هل تساعد الضربات الجوية الإسرائيلية الرئيس المصري في إحكام سيطرته على سيناء؟ وهذا ما دفع تل أبيب للتدخُّل

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/07 الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/07 الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش

تقصف إسرائيل سيناء جواً، بناءً على الضوء الأخضر الذي أعطته لها الإدارة المصرية. وبالطبع، لا يتم ذلك بصورة رسمية، إلا أن المصريين على يقين بأن حكومتهم تعتمد لعبة مزدوجة، وذلك على حد تعبير الخبير في شؤون الشرق الأوسط، غيدو شتاينبيرغ.

وفي تقرر نشرته مؤخراً "نيويورك تايمز" الأميركية، أشارت إلى أنه منذ سنة 2015، أخذت إسرائيل الضوء الأخضر من الحكومة المصرية لقصف أهداف داخل شبه جزيرة سيناء.

حاول موقع "دويتشه فيله" الألماني الإجابة عما إذا كانت مصر أصبحت غير قادرة على مواجهة أزمتها مع الإرهاب بمفردها وتحتاج إلى مساعدة إسرائيل؟

غيدو شتاينبيرغ، الذي عمل مستشاراً للإرهاب الدولي في ديوان المستشار الألماني، أشار في مقابلته مع الموقع الألماني، إلى أنه منذ يونيو/حزيران 2013، وحتى بعد تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، تحارب مصر الجماعات المتطرفة وتكافح أنشطتها المتشددة في سيناء. ومنذ ذلك الحين، لا يزال الجيش المصري عاجزاً عن السيطرة على الأوضاع؛ ما دفع مصر إلى التعاون مع إسرائيل.

وأضاف: "في الوقت الراهن، تحارب إسرائيل جنباً إلى جنب مع القوات المصرية؛ من أجل القضاء على هذه المجموعات الإرهابية التي أعلنت (ولاية سيناء) تابعة لتنظيم الدولة".

تدهور الأوضاع في سيناء


ونفَّذت جماعة أنصار بيت المقدس السابقة، التي أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة، عدداً من العمليات الإرهابية بشبه جزيرة سيناء. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أعلنت هذه الجماعة رسمياً ولاءها لتنظيم الدولة.

وساءت الأوضاع الأمنية عام 2015 كثيراً في سيناء، ما استدعى تدخُّل إسرائيل؛ لشعورها بالخطر المتنامي بالقرب من حدودها.

وأشار شتاينبيرغ إلى أن التدخل الإسرائيلي في سيناء بدأ مع سيطرة التنظيم المتشدد على "الشيخ زويد" القريبة من الحدود الإسرائيلية، وكان من المحتمل حينها أن يتمكنوا من تنفيذ عمليات على نطاق أوسع وضد أهداف محميَّة جيداً. وبالفعل، استطاعت الجماعة الحفاظ على هذه المدينة فترة، وبدأت المحادثات التي جرت بين إسرائيل ومصر؛ ما أدى في نهاية المطاف إلى تدخُّل إسرائيل في سيناء.

تقاربٌ بعد انتقاد رسمي


وأشار شتاينبيرغ إلى أن مصر، التي كانت تنتقد إسرائيل رسمياً، بدأت في تقارب كبير مع إسرائيل منذ سنة 2013، خاصة أن الحكومة المصرية لا تترك مناسبةً إلا وتؤكد الجهود التي تبذلها في سبيل مكافحة الإرهاب في البلاد. وبالطبع، لا تعني الحكومة المصرية هنا تنظيم الدولة فحسب، وإنما جماعة الإخوان المسلمين كذلك. وبهذا، تستطيع الحكومة المصرية تقديم مبرر للإجراءات التعسفية المتوخاة ضد المعارضة السلمية.

وأضاف: "في الواقع، تتفق مصالح البلدين في هذا الشأن؛ لأن إسرائيل تعتقد أن كلاً من الإخوان المسلمين وتنظيم الدولة يشكل خطراً عليها".

في المقابل، يدرك الشعب المصري أن حكومتهم تعتمد معهم لعبة مزدوجة. ومن هذا المنطلق، لم يعد بإمكان الشعب المصري الاحتجاج ضد أي مسألة بالبلاد، كما كانوا يفعلون في السابق.

شتاينبيرغ، أشار إلى أن جزءاً من الاتفاق بين مصر وإسرائيل، يشمل عدم حمل القنابل والطائرات من دون طيار التي استخدمتها إسرائيل في سيناء أي علامة تدل على أنها إسرائيلية، واصفاً التعاون بين البلدين بـ"الحساس للغاية"، وأن رد فعل الشعب المصري إزاء هذا التعاون الواسع قد يكون قوياً.

وترغب إسرائيل بالوقت ذاته، في استقرار مصر بالوقت الحالي، وعدم ظهور أي معارضة سياسية جديدة، فآثرت عدم وضع أي علامات على طائراتها وقنابلها كتنازل منها للجانب المصري.

قدرات التنظيم تتراجع ولم يُقضَ عليه


واستبعد الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن تؤدي الهجمات الجوية الإسرائيلية إلى إحكام الجيش المصري سيطرته على سيناء، وقال إنه "لا يمكن أن تحقق الهجمات الجوية في أي مكان بالعالم أي إنجاز، دون أن تحرز القوات العسكرية على أرض المعركة أي تقدُّم، وأنا أشك في أن ذلك حدث بسيناء".

وأضاف: "لقد تراجعت قدرات تنظيم الدولة كثيراً، ولكن ذلك كان جراء القصف الجوي وليس بسبب تدخل القوات المصرية. وحتى الآن، لم يجد الجيش المصري أسلوباً فعالاً لمكافحة الإرهاب في سيناء".

وبحسب الخبير في شؤون الشرق الأوسط، تودي الهجمات كافة، التي ينفذها الجيش المصري، بحياة العديد من المدنيين، ما يُعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان. ويوماً بعد يوم، يزداد سخط المجتمع المصري تجاه طريقة تعامل الدولة المصرية مع سيناء. فحتى الآن، لم تتحسن الأوضاع فيها.

بالإضافة إلى ذلك، انتقلت الهجمات الإرهابية إلى داخل البلاد بصورة متزايدة منذ سنة 2016. فعلى سبيل المثال، تمكن الإرهابيون من تنفيذ عدة هجمات ضد المسيحيين، نتيجة فشل الجيش المصري في محاربة الإرهاب.

وعن تغيُّر موازين التحالفات الإقليمية في المنطقة، أشار شتاينبيرغ إلى إسرائيل والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة تُعدُّ من أهم الدول المؤيِّدة للنفوذ الغربي في المنطقة.

ومنذ يونيو/حزيران 2013، توطدت العلاقات بين هذه الدول، فقد تغيرت أولويات السعودية وشركائها العرب؛ نظراً إلى أنهم أصبحوا يخشون إيران أكثر من إسرائيل. ولهذا السبب، تعاونت هذه الدول العربية مع "العدو السابق" في المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمنية. ويوماً بعد يوم، تتحطم الحواجز التي كانت تعوق هذا التعاون في السابق.

تحميل المزيد