الجنوبيون.. والحليف اللدود

ويتغلغل النفوذ الإماراتي في سقطرى؛ حيث يتم ضخ الملايين والسيارات الحديثة لوجهائها بنفس أسلوب صالح القديم في شراء الولاءات في ظل صمت تام من المجلس الانتقالي.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/25 الساعة 04:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/25 الساعة 04:26 بتوقيت غرينتش

يرتفع الدولار ليتعدى سعره حاجز الـ500 ريال يمني في عدن بينما يتجول طارق صالح في طائرات هيلوكوبتر متنقلاً بين شبوة وعدن.

ويتغلغل النفوذ الإماراتي في سقطرى؛ حيث يتم ضخ الملايين والسيارات الحديثة لوجهائها بنفس أسلوب صالح القديم في شراء الولاءات في ظل صمت تام من المجلس الانتقالي.

وسط كل هذا يصرح وكيل وزارة التربية والتعليم بأن الحكومة تريد إغلاق باب المنح الدراسية للطلاب اليمنيين بالكامل حتى أوائل الجمهورية منهم، كل هذه الأحجار المبعثرة تجمعت وسط أحجية معقدة لا مثيل لها تسمّى اليمن.

وجوه الناس شاحبة، مريضة وفقيرة بعد أربع سنوات من حرب تحولت من عملية تحرير وإعادة للشرعية إلى حرب عبثية يسيل لها لعاب الحلفاء للسيطرة على موانئ وجزر ومقدرات هذه الدولة الفقيرة المغلوب على أمرها.

بينما يتقاسم مسؤولو الحكومة منح التبادل الثقافي بين أبنائهم بوقاحة تامة دون أدنى اعتبار لحقوق الطلاب بشكل عام وأوائل الجمهورية بشكل خاص.

نتيجة لكل هذا العبث يتساءل المواطنون في أنحاء الجنوب واليمن بشكل عام متى سينتهي هذا الكابوس؟

في فترة من الفترات كان الكل يلوم الرئيس المخلوع صالح وجيشه على كل كبيرة وصغيرة تحصل في البلاد، لكن في الحقيقة يبدو أن الرجل لم يكن اللاعب القوي كما اتضح بل مجرد صنم ضخم من تمر أكله عُباده بعد أن سخّر لهم كل مقدرات الدولة.

الآن انتهت لعبة التحالفات الهشة في شمال اليمن، فالحوثيون اخترقوا الجيش والأمن وكل أجهزة الدولة، وأصبحوا ليس فقط اللاعب الأقوى بل اللاعب الأوحد.

على الجانب الآخر في الجنوب يصرخ الشباب والمثقفون مطالبين بعلاقة ندية بين التحالف والقوى الجنوبية على الأرض كالمجلس الانتقالي والحراك، بينما يبدو أن الموضوع في الحقيقة لا يتعدى إغداق الأموال وإصدار الأوامر لهذه القوى لتنفيذ أجندات الحلفاء.

الجدير بالذكر أن هنالك جيشاً من الإعلاميين والساسة المنبطحين يخونون أي شخص تسوّل له نفسه أن يطالب بهذه العلاقة الندية، بينما النفوذ والقوة لمن ينبطح أكثر في سباق ماراثون طويل نحو انحدار سياسي وأخلاقي لم يحدث له مثيل حتى في عز تحالف الاشتراكيين مع الاتحاد السوفييتي.

لكن ما الذي تغير لتدرك الجماهير والساسة أن الأمر بدأ يتسرب من بين أيديهم؟

في الحقيقة كان ظهور طارق صالح ابن شقيق الرئيس المخلوع هو القشة التي قصمت ظهر البعير وأشعلت غضب الجنوبيين؛ حيث تم توفير حماية له ولتنقلاته بين عدن وشبوة وهي مناطق جنوبية خاضعة لسيطرة المقاومة الجنوبية وحليفتها الأساسية دولة الإمارات العربية المتحدة.

يقول فتحي بن لزرق، وهو رئيس تحرير لصحيفة عدن الغد الصادرة من عدن: إن طارق صالح يستعد للملمة قوات الحرس الجمهوري في قاعدة العند، كبرى قواعد اليمن التي أصبحت تحت سيطرة المقاومة والتحالف، وإن صح ذلك فقد يؤدي ذلك لنشوب ثورة كبرى في المناطق الجنوبية لما للمواطنين من مآسٍ وآلام متعلقة بحكم صالح واجتياحه لهذه المناطق إبان حرب صيف 94.

أدرك الجنوبيون أخيراً أنهم أمام حليف لدود وعدهم بفجر كاذب بعيد كل البعد عن الواقع المعاش.

شعار الدولة الجنوبية أصبح مهترئاً وبعيداً عن الواقع الحالي طالما أن المجلس الانتقالي مشغول بالتعيينات المحلية دون أي إشراك لمن يختلفون معه في الرأي أو التوجه بشهادة أعضائه، بينما على سبيل المثال محافظة بحجم وأهمية أبين خاصرة الجنوب تظل غير ممثلة فيه.

حتى جناح المثقفين والمخضرمين سياسياً أمثال الدكتور الخبجي، محافظ محافظة لحج الأسبق، بدأوا بالتململ وإبداء الاستياء من الانبطاح المطلق للقيادات الجديدة التي تسيطر على المجلس.

ولذلك بدأت الأصوات تتعالى وتطالب بالندية في التعامل وتسليم الأمور للسلطة المحلية في عدن لتدير المحافظة باستقلالية مطلقة.

وسط كل هذا التململ تأتي الأبيات التالية صارخة من فنان الثورة عبود خواجة؛ لتحذر الجنوبيين من الانبطاح للحلفاء؛ حيث يقول فيها: "قال الجنوبي دقت أجراس الغضب.. ودقت أجراس الخطر يا غافلين.. نحن جنوبيين من عز العرب.. لن نقبل الإذلال والعيش المهين"؛ حيث ذاع صيت أغنيته على نطاق واسع في المناطق المحررة وتلقتها الجماهير بإيجابية منقطعة المثيل لما للفنان من مكانة اجتماعية وسياسية في أوساط المواطنين في تلك المناطق.

المشكلة أن هنالك من لا يريدون أن يفهموا أن العلاقة الندية مع التحالف بشكل عام والإمارات بشكل خاص هي لمصلحة الكل وليست تقليلاً من أهمية دور هذه الدولة أو تلك.

نحن كمثقفين ندرك أن ما قام به التحالف يعد عامل أساسي في انتصار المقاومة على الحوثيين في كافة الجبهات، بل ونؤكد دعمنا وتأييدنا لهذا التحالف لما فيه مصلحة البلاد والمواطنين، لكن التفريط بالسيادة والأرض خط أحمر حسب الدستور والقانون، ومن يتعداه ويفرط بهذين الركنين الأساسيين في أي دولة يعرض نفسه لتهمة الخيانة العظمى.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد