في مركز احتجاز إسرائيلي في صحراء النقب، يقول مهاجرون أفارقة يواجهون الترحيل، إنهم يفضِّلون السجن عن إرسالهم إلى بلد لا يعرفون شيئاً عنه.
ويقول ابدا ايشمايل، إريتري عمره 28 عاماً، متحدثاً بالعبرية بطلاقة أمام مركز حولوت، حيث يحتجز 1200 مهاجر، وتستعد السلطات لإغلاقه في الأول من أبريل/نيسان، في إطار سياسة الترحيل الحكومية، "لن أذهب هناك".
ويضيف "الأشخاص الذين كانوا هنا وذهبوا إلى رواندا وأوغندا، شاهدنا ما حلَّ بهم".
وتسعى إسرائيل لطرد آلاف الإريتريين والسودانيين، الذين دخلوها بصورة غير شرعية خلال السنوات الماضية. وأمهلتهم حتى الأول من أبريل/نيسان للمغادرة، أو مواجهة خطر السجن لفترات غير محددة.
وفيما يواجه المهاجرون الخطر أو السجن في حال عودتهم إلى بلدانهم، تعرض عليهم إسرائيل التوجه إلى دولة ثالثة لم تسمها، يقول عمال الإغاثة إنها رواندا أو أوغندا. وهناك حوافز مالية بقيمة 3500 دولار لكل شخص يوافق طوعاً على المغادرة، قبل نهاية مارس/آذار.
وأثارت الخطة انتقادات من وكالة الأمم المتحدة للاجئين، ومن البعض في إسرائيل، بينهم ناجون من المحرقة النازية، يقولون إن على إسرائيل واجب حماية المهاجرين.
ويقول الإريتريون في حولوت، إن رواندا وأوغندا لا تمثلان أي آفاق بالنسبة لهم، وإنهم يفضلون السجن في إسرائيل على خوض غمار رحلة في المجهول.
طلب اللجوء فقط
ويروي ايشمايل، الذي وصل إسرائيل في 2011 بعد رحلة مروعة من إريتريا، ما سمعه عن مصير الذين أرسلوا إلى رواندا أو أوغندا.
ويضيف إنهم عانوا من صعوبات في مساكنهم الجديدة، وسلكوا طرقاً محفوفة بالمخاطر في أوروبا، أملاً في الحصول على وضع لاجئ. ويقسم على عدم العودة إلى المجهول طوعاً.
ويقول إيشمايل "سمعنا عن أشخاص قُتلوا (على يد تنظيم الدولة الإسلامية) قضوا في طريقهم إلى ليبيا، عطشاً وجوعاً في الصحراء"، مضيفاً "كانوا يسعون لطلب اللجوء فقط".
وبالنسبة لشيشاي تويلدي مديهين (24 عاماً)، فإن رواندا وأوغندا "بلدا موت"، وإسرائيل "تعرض حياتي للخطر".
وانتقد مساعدات إغاثية، ذكرت تقارير أن إسرائيل تخطط لتقديمها لدول إفريقية لقاء استيعابها مهاجرين.
ويقول تويلدي مديهين، إنه يخطط للبقاء "إلى أجل غير مسمى" في سجن سهارونيم، حيث يتوقع إرسال المهاجرين في حال رفضهم الرحيل.
وبحسب أرقام وزارة الداخلية الإسرائيلية، هناك نحو 42 ألف مهاجر إفريقي نصفهم من الأطفال والنساء، أو رجال مع عائلاتهم لا تشملهم مهلة الترحيل في أبريل/نيسان.
ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون، أنه لن يتم ترحيل أي شخص يعتبرونه لاجئاً أو طالب لجوء.
لكن بين 15400 طلب لجوء، تمت دراسة 6600 حصل 11 منها فقط على رد إيجابي.
ومُنح ألف سوداني من دارفور وضعاً خاصاً يجنبهم الترحيل.
ويواجه رجال آخرون رُفضت طلباتهم إجراءات الترحيل.
وبدأ المهاجرون دخول إسرائيل عبر الحدود المصرية، التي كان يسهل التسلل منها في 2007. وتم تدعيم الحدود منذ ذلك الحين، لكنها لم توقف الدخول غير الشرعي.
وانتهت رحلة معظم المهاجرين في جنوب تل أبيب، حيث وجدوا عملاً كطهاة أو في غسيل الأطباق. لكن تزايد أعدادهم أغضب العديد من الإسرائيليين.
متسللون
ويعتبر بعض السياسيين المحافظين والمتدينين وجود أفارقة مسلمين أو مسيحيين تهديداً للطابع اليهودي لإسرائيل.
ويدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تكراراً لطردهم، ويصفهم "بالمتسللين".
وناصرت مجموعات حقوقية قضيتهم، وقالت إنه يتعين اعتبارهم لاجئين، وقالت إنهم يواجهون مخاطر كبيرة في حال الترحيل.
فيما يقول آخرون، إن الأوضاع في رواندا وأوغندا مقبولة، وليس من واجب إسرائيل الاعتناء بهم.
وقال وزير الداخلية ارييه درعي "سأضمن كافة الحقوق التي وعدناهم بها، وفي الوقت نفسه، سأعيد تأهيل جنوب تل أبيب".
ويسمح للمهاجرين المحتجزين في حولوت بمغادرة المركز خلال النهار.
وأثناء انتظاره حافلة أمام المركز يرى أحمد جمال (25 عاماً)، أن الخطة الحكومية حيلة من نتنياهو لتحويل الانتباه عن تحقيقات بالفساد تطاله.
ويقول بمرارة "نحن واعون لحِيَله".
ويتساءل ايشمايل بدوره، كيف يتم اعتباره مهاجراً اقتصادياً إذا كان من غير الممكن ترحيله إلى بلده الأم بسبب المخاطر هناك.
ويقول "إذا كانت الحكومة فعلاً تعتقد أنني تسللت لأكون من العمال المهاجرين، فيتعين عليها إعادتي إلى بلدي الأم".
ويفتقد كل من ايشمايل وتويلدي بلدهما، لكنهما يقولان إنهما ليس لديهما خيار سوى الفرار مما وصفوه بنظام دكتاتوري.
ويقول تويلدي مديهين "إذا كانت الأمور أحسن حالاً هناك، لن أبقى ولا دقيقة هنا. أشعر بالاشتياق لبلدي وأمي وأهلي"، مضيفاً "لم أشأ أن أكون لاجئاً".
ويؤكد أنه سيرفض المال المعروض عليه، مضيفاً "الله سيحرسني، لا أحد آخر".
ويتابع "لسنا خائفين من أي شيء. مررنا بظروف أسوأ بكثير".