عن اللاجئين والأونروا والمخيم

الحفاظ على المخيم في المعنى السياسي والإنساني والأمني ضرورة فلسطينية وعربية وإسلامية وأممية، وهذا يتطلب الحفاظ على وكالة "الأونروا" وحمايتها والدفاع عنها

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/28 الساعة 01:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/28 الساعة 01:53 بتوقيت غرينتش

بدأت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالتشكل مباشرة بعد نكبة عام 1948 ولجوء ما يقارب من 935 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، غالبيتهم اتخذ الدول المحيطة بفلسطين مكاناً لسكنه المؤقت، على أمل العودة القريبة إلى بيته خلال أسبوع أو أسبوعين كما وُعِد.

وفقاً للقرار 302، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1949، تم تأسيس وكالة "الأونروا" كالتزام دولي تجاه معاناة اللاجئين، وكمنظمة أممية معنيّة حصراً باللاجئين الفلسطينيين. وفي سنة 1950، بدأت الوكالة بتقديم خدماتها لـ760 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين في سجلاتها وسجلات الدول المضيفة، سكنوا المخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا والأردن ولبنان.

عرّفت "الأونروا" المخيم بأنه "عبارة عن قطعة من الأرض تم وضعها تحت تصرُّف الوكالة من قِبل الحكومة المضيفة بهدف إسكان اللاجئين الفلسطينيين وبناء المنشآت للاعتناء بحاجاتهم". تعتبر قِطع الأراضي التي أُنشئت المخيمات فوقها هي أراضٍ حكومية، أو أنها، في معظم الحالات، أراضٍ استأجرتها الحكومة المضيفة من أصحابها الأصليين، حسبما جاء في الموقع الرسمي لوكالة "الأونروا" على الإنترنت.

حتى عام 1974، وصل عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات "الأونروا" الخمس إلى 61 مخيماً، ومع تدمير مخيم النبطية في لبنان من قِبل العدو الصهيوني في السنة نفسها، وتدمير مخيمي الدكوانة وجسر الباشا (تل الزعتر) أيضاً بلبنان خلال الحرب الأهلية في عام 1976، أصبح عدد المخيمات 58 مخيماً (12 في لبنان، 9 في سوريا، 19 في الضفة، 8 في غزة و 10 في الأردن).

بقيت مساحة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على حالها منذ نشأتها قبل نحو 70 سنة، على الرغم من تضاعف أعداد اللاجئين الفلسطينيين فيها لأكثر من 6 مرات، مع العلم أنه وبموجب القانون الدولي، فإن "للاجئين الحق في أن يتمتعوا بمستوى ملائم من المعيشة، بما في ذلك السكن، دون الإخلال بأي من الحقوق الأخرى التي يتمتعون بها بوصفهم لاجئين".

تقدم "الأونروا" للاجئين في المخيمات خدمات التعليم والاستشفاء والإغاثة والقروض الصغيرة والحماية الإنسانية وخدمات البنى التحتية.

في ظل الحالة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني بالمخيم، وفي ظل ما تقدمه وكالة "الأونروا" من خدمات غير كافية، لا سيما العيش الاستثنائي السيِّئ في مخيمات لبنان مقارنة بباقي المخيمات في المناطق الأخرى (غياب للحقوق الاقتصادية والاجتماعية من الدولة المضيفة مع تراجع ملحوظ لخدمات الأونروا).

وسط هذه الحالة، تبرز مجموعة من الأسئلة، ربما أبرزها: هل يجب أن يكون المخيم مكاناً لمعاناة اللاجئ وأن على اللاجئ أن يعيش فيه مُعدماً؟ ولماذا لا يتم تحسين المخيمات لتصبح قادرة على استيعاب اللاجئين ليعيشوا بكرامة ويصبحوا قادرين على التفكير في الهمّ الوطني والعودة، بدل التفكير الدائم في علاج أو تعليم أو كِسوة أو إيواء العائلة، مما يدفع الكثيرين منهم إلى الهجرة غير الشرعية وما يواكبها من مخاطر؟

المشكلة ليست في بقاء المخيم الرمز كما يتوهم البعض، وادعاء أنه مكان لاحتضان العنف والتوتر ومكان لارتفاع نسبة المشاكل الاجتماعية والأمنية، المشكلة بمن يضيّق على المخيم، ويريد للاجئين فيه أن يهاجروا منه وإبعادهم إلى أقاصي الدنيا بعيداً عن بلادهم التي هُجروا منها قسراً في عام 1948، مع العلم أن اللاجئ الفلسطيني، أينما حلّ لا يريد سوى العودة إلى بلاده، سواء الذي اكتسب منهم جنسية الدول الأخرى ويعيش حالة "رخاء واستقرار"، أو من بقي منهم لاجئاً معدماً في المخيم.

المخيم له معنى ودلالة سياسية أكثر منها إنسانية، وتفريغ المخيم وبعثرة اللاجئين وإنهاء المخيم برمزيته يُنهي أحد المرتكزات السياسية لقضية اللاجئين، وواحد من أبعاد استهداف "الأونروا" هو استهداف المخيم، وكذلك طرح البدائل كالمفوضية أيضاً واحد من أبعادها استهداف المخيم.

لذلك، الحفاظ على المخيم في المعنى السياسي والإنساني والأمني ضرورة فلسطينية وعربية وإسلامية وأممية، وهذا يتطلب الحفاظ على وكالة "الأونروا" وحمايتها والدفاع عنها وزيادة خدماتها للاجئين إلى حين العودة. غير هذا، فالمزيد من الفوضى في المنطقة، لا سيما بعد قرار ترامب تجميد مبالغ مالية لـ"الأونروا"، مما سبب المزيد من تراجع الخدمات وفرض برنامج تقشف في الوكالة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد