في اليمن مأساة إنسانية

نحن اليمنيين بتنا نطمح لأن نعيش حياة عادية وبسيطة، خالية من أي مظاهر للترف والعيش الرهيف، المهم أن تذهب الحرب إلى غير رجعة.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/18 الساعة 04:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/18 الساعة 04:29 بتوقيت غرينتش

أن تكتب عن اليمن، فأنت تكتب عن أكبر مأساة يشهدها العالم، فـ"الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني في الوقت الراهن تبدو كالحال في يوم القيامة"، على حد وصف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.

التوصيف حقيقة وواقع معاش أكثر من كونه وصفاً مجازياً. والعبارة تلخص حالة البؤس ومجهولية المصير، وفوضوية المشهد وتعقيداته.

الناس هنا يعيشون حياة، الموت أفضل منها. ذلك أن أبسط الخدمات الأساسية غير متوفرة، وإن توفرت فهي لا تكفي لسد الاحتياجات اليومية.. فإذا تحدثنا بلغة الأرقام فإن ما يقارب من 22.2 مليون شخص من أصل 25 مليوناً، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، بزيادة قدرها 3.4 مليون عما سجل في عام 2017.

ولا يقتصر الأمر على انعدام الاحتياجات الأساسية، فعلى كافة الصعد يعيش اليمنيون جحيم المعاناة.. وهو ما لخصته صحيفة لو منتسيان السويسرية -طبقاً للوطن القطرية- إذ وصفت الوضع بالكارثي، وأنه "يمثل سبة في جبين الإنسانية".

قبل عام أطلقت الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية لجمع 2.3 مليار دولار، ولم تتلقَ سوى مليار دولار، وهذا يعني أن القطاعات التي تستهدفها الخطة لم تتلق المخصصات الكافية لإنعاشها.

واليوم وبعد مرور سنة، يُطلق النداء من جديد، لتمويل خطة إنسانية بمبلغ 2.96 مليار دولار، "وهو أكبر نداء تطلقه الوكالات الإنسانية لليمن".

تكتفي الأمم المتحدة بإطلاق النداءات، وإصدار تقارير عن خطورة الوضع، فقط، من أجل ترميم صورتها المشوهة، أمام الرأي العام. دون أن يرافق ذلك تحركات جدية على المسار السياسي، كأن تضغط -مثلاً- على أطراف الصراع للجلوس على طاولة المفاوضات، وإلزامهم بضرورة اتخاذ إجراءات تنم عن حسن نية بغية التمهيد لحل سياسي.

المنظمات التابعة للأمم المتحدة تمارس عملها في اليمن بطريقة لا نستطيع أن نقول إنها نزيهة وحيادية، بقدر استطاعتنا القول إنها منحازة ومتواطئة.

ونأمل أن تلتزم بمبادئ العمل الإنساني، في مزاولة مهامها.

التحالف العربي يمارس الخبث في سياساته، وتحركاته على الأرض تشي بعدم حرصه على وضع حد للحرب.. هو لا يكترث لما آلت إليه الأوضاع، ولا يستشعر معاناة شعب سئم الدمار ومل الحرب، والتي لم تحقق أي نتائج مفيدة للمواطن اليمني.

مطلوب من المجتمع الدولي أن يتعاطى بجدية وفاعلية مع الأزمة الإنسانية، وأن يعمل لما من شأنه الحد من تفاقم الوضع أكثر مما هو عليه الآن.

فالشعب لم يعد يستحمل مزيداً من البؤس والأسى. وعلى دول التحالف أن توقف عبثها، وتنظر للوضع من زاوية إنسانية لا عسكرية.

ونتمنى من أطراف الصراع المحليين، واستشعار خطورة الوضع، والاستماع لصوت الضمير الإنساني، وفتح صفحة جديدة، بغية تجاوز حالة الصراع المدمر لحاضرنا ومستقبلنا.

فنحن -اليمنيين- بتنا نطمح لأن نعيش حياة عادية وبسيطة، خالية من أي مظاهر للترف والعيش الرهيف، المهم أن تذهب الحرب إلى غير رجعة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد