء على مطار المدينة في أثناء زيارة قام بها وزيرا الدفاع والداخلية المصريان في ديسمبر/كانون الأول 2017.

وفي أعقاب الهجوم الذي قَتل فيه مسلحو التنظيم أكثر من 300 شخص في مسجدٍ بالمنطقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حثَّ السيسي الجيش على استخدام "القوة الغاشمة" لتأمين شمال سيناء. وفي فبراير/شباط 2018، أطلق الجيش المصري ما سماه "عملية سيناء الشاملة" ضد المسلحين.

يطالبون بتمديد العملية


وتشير الصحيفة إلى أن هناك إشارات على أنَّ العمليات ضد المقاتلين المختبئين في المناطق الحضرية قد أبطأت الحملة العسكرية الحالية. وطلب مؤخراً، رئيسُ أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمد فريد حجازي، من السيسي إلغاء مهلة الأشهر الثلاثو التي فرضها من أجل فرض الاستقرار في شمال سيناء، متحججاً بالتحدي الذي يُشكِّله القتال في المناطق السكنية. وقال: "نريد حماية السكان بسيناء".

يقول سكان سيناء إنَّهم تعرضوا للتهميش سياسياً واقتصادياً على مدى عقود من جانب الحكومة المركزية. لكنَّ العملية الأمنية الحالية عطَّلت حياة المدنيين على مستوى غير مسبوق، بحسب سكان ومسؤولين محليين.

ففي العريش والمدن الأخرى، أُغلِقت المدارس، وفرضت الدولة حظراً للتجوال بدءاً من الساعة السابعة مساءً إلى السادسة صباحاً. وبمركز المنطقة، تتجمَّع في أحيانٍ كثيرة حشود كبيرة في انتظار إمدادات الطعام الحكومية، حسب قول السكان. ولقي شخصٌ واحد على الأقل، مصرعه في الفوضى الناجمة عن ذلك التجمع، وفقاً لرسالة أرسلها اثنان من أعضاء البرلمان في شمال سيناء إلى وزارة الدفاع.

وقال أحد سكان شمال سيناء، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته؛ خوفاًٍ من ملاحقة قوات الأمن: "الناس هنا متشائمون؛ لأنَّهم يشعرون بأنَّه لا يوجد أحد يتضامن معهم على المستوى الإنساني".

وحتَّى أولئك الذين يدعمون بقوةٍ، حكومة السيسي والقوات المسلحة، يشعرون بالقلق من العزلة المفروضة على مدينة شمال سيناء. فقال عضو البرلمان حسام الرفاعي، إنَّه في حين يؤيد العمليةَ العسكريةَ ضد داعش، فإنَّه يطلب من السلطات تخفيف القيود على الحركة والتنقل، قائلاً: "بعض الناس عالقون في محافظات أخرى، بينما يريد آخرون بشمال سيناء السفر إلى عائلاتهم".

علامات:
تحميل المزيد