أبدى العديد من الإعلاميين والصحفيين المصريين انزعاجهم من احتجاز الإعلامي الموالي للحكومة خيري رمضان لفترة وجيزة في أحدث مثالٍ على تكثيف القمع على وسائل الإعلام قبل الانتخابات الرئاسية في مصر.
وتقدمت وزارة الداخلية المصرية بشكوى ضد خيري رمضان، مقدم البرامج صاحب التاريخ الطويل في تأييد الحكومة، ما أجبره على تسليم نفسه للمحققين في عطلة نهاية الأسبوع.
اتُّهِم رمضان بنشر "أخبار وبيانات كاذبة بحق هيئة الشرطة على نحوٍ يمثل إساءة لها"، وذلك بعد تقديمه حلقة من برنامجه "مصر النهارده" الذي يُذاع على قناة تلفزيونية حكومية، أظهرت زوجة عقيد في الشرطة وهي تشتكي من تدني أجور قوات الشرطة.
وأُطلِق سراح خيري رمضان أمس الإثنين 5 مارس/آذار بكفالة 10 آلاف جنيه مصري، وفقاً لما قاله محاميه طارق الخولي. لكن لم تُسقَط الدعوى، ويمكن أن يقدم النائب العام طعناً في قرار إطلاق سراحه.
وانتقد الإعلامي المصري المقرب من السلطات عمرو أديب ما حدث مع رمضان وقال "أديب"، في برنامجه "كل يوم"، مساء الإثنين، إنه "من المفترض بعد ثورتين أن يشعر الناس بالأمان في التعبير عن اَرائهم بكل حرية دون خوف بعيداً عن النيل من الجيش والشرطة وعدم استغلال الموقف والتجاوزات بالشتائم والألفاظ النابية ضد الدولة ومؤسساتها".
وأضاف أن "الإعلام المصري هو من وقف في صف الدولة المصرية ضد الإخوان"، متسائلًا: "ماذا لو اتفق هذا الإعلام مع الإخوان قبل 30 يونيو، كيف سيكون الوضع الحالي للوطن؟ النهارده بقينا كلنا إخوانجية ومطبلاتية وضد البلد، إنتو نسيتونا، لا اللي وقف مع البلد نفع ولا اللي وقف ضدها نفع، طيب قولوا لنا مين اللي نفع".
وتابع: "ليه المجتمع ده بياكل عياله؟ وما هو الداعي للتوحش؟ ولما إحنا من جوانا نقطع بعض هنوصل لإيه؟
تصعيد ضد الصحفيين
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية أن قضية رمضان تأتي وسط مناخٍ من التشديد المتزايد على الصحفيين، واتهامات متكررة بنشر "أخبار كاذبة" للصحفيين الأفراد ووسائل الإعلام ، حتى تلك التي تُورِد تقارير لصالح الحكومة.
ويُتوقَّع أن يفوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها بين 26 – 28 مارس/آذار أمام المنافس الوحيد موسى مصطفى موسى الذي كان في ما سبق داعماً لحملة السيسي، قبل أن يدخل سباق الانتخابات في اللحظة الأخيرة. وقد مُنِع خمسة مرشحين طامحين للرئاسة من دخول الانتخابات.
وأثارت الاتهامات الموجهة إلى رمضان انتقاداً وجهته أصوات أخرى توالي الحكومة عادةً. إذ قال مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، متحدثاً في برنامج تقدمه مقدمة البرامج الموالية للحكومة لميس الحديدي: "ما الذي فعله خيري رمضان؟ لقد أخطأ واعتذر. أُغلِقت القضية.. بفعلنا لهذا فإنَّنا نخبر الناس ألا يفكروا وألا يبادروا".
وأضافت لميس الحديدي: "ربما كان خيري رمضان أكثر صحفي دافع عن وزير الداخلية من بيننا جميعاً".
وكان النائب العام المصري، نبيل صادق، قد طالب سابقاً العاملين في جهازه بمراقبة التقارير الإخبارية عن مصر، مُشجِّعاً المحامين العامين ورؤساء النيابات العامة على المبادرة بتقديم دعاوى ضد الصحفيين الذين يعتقد أنَّهم ينشرون أخباراً كاذبة. وقال إنَّ "قوى الشر تحاول النيل من أمن وسلامة الوطن ببث ونشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية".
واحتجزت الشرطة الأسبوع الماضي المراسلة مي الصباغ والمصور أحمد مصطفى لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق بسبب اتهامات محتملة بـ"نشر أخبار كاذبة تهدد الأمن العام" بعدما صورا تقريراً صحفياً عن تاريخ الترام في مدينة الإسكندرية الساحلية.
وصرَّح محمد كامل، العضو في مجلس نقابة الصحفيين: "لا يمكن أن يكون المناخ أسوأ. هذا مخيف".
لكنَّ عمرو أديب وزملاءه تجاهلوا بحسب الغارديان الحديث عن القمع الممارس على وسائل الإعلام الأجنبية.
فحتى قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، صنَّفت منظمة مراسلون بلا حدود، التي تنشد حرية الصحافة، مصر "إحدى أكبر سجون الصحفيين في العالم"، وأضافت: "تفرض ترسانة من القوانين التشريعية القاسية تهديداً إضافياً لحرية الإعلام".