خطاب عباس.. لا جديد في حضرة الأقوياء

وهنا بدأ رئيس السلطة محمود عباس الذي دخل كل جولات الصراع مع الاحتلال فارغاً من أي قوة حقيقية تقوي موقفه، خطابه بلهجة الاستجداء (نرجو منكم مساعدتنا)

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/27 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/27 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش

يصر بطل مسلسل (التفاوض هو الخيار الوحيد) على السير في سفينة خرقها الإسرائيليون خرقاً يتحكمون من خلاله في منسوب المياه التي تدخلها كي تبقى تائهة تبحث عن مرفأ، فلا هي أغرقتها، ولا أوصلتها إلى بر الأمان.

أمام اجتماع الدورة (72) للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ حيث الكلمة الأولى والنهائية لصاحب القوة، وليس لصاحب الحق مهما بلغ من الفصاحة والبيان، اجتمع الكبار مع الصغار، ليَسمعوا من بعضهم ويُسمعوا بعضهم، حول قضايا من العيار الثقيل، فأدلى كل كبير بدلوه وألقى أوامره، وأتاح المجال للضعفاء كي يفضفضوا.

وهنا بدأ رئيس السلطة محمود عباس الذي دخل كل جولات الصراع مع الاحتلال فارغاً من أي قوة حقيقية تقوي موقفه، خطابه بلهجة الاستجداء (نرجو منكم مساعدتنا)، وبدأ بسرد المعاناة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال (والتي يعرفها كل المستمعين؛ لأن نصفهم ساهموا في صناعتها واستمرارها) من هجرة ولجوء وحروب ودمار، ثم بدأ يشتكي من ممارسات إسرائيل التي تنكرت لعملية السلام، واخترقت كل ما تم التوقيع عليه ولم تعطِ السلطة أي سلطة، وإزاء ذلك دعا إلى (تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم حسب اتفاق أوسلو، وتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة، مع توفير الضمانات للتنفيذ).

وتعهد قائلاً بأنه (خلال الفترة القادمة، سنكثف جهودنا للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والعمل على تأمين الحماية الدولية لشعبنا)، ولأن الوضع لم يعد يحتمل كما قال، دعا الى (عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام 2018، يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، ويتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الطرفين المعنيين، والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية، على غرار مؤتمر باريس للسلام أو مشروع المؤتمر في موسكو، كما دعا له قرار مجلس الأمن 1850).

من يتأمل خطاب عباس لا يجد فيه جديداً، فهو قد كرر ما سبق وقاله في اجتماعات سابقة، وهذا التكرار الممل، يفتح في النفس شهية طرح أسئلة كثيرة جداً، لماذا يصر عباس على الدوران في دائرة مفرغة رغم أن شجرة المفاوضات أكلت من عمر القضية أكثر من عشرين عاماً دون أن تقطف ثمار حلوة منها؟ ورغم أن هيبة القضية الفلسطينية ضاعت في زحمة اللهات خلف تنفيذ ما تطلبه إسرائيل وبلا تردد؟

ورغم أن فلسفة المفاوضات ما قتلت ذبابة، ولا أخرجت من السجن أسيراً، أو أعادت لاجئاً إلى قريته، ولا أزاحت حاجزاً عن موقعه، ولا صدت جموع المغتصبين من اقتحام البلاد وإهانة العباد؟ وهذا اعترف به كبير المفاوضين صائب عريقات.

وبرغم أن السلطة قدمت كل ما يلزم منها وبزيادة وكان كل ما قدمته على حساب القضية الفلسطينية، فإن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني بانون وصف خطاب عباس بأنه ( مليء بالأكاذيب ويزيد الكراهية، وأن القيادة الفلسطينية تتملص من السلام بشكل منظم)، وقال لعباس: (لست جزءاً من الحل وإنما المشكلة).

وهنا أستحضر قول الله عز وجل: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد