ذاكرة الذبابة وانتخابات 2018

نصر واحد وتسعة آباء هل هذا ممكن؟ هذا نموذج يحدث في العراق فقط، حيث الصمت ونظريات المؤامرة تنتشر كنار في العشب الأصفر، مع ذلك لا يزال هناك أنصار لكل نظرية من تلك النظريات، على الأقل تخبرنا الكثير عن عراق ما بعد النصر على داعش، فالنصر على داعش يستمر بكونه أكثر البطولات التي وحدت الهويات العراقية.

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/01 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/01 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش

نصر واحد وتسعة آباء هل هذا ممكن؟ هذا نموذج يحدث في العراق فقط، حيث الصمت ونظريات المؤامرة تنتشر كنار في العشب الأصفر، مع ذلك لا يزال هناك أنصار لكل نظرية من تلك النظريات، على الأقل تخبرنا الكثير عن عراق ما بعد النصر على داعش، فالنصر على داعش يستمر بكونه أكثر البطولات التي وحدت الهويات العراقية.

ومع ارتفاع التوترات الانتخابية كما الآمال، صارت البطولات مهما كانت صغيرة، موضوع دعاية انتخابية للأحزاب والحشد والعشائر التي شاركت في هزيمة داعش.

ومما يدعو للدهشة أن المرجعية في النجف، من بين كل المرجعيات الدينية العراقية، بقيت في واحة الهدوء والإيماء والإشارات، خلال هذه الأيام الحرجة من عمر الدولة العراقية الحديثة، فقد كان ثمة تفاهم تام بين الدستور والمرجعية حول مسألة إسناد الانتخابات، لكن اليوم يبدو الأمر مختلفاً.

ما يعوّل عليه قادة الأحزاب في العراق؛ الوطنية العراقية، لكن المفارقة تبقى موجودة فهم يمارسون الديمقراطية بعشائرية ومناطقية طائفية وإثنية وقومية تغطي على جميع الهويات.

المراقب لسير انتخابات 2018 يدرك أن العلاقة بين الشيعة والسنة والكرد والتركمان والمسيحيين وباقي المكونات، تمثل فسيفساء هشة.

ويرى المراقب المؤمن بحسن نوايا الدكتور العبادي، أن هناك صراعاً داخل البيت السياسي الشيعي قادماً سوف تدور رحاه، فبعد اختياره لمنصب رئيس مجلس الوزراء حاول العبادي قبل كل شيء التحالف مع الشعب العراقي بجميع مكوناته ضد داعش، واستحضر بذلك "الوطنية العراقية"، وبعد ذلك أعلن برنامجه لمكافحة الفساد الذي لا يقل أهمية عن اعلان الحرب على داعش، لكنه على وشك أن يغادر منصبه، ولم يقم بمحاولة كبيرة لإصلاح المؤسسات الحكومية، وعجز عن أن يأتي بشخصيات تكنوقراط وبمفاهيم جديدة لمكافحة الفساد، وربما اصبح أكثر يقيناً أن مكافحة الفساد أصعب بكثير مما كان يتوقع، والكل ينتظر منه الإطاحة بالفاسدين من حزبه، وهذه الفرصة الأخيرة في متناول يده لتعديل موقفه من أجل تجديد الولاية الثانية له.

‏يتمتع الصدر بدعم شعبي يتجاوز الطائفية والقومية. أصبح رمز المحبطين بسبب معارضته فساد الطبقة السياسية، واختياره أن يكون مع المطالب المجتمعية والخدمية على حساب المكاسب الحزبية.

‏كانت الانتخابات حلماً عند من يسعى للتغيير إبان العقد السابق .
اليوم هي عائق كبير أمام التغيير بسبب مخاوف الشعب من تكرار نفس الوجوه، فهل يستطيع الصدر أن يعدل موازين القوى، ويبدد مخاوف الفقراء والمعدمين من أبناء الشعب العراقي؟

‏تعتقد الطبقة الوسطى والحراك الشعبي أنّها يمكن أن تُحقِّق غايتَها بالصراخ والدِّعاية ومواقع التواصل الاجتماعي. إنها طبقة تؤمن بالمثالية وجمهورية أفلاطون وبسحرِ الكلمة، التغيير لن يكون إلا بالعمل والمثابرة والصبر الاستراتيجي، ومن أجل خلق طبقة سياسية نبيلة وشريفة، يجب استحداث جهاز لمكافحة الفساد على غرار جهاز مكافحة الإرهاب.

آفة الفساد هي المشكلة المركزية التي تدور حولها الدعاية الانتخابية لمعظم الكيانات السياسيّة، والتي جرى التعبير عنها ونقاشها منذ عام 2003.

هل يمكننا أن نشرح من باب المقارنة التطور التاريخي لثلاثة انتخابات برلمانية 2005، 2010، 2013، ماذا تحقق للعراق على المستوى الاقتصادي والثقافي والسيادي والدستوري والاجتماعي والأمني والديمقراطي؟

منذ بداية التحضيرات لانتخابات 2018، والكيانات الكبيرة، بقيادة التحالفات الساعية إلى مناصب الرئاسات الثلاث، تفصل قانون الانتخابات وقرارات المفوضية على مختلف قياساتها وأحجامها، ما يفت في عضد الكيانات المتوسطة ويسحق فرصة الكيانات الصغيرة، خاصة الجديدة في المحافظات الكبيرة (بغداد، نينوى، البصرة، أربيل).

‏الولايات المتحدة وإيران والسعودية وتركيا، مشروعها الاستراتيجي في العراق، أما سوريا ولبنان واليمن والبحرين فشيء مختلف، المبادرات الإقليمية والمساعدات المالية والإعلامية والسياسية، رغبة في ملء الفراغ في ميدان الفوضى السياسية في مرحلة ما بعد داعش وأخذ دور أقوى.

‏وهم الأزمة بين بغداد وكردستان، تستثمر فيه الكيانات السياسيّة لمصلحتها أولاً إزاء البعد القومي والطائفي، ولصالح دول إقليمية أخرى لها حسابات مختلفة، التخبط الواضح يدل على عجزها عن حسم الأمور بالحوار والتفاوض المباشر.

‏الإيرانيون يدركون جيداً ما تسعى إليه الولايات المتحدة؛ لذلك يستثمرون في خلاف بغداد – أربيل، كما فعلوها من قبل زمن نظام البعث أيام الشاه.

‏الحسابات الخليجية والتركية والأميركية تقول بأنهم يخسرون كثيراً على الصعيد الاستراتيجي بصعود كيانات شيعية وكردية حليفة لإيران، أمام هشاشة حلفائهم، خاصة بعد انتكاسة العبادي الأخيرة، وفشل السنة من تأجيل الانتخابات.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد