صرخات الاستغاثة في البرازيل تعيد الأنظار إلى مؤشرات التنمية في العالم

كلما تمر الأيام والسنون على أبناء الشعوب وهم يعيشون واقعاً مريراً سببه قلة الاهتمام بسبل العيش الكريم، التي تتركز عليها مفاصل حياتهم، فترى بعضهم يغور في ميادين العمل ولا يعود بالمساء إلا بما يعينه على سد رمق عيشه وقوت نفسه ومن يعول، وترى بعضهم يسارع في ملء حصالته الشهرية، ولكن بمجيء شدة تلم به أو عيادة لطبيب تذهب بكل ما استطاع أن يلملمه من عناء ذلك الشهر.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/23 الساعة 01:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/23 الساعة 01:19 بتوقيت غرينتش

كلما تمر الأيام والسنون على أبناء الشعوب وهم يعيشون واقعاً مريراً سببه قلة الاهتمام بسبل العيش الكريم، التي تتركز عليها مفاصل حياتهم، فترى بعضهم يغور في ميادين العمل ولا يعود بالمساء إلا بما يعينه على سد رمق عيشه وقوت نفسه ومن يعول، وترى بعضهم يسارع في ملء حصالته الشهرية، ولكن بمجيء شدة تلم به أو عيادة لطبيب تذهب بكل ما استطاع أن يلملمه من عناء ذلك الشهر.

وترى بعضهم يعيش في بحبوحة مالية ويستطيع سد رمق نفسه وعائلته، لكن في لحظة إجرام وطيش من بعض التائهين في البلاد يسقط هذا البناء وينهار بسبب الخاطفين أو القتلة، والأدهى من ذلك أنه يقع أمام أنظار السائرين معه في المدينة دون ما ينطق لأحدهم ببنت شفة.

هذه المآسي التي يمر بها أو ببعضها شعوب البلدان حول العالم إنما هي صورة واقعية لشدة معاناة الطبقات الوسطى والفقيرة منهم، والذين تعتبر حياتهم مهددة بالفقدان والضياع في أي ساعة أو لحظة من نهار أو ليل.

هذا كله نتيجة السياسة الخاطئة لإدارة ملفات هذه الشعوب التي وضعت نفسها تحت عاتق حماية وإدارة من يتكفل بمهام مسؤولياتها.

وبما أن الشعوب تعيش في بلدانها مرهونة بمستوى الحجم الاقتصادي للبلد وقدرته الإنتاجية المتعلقة بتوفير أسباب العمل الناجح في تلك البلدان، والذي يعتبر من أهم أسباب زيادة العائد الإنتاجي للفرد والمجتمع ككل، إضافة إلى مستوى ثقافة ووعي شعوبهم.

كل هذه الأسباب وأكثر تتجمع وتتضح أكثر لنا من خلال دراسة واقع الأمم والشعوب عن طريق مؤشر مهم جداً في حياتها، في كثير من الأحيان نتغاضى عنه، والكثير منا لا يهتم به، وهو مؤشر التنمية البشرية HDI الذي تتضح في نتائجه ثلاثة عناصر رئيسية (المستوى المعيشي اليومي للفرد في المجتمع، وقدرته على السكن والعيش بشكل مستقل، وإمكانية الحفاظ على صحته وسلامة فكره وتعليمه)، فنجد فيه فارقاً كبيراً بين بلدان العالم، فمنها القادر على أن يبعث بشعبه زيادة قدراته بالإنتاج، ومنها من يقصر في ذلك لشعبه للوصول إلى أدنى مستويات العيش الرغيد، بسبب قلة موارده أو تقصيره الشديد في تحسين خطط الإنتاج والاستثمار في البلد.

ويلعب هنا دور الفساد فهو عامل كبير لإنجاح الجهود أو فشلها، والذي يترتب عليه مكافحة هذه الآفة في البلدان.

مثالنا هنا دولة البرازيل و
التي تعالت منها صرخات الاستنجاد مؤخراً بالقوة لتخليص شوارعها من أخطر المجرمين، وانتشر على أثر هذه الحالة الجيش في شوارع العاصمة لحدث هو الأول من نوعه بعد استقلال البرازيل.

والذي أريد أن أشير إليه أن مؤشر هذه الدولة التي غابت عن ملفات وتقارير التنمية البشرية لعدة سنوات قد أصبح ضعيفاً جداً، بالمقارنة مع الدول التي تمتلك مؤشرات عالية؛ حيث كان الفارق في المقياس هو 0.2 لعام 2012 عن مؤشر أفضل دولة في مجال التنمية البشرية، وهي النرويج والتي بلغت 0.9 تقريباً ولحد الآن.

ومن هنا يتبين أن هذين العُشرَين في المؤشر انعكس بالشكل السلبي المدمر لواقع وسلامة حياة عاصمة البرازيل، ولم تهتم الجهات الإدارية المسؤولة عن ملف البرازيل شعباً وحكومة عن هذا الانحدار، فوصل بعد هذه الأعوام إلى انهيار الشارع البرازيلي قبل أيام، وفي بداية 2018.

من هذه الفكرة نرى أنه كيف سينعكس واقع الحال على حياتنا في بلداننا، والتي لا تهتم بهذه المعايير أصلاً ولا بمسبباتها إذا ما تيقنا أن مؤشراتنا منخفضة جداً.

وهذا المؤشر المتدني في مقياس التنمية البشرية في العالم إنما هو دليل ضعف إدارة الدول لحق الشعوب في أن تعيش في أمان وحياة كريمة من مسكن ومأكل ومشرب وصحة.

ربما سيكون الجواب:
إننا إذاً في مستقبل مجهول، ولكننا في التنمية البشرية نسعى دائماً إلى أن يكون الطريق مفتوحاً لسبل النجاة غير مغلق، وعليه نشيد بكافة من يمتلكون القدرة على اتخاذ القرار وتأثيره في بلداننا أن يهتموا بتنمية شعوبهم وعيشهم بحياة رغيدة كريمة بحقهم، ولنقلل من صرخات الاستغاثة حول العالم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر ش تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد