السيسي والبراميل المتفجرة

الأخطر في كلامه والأكثر فجاجة، هو ربطه بين مصيره في الحكم ومصير الجيش، وهو تطوير مفزع لتهديداته السابقة التي لوَّح فيها باستخدام القوة العسكرية

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/05 الساعة 03:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/05 الساعة 03:17 بتوقيت غرينتش

بأسلوب متدنٍّ، ولغة مبتذلة، ونظرات تمتلئ رعباً.. هدد "السيسي" كعادته من منازعته في الحكم، لكن الجديد هذه المرة أنه تكلم بشكل فج وصريح عن ثورة 25 يناير، قائلاً خلال افتتاحه حقل ظهر: "ما حدث منذ 7 سنوات لن يتكرر ثانية".

وهنا يلمح بشكل مباشر بأن الثورة هي العدو الأول له ولحُكمه، وهنا نذكره أن مبارك خابت توقعاته حين قال: (مصر مش زي تونس) ففاجأته ثورة يناير، التي ترتعد اليوم فرائص السيسي عند ذكرها ويحذر من تكرارها.

لكن الأخطر في كلامه والأكثر فجاجة، هو ربطه بين مصيره في الحكم ومصير الجيش، وهو تطوير مفزع لتهديداته السابقة التي لوَّح فيها باستخدام القوة العسكرية في السيطرة على المظاهرات (الجيش يقدر يفرد مصر في 6 ساعات)، حيث قال صراحة: "اللي هيلعب في أمن مصر (وهنا بالطبع يقصد كرسي الحكم، فأمن مصر لم يتزعزع بعمليات إرهابية ومذابح سوى بمجيء السيسي نفسه) لازم يخلص منّي الأول (أي: على جثتي)"، وأضاف: "استقرار مصر وأمنها (كرسي الحكم) ثمنه حياتي وحياة الجيش" وحينها أطال النظر إلى "صدقي صبحي" في رسالة شديدة الوضوح لقادة الجيش، أن مصيرهم مرتبط بمصيره.

كما أنها تهديد لمصر بأكملها، ليس فقط باستخدام قوة الجيش وسلاحه، والتي لوّح بها من قبل واصفاً إياها بالقوة الغاشمة (أي الظالمة)، لكن أيضاً بالقضاء على قوة الجيش نفسه وإنهائه قبل أن يفكر أحد في خلعه عن الحكم، وهو أخطر تهديد على الإطلاق، ولم ينطق به أي رئيس عسكري حكم مصر من قبل!

وبعد أن كانت التهديدات له ولمن سبقه: (أنا أو الفوضى).. أو (أنا أو الإرهاب)، اليوم يقول لنا السيسي: أنا أو الجيش، وبعد أن دمرت لكم البلاد وبعت أراضيها وضيعت ثرواتها ونهبت مقدراتها لصالحي وصالح الجيش، لن يتبقَّ لكم أيضاً هذا الجيش!

بل ويتابع السيسي في صراحة تكاد لا تُصدق، قائلاً: "محدش يفكر يا جماعة يدخل معانا في الموضوع ده؛ لأن أنا مش سياسي"، وهنا يشير بوضوح إلى شراكة الجيش معه في حكم مصر، ويهدد مَن ينازعهما فيه، ويعترف بكل صفاقة أنه ليس رجل سياسة، وأنه لم يصل إلى الحكم بالطرق السياسية؛ ليفكر البعض في منافسته عن طريق إحداها.

لم يبقَ للسيسي سوى أن يقولها بوضوح: أنا جئت بالدبابة ولن أرحل سوى بالدبابة.

وهي مرحلة تبدو غاية في الخطورة، ولن يعقبها سوى التهديد بالبراميل المتفجرة.

فإلى متى ستبقى الدولة بمؤسساتها وجيشها وشعبها يقفون جميعاً موقف المتفرج من تلك التهديدات؟!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد