جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية للحرب

يعد التهديد الذي يطال الجبهة الإسرائيلية الداخلية، العسكرية والمدنية معاً، في ضوء المعطيات الجيو- استراتيجية التي تعيشها إسرائيل، ومن القدرة التي باتت تمتلكها قوى المقاومة للمس بالأهداف على أراضيها، كابوساً يؤرق دولة الاحتلال.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/17 الساعة 02:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/17 الساعة 02:23 بتوقيت غرينتش

يعد التهديد الذي يطال الجبهة الإسرائيلية الداخلية، العسكرية والمدنية معاً، في ضوء المعطيات الجيو- استراتيجية التي تعيشها إسرائيل، ومن القدرة التي باتت تمتلكها قوى المقاومة للمس بالأهداف على أراضيها، كابوساً يؤرق دولة الاحتلال.

لقد باتت الجبهة الداخلية الإسرائيلية عرضة لجملة من التهديدات، لا سيما الصواريخ دقيقة التصويب ومن أكثر من جبهة، فطبيعة التهديدات على الجبهة الإسرائيلية الداخلية، تغيرت خلال السنوات الأخيرة، ولم تعد صورة الماضي ذاتها، علماً بأن طبيعة البيئة الجيو-استراتيجية التي تعاني منها إسرائيل لم تتغير بصورة مبدئية، لقد تكيف الجيش الإسرائيلي وفقاً للنظرية الأمنية التي صاغها ديفيد بن غوريون والمتمثلة باستخدام وسائل الهجوم والتركيز عليها، هذا وجد تعبيره الواضح عبر الأسس المعلنة للنظرية الأمنية والقوة العسكرية، التي اتبعها الجيش منذ بداياته الأولى، ففضل الجيش الإسرائيلي انتهاج الوسائل الهجومية للتهديدات المحيطة به، خاصة على الجبهة الداخلية، بدلاً من الوقوف في حالة الدفاع عنها.

إسرائيل ليس لها عمق استراتيجي، وذلك يشكل نقطة ضعف عند الخطر، فأكبر عرض لإسرائيل في وسطها يقدر بـ17 كم، وعرضها في الشمال 7 كم، وعرضها في الجنوب 10 كم، فلا خيار أمام الجبهة الداخلية في إسرائيل عند الضغط العسكري إلا الفرار من إسرائيل بشكل كامل حيث لا يوجد (عمق استراتيجي) أو مكان آمن في إسرائيل، خاصة بعد تعدد الجبهات وتطور القدرات والإمكانات العسكرية التي تمتلكها قوى المقاومة.

وكان نفتالي بينيت، وزير التربية والتعليم، تحدث، خلال مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي، إن أي حملة عسكرية جديدة ضد لبنان سوف تضر بالجبهة الداخلية بشكل لم يرَه الإسرائيليون، وتشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن المقاومة الفلسطينية في حال اندلاع الحرب في قطاع غزة أو المقاومة اللبنانية في حال اندلاع الحرب بالشمال، ستطلق آلاف الصواريخ يومياً على إسرائيل، مشيرةً إلى أن أجهزة النظام الدفاعي مثل القبة الحديدية وغيرها قد لا تكون كافية لتوفير حل كامل للجبهة الداخلية.

وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية كشفت مؤخراً، أنه قد تم تحصين 10% فقط من بين 150 من مرافق البنية التحتية المعرضة لمخاطر عالية حال اندلاع حرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

وفي نهاية 2016 نشر تقرير لمراقب دولة الاحتلال عن وضع الجبهة الداخلية قيل فيه إن إسرائيل غير جاهزة كما ينبغي لسيناريو إطلاق عشرات آلاف الصواريخ عليها، وإن أكثر من مليوني نسمة يوجدون بلا تحصين مناسب، على المستوى السياسي قال التقرير: إن الصلاحيات لإعداد الجبهة الداخلية لم تترتب بين الوزارات الحكومية المختلفة، وإن هناك مواضيع عديدة تسقط بين الكراسي، وفجوات التحصين بقيت واسعة، ويتطلب التغيير في هذا الموضوع استثماراً كبيراً جداً، والتقدير هو أن استكمال خطة التحصين الكامل في الشمال تحتاج إلى ميزانية 3 – 6 مليارات شيقل، عملياً، خصص لها للسنة الحالية 150 مليون شيقل.

تركز خطة قيادة الجبهة الداخلية على البلدات التي توجد على مسافة 0 – 40 كم من تهديد الصواريخ، وتفحص قيادة الجبهة الداخلية، تهيئ وتقرر مستوى أهلية كل سلطة محلية وفقاً لـ11 معياراً، قررها قائد الجبهة الشمالية تمير يداعي، وتتضمن مستوى جاهزية أجهزة الإنذار المبكر، آلية القيادة والتحكم في السلطة تكون جاهزة للحظة الطوارئ، مستوى التحصين، الإعلام والإرشاد للجمهور وتنظيم شبكة المتطوعين على أساس السلطة المحلية إضافة لقوات قيادة الجبهة الداخلية.

كما أشار المحلل العسكري رون بن يشاي إلى أن التقدير في المؤسسة الأمنيّة "الإسرائيلية" أن الإيرانيين وشركاءهم، غزة وحزب الله وسوريا، يمكنهم التسبب بوقوع خسائر وأضرار للجبهة الداخلية والعسكرية في "إسرائيل" بحجم أكبر مما كان يمكن أن يسبِّبوهُ لنا قبل سنوات.

من الواضح أن التهديد على الجبهة الداخلية "الإسرائيلية"، سيكون أخطر بكثير، في أي مواجهة قادمة، والسبب الأساسي لذلك ليس زيادة كميات الصواريخ وقذائف الهاون، التي يمكن أن تسقط على "إسرائيل"، بل الفعالية القاتلة لهذه النيران، والتي ستسقط ليس فقط من غزة ولبنان بل أيضاً من سوريا، نتيجة لذلك، الخسائر والأضرار التي ستلحق بالجبهة الداخلية المدنية والعسكرية لـ"إسرائيل" قد تزيد مئات الأضعاف.

ويشير "بن يشاي" إلى الخلفيات التي تقف خلف مطالبة ليبرمان بزيادة 4.8 مليار شيقل إلى الموازنة الأمنية، هي عبارة عن تطورات استراتيجية حصلت في السنتين الأخيرتين وهي تؤثر سلباً على وضعنا الأمني، التطور الأول هو "التحول في الدقة" التي يسعى الإيرانيون إلى إدخالها على جميع عناصر النيران التي ينوون مع حلفائهم إطلاقها على اسرائيل، الإصابات المباشرة على عدد من "الأهداف النوعية" ستسبب بوقوع عدد كبير من الخسائر والأضرار الاستراتيجية العسكرية أو المدنية بمئات أضعاف ما تسببه آلاف الصواريخ غير الدقيقة.

التطور الاستراتيجي الثاني الذي نشهده هو الحلبة السورية التي أضيفت ضدنا إلى الجبهة الشمالية، إننا نتوقع أن نرى في الحرب القادمة عملاً منسقاً ضدنا من قِبَل جهات إيرانية، سورية ولبنانية ومن غزة وسيطلقون النيران على وسط تل أبيب (مبنى وزارة الحرب)، المصافي وحاوية الأمونيا في حيفا وأيضاً على مئات "الأهداف النوعية" الإضافية في الداخل "الإسرائيلي".

في الخلاصة، هناك أزمة حقيقية لدى إسرائيل على هذا الصعيد، وفي المستقبل غير البعيد سيجد الجيش "الإسرائيلي" صعوبة في تشغيل الخطط العملياتية والهجومية التي بلورها في البر والبحر، بقوة وبنجاعة كاملة، بهدف إسكات أو تقليص إلى حد كبير الخسائر والأضرار التي ستلحقها قوى المقاومة بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، وذلك أن الفجوات في تجهيز الجبهة الداخلية لإسرائيل للحرب لا تزال واسعة جداً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد