رحلة استمالة الحلفاء.. بن سلمان يواجه فتوراً غربياً وسيحظى بفرصة نادرة لمقابلة الملكة، ومحادثات مع قيادات كنسية ستظهره متسامحاً

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/06 الساعة 07:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/06 الساعة 07:34 بتوقيت غرينتش

يسعى الأمير محمد بن سلمان، في أول جولة خارجية يقوم بها منذ أصبح ولياً للعهد في السعودية، لإقناع حلفائه في بريطانيا والولايات المتحدة، أن أسلوب الصدمة الذي اتَّبعته المملكة في تطبيق الإصلاحات قد جعل من بلاده مكاناً أفضل للاستثمار، ومجتمعاً أكثر تسامحاً.

لكن هذه المهمة قد لا تكون يسيرة.

فقد حصل الأمير محمد، الذي يبدأ محادثاته في لندن يوم الأربعاء، 7 مارس/آذار 2018، على إشادة من الغرب، بسعيه لتقليل اعتماد بلاده على النفط ومعالجة فساد مزمن، وتغيير صورة الإفراط في التزمّت التي التصقت بالمملكة.

غير أن هِمم بعض المستثمرين فترت من شدة الحملة على الفساد، والسرية التي اكتنفتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أن عزل الأمير محمد ابن عمه من ولاية العهد، في انقلاب قصر خلال يونيو/حزيران الماضي.

الحماسة تتراجع تجاه أرامكو


ورغم أن لندن ونيويورك تتنافسان على استضافة الطرح الأولي العام الجزئي لأسهم شركة أرامكو، عملاق صناعة النفط في السعودية، فقد ضعفت الحماسة التي تبديها بعض قيادات الأعمال في الغرب، رغم أهمية العقد، بفعل هواجسها فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وغياب القيود عن السلطة التنفيذية في السعودية.

وقالت جين كيننمونت، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في تشاتام هاوس: "المستثمرون مفتونون بمشروع الإصلاح الذي يتبنَّاه الأمير محمد، وسيكون الاهتمام هائلاً بالاستماع لآرائه، غير أن الغموض لا يزال قائماً".

وحذَّرت ريتشل ريفز رئيسة لجنة الأعمال ذات النفوذ الواسع في البرلمان البريطاني، من المخاطرة بسمعة بريطانيا كمركز مالي، من خلال التخفيف من قواعد حوكمة الشركات من أجل ضمان الفوز بطرح أرامكو.

وقالت إن ذلك قد "يضرّ في النهاية بقدرتنا على جذب الاستثمار الأجنبي".

وكان الأمير محمد دافع عن الحملة التي شنَّتها المملكة، في نوفمبر/تشرين الثاني، وأوقفت فيها عشرات من كبار رجال الأعمال والأمراء ووصفتها بأنها ضرورية لمكافحة "سرطان الفساد".

وقد أُخلي سبيل معظم الموقوفين، وتقول السلطات إنها توصلت إلى ترتيبات تحصل الدولة بمقتضاها على أصول تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار.

لقاء مع الملكة


من المؤكد أن الأمير الشاب الطموح، البالغ من العمر 32 عاماً، سيُكرر رسالته في محادثاته في بريطانيا مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي، عندما يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته للولايات المتحدة، في 19 مارس/آذار.

كما سيعقد الأمير محمد لقاءً نادراً مع الملكة إليزابيث، وسيحضر مأدبة عشاء مع الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، بعد وصوله قادماً من مصر.

وسيُتابع المستثمرون عن كثب أي زيارة قد يقوم بها الأمير إلى بورصة لندن للأوراق المالية، وكذلك بورصة نيويورك للأوراق المالية فيما بعد، بسبب احتمال قيد أسهم أرامكو في أي منهما، وهو الأمر المتوقع أن يتم في وقت لاحق من العام الجاري.

وقالت مصادر مطلعة على ترتيبات الرحلة لرويترز، إن محادثات مع قيادات دينية في بريطانيا، من بينها كبير أساقفة كانتربري، رأس الكنيسة الإنكليزية، تتيح للأمير محمد فرصة لظهور المملكة في صورة أكثر تسامحاً.

وبموجب الإصلاحات التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بولي العهد، شهدت المملكة تخفيف القيود الاجتماعية، مثل حظر دور السينما وقيادة النساء للسيارات. وقد وعد الأمير بالعمل على نشر الاعتدال الإسلامي.

وقالت مصادر بريطانية وسعودية، إن من الممكن إبرام صفقات مع مجموعة (بي.إيه.إي سيستمز) البريطانية للصناعات الدفاعية، وشركة (إم.بي.دي.إيه) الأوروبية لصناعة السلاح، ومن المحتمل إبرام اتفاقات أولية في مجالات التنقيب عن الغاز والبتروكيماويات والصناعة.

ولم تذكر المصادر أيَّ تفاصيل عن الصفقات المحتملة.

وأشاد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بالروابط الأمنية مع "واحد من أقدم أصدقاء بريطانيا في المنطقة"، وذلك في مقال صحفي الأسبوع الماضي، أشاد فيه بالإصلاحات التي ينفذها الأمير محمد.

غير أن جماعات حقوقية ونواباً معارضين انتقدوا دعم بريطانيا للأمير، لاسيما الموافقة على مبيعات أسلحة قيمتها 4.6 مليار جنيه إسترليني (6.37 مليار دولار) للسعودية منذ بدء حرب اليمن.

وتعتزم جماعات حقوقية وجماعات مناهضة للحرب تنظيم احتجاج خارج مقر رئاسة الوزراء في داوننج ستريت يوم الأربعاء.

وقال جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال المعارض "على تيريزا ماي أن تنتهز هذه الزيارة لإعلان أن المملكة لن تزود السعودية بالسلاح بعد الآن ما دام القصف المدمر بقيادة السعودية لليمن مستمراً، وأن توضح معارضة بريطانيا الشديدة لانتهاكات حقوق الإنسان والحقوق المدنية في السعودية".

جولة استثمارية أميركية


يعقد الأمير محمد محادثات مع ترامب قبل التوجه إلى نيويورك وبوسطن وهيوستون وسان فرانسيسكو، لحضور اجتماعات مع قيادات الصناعة، في إطار سعيه لدعم الاستثمارات والتأييد السياسي من أوثق حلفاء المملكة في الغرب.

وقال مصدر في واشنطن، إن عشرات من كبار المديرين التنفيذيين في السعودية سينضمون إليه في استكشاف الفرص الاستثمارية في المملكة، لاسيما في مجالات التكنولوجيا والترفيه والسياحة.

وقال مصدر بصناعة الطاقة النووية، إن المحادثات ستتناول عرضاً أميركياً لبناء محطتين نوويتين في السعودية، واتفاقاً للتعاون في مجال الاستخدامات المدنية للطاقة النووية، يتعين إبرامه من أجل هذا الغرض.

وتريد الرياض تنويع مصادر الطاقة، بما يمكنها من زيادة صادراتها من النفط الخام، بدلاً من حرقه لتوليد الكهرباء.

غير أنها رفضت في السابق توقيع أي اتفاق، من شأنه أن يحرمها من إمكانية تخصيب اليورانيوم مستقبلاً.

وقال مسؤول أميركي كبير، إن جدول الأعمال السياسي في واشنطن سيتضمن مسعى جديداً لإنهاء نزاع بين حلفاء الولايات المتحدة العرب، أدى إلى عزل قطر واتهامها بدعم الإرهاب.

ومن المرجح أيضاً أن يُكرِّر ولي العهد في كلٍّ من واشنطن ولندن وجهة النظر السعودية، بأنه يجب عدم الوثوق بإيران، خصم المملكة على المستوى الإقليمي، فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

وبمقتضى الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع القوى العالمية في العام 2016، وافقت طهران على الحد من برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

تحميل المزيد