سلمان العودة.. يُنسى كأنه لم يكن!

أين الشيخ سلمان العودة؟ ماذا حل به؟ وما القضية والجرم الذي اقترفه ليكون سبباً في سجنه؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/20 الساعة 07:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/20 الساعة 07:38 بتوقيت غرينتش

هل نسيناه في السجون أم نخشى السؤال والتساؤل عما يجري لهُ وبأي ذنب يدخل السجن حالهُ حال بقية المجرمين والمذنبين بحق دينهم ومجتمعاتهم؟!

بعد مضي 4 أشهر على اعتقال الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة وسجنه، وسط تعتيم إعلامي كامل على قضيته ومجرياتها والأسباب التي أدت إلى اعتقاله بذلك الشكل "التعسفي" من قِبل السلطات السعودية؛ لكونه شخصية عامة ومعروفة ولها حضورها.

وأيضاً لنا الأحقية بمعرفة أسباب غيابه، هو وآخرين من رجال الدين، الذين غابوا عن الساحة في الفترة التي تلت الأزمة الخليجية الراهنة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر.

وذلك مع تردد أنباء جديدة تداولتها بعض المواقع الإخبارية وتناقلها المتفاعلون على منصات التواصل الاجتماعي عن وفاة الشيخ سلمان العودة في السجون السعودية والتي لا نعلم ما مدى صحتها حتى الآن.

في الوقت ذاته، كشف نجل الداعية سلمان العودة، عبد الله، الثلاثاء 16 يناير/كانون الثاني 2018، عن نقل والده إلى المستشفى.

وقال نجل "العودة" في تغريدة على حسابه بـ"تويتر": "برغم التعتيم المتعمَّد والشحّ الشديد في التواصل، وصلتني أخبار مؤكدة عن رؤية والدي في المستشفى، ونحن نحمّل ساجنيه مسؤولية صحته وسلامته أمام الله ثم أمام الناس والأمة، اللهم فرجك وعافيتك لهذا الشيخ الستيني".

علماً أن السلطات السعودية قامت بفرض حظر على سفر أقاربه المباشرين منذ سبتمبر/أيلول 2017.

وتعود أسباب ذلك الاعتقال لامتناع الشيخ سلمان العودة عن الوقوف مع المملكة العربية السعودية ضد أي خصم آخر، واستخدام شعبيته كقدوة حسنة للكثير من الشباب العربي والسعودي في سبيل تحقيق غايات السعودية لتسييس الدين ونشر الفرقة والتناحر وتشتيت صفوف المسلمين.

يأتي هذا في وقت وقف فيه رجال الدين المُسيسون بأمر حُكام السعودية تحت طوعهم ورهن إشاراتهم خوفاً من الاعتقال أو النفي أو الموت خلف قضبان المعتقلات.

ذلك الاستبداد تفرضه المملكة على علماء الدين المسلمين، بينما تحاول جاهدةً من خلال وسائل الإعلام الفضائية والإلكترونية التابعة لها، رسم وترسيخ صورة ذات ملامح جديدة تنادي وترفع شعار الإسلام المعتدل كأيقونة عصر نهضة جديد تشهدهُ السعودية، فيما شهدت المملكة في الآونة الآخيرة حالة انقلاب اجتماعي وتحوُّل جذري بمجتمعها في ليلة وضحاها، خصوصاً بعد أن تولى الامير محمد بن سلمان مقاليد ولاية العهد للمملكة.

انقلب حال السعودية من مدينة تنشر في شوارعها وأزقَّتها أشخاصاً ينتمون إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يطاردون الشباب والنساء والعوائل في المراكز التجارية والشوارع العامة والمطاعم موصدة الأبواب، يراقبونهم ويتتبعون آثارهم؛ ليثبتوا صحة قرابتهم من عدمها؛ لكي لا يقعوا في الإثم كما يزعمون وكأنهم هم الذين سيحاسَبون عنهم في يوم يقفون بين يدي خالقهم.
وكل ذلك باسم الإسلام والدين، ثم ينقلب السحر على الساحر ويُشرع الاختلاط والحفلات دون سابق إنذار، ليستوعب المجتمع السعودي كل ذلك التغيّر المفاجئ، أما الهيئة التي كانت كلمة مرعبة للشباب السعودي فأصبحت شيئاً من إرث الماضي.

على الرغم من ذلك، ما زال المجتمع السعودي الذي يقف أمام صدمة ما يسمى "الإسلام المعتدل"، يستدرك مجريات الإسلام الجديد هذا، في محاولات لتبرير الموقف المستحدث لحُكامه، ليقول قائلاً منهم: "أهل مكة أدرى بشعابها"، وحكام المملكة أعلم بشعبهم، وأعلم بمصلحة رعيتهم..!

أيُّ مصلحة تلك التي تخرس صوت الحق والعدل وترفع رايات الباطل والظلم وتُطبل له؟!

إنه الدين الذي يسيِّسونه ويحوّرنه بما يلائم سياساتهم الدولية الخارجية مع حلفاء الغرب، على حساب الإسلام والمسلمين، ومن لا يخطب وفق مناهجهم الجديدة يضعونه خلف قضبان الاستبداد والظلم وتكميم أفواه الحقيقة ليُنسى كأنه لم يكن، يتركونه خلف الزنزانة التي رافقها وهو في مُقتبل العمر.. كأنه لم يكن، وما زال قدوة حسنة لجيل بأكمله.

السؤال هنا: لم الجيل صامت؟! ما الذي ينتظره لكي يجعل من سؤاله قضية رأي عام عالمية ليست عربية فقط؟! هل ننتظر وفاته في المعتقلات ثم نقف نبكي عليهِ بأضعف الإيمان من خلف الشاشات، وهو الذي علَّمنا ورسَّخ فينا من خلال كُتبهِ -على مدى أعوام مضت- قيم ومبادئ وأخلاقيات الدين الإسلامي التي تجعل رؤيتنا للحياة بأسلوب يتسم بالسلام وتقبل الآخر ونصرة الحق؟!

أين الشيخ سلمان العودة؟ ماذا حل به؟ وما القضية والجرم الذي اقترفه ليكون سبباً في سجنه؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد