المالكي عاد صديقاً للكرد والعبادي يقطع عليه الطريق

عاد رئيس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، نوري المالكي، إلى دائرة الاهتمامات في كردستان، بعد أن خرج منها قبل نحو 4 سنوات

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/15 الساعة 06:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/15 الساعة 06:05 بتوقيت غرينتش

عاد رئيس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، نوري المالكي، إلى دائرة الاهتمامات في كردستان، بعد أن خرج منها قبل نحو 4 سنوات كشخص مُعادٍ للطموحات القومية الكردية وكقاطع قوت يومهم ومصاريف حليب أطفالهم جراء إيقافه صرف حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة فبراير/شباط 2014، إثر خلافات نفطية مع حكومة الإقليم.

عودة الحديث عن المالكي في الوسط الكردي مؤخراً، جاءت عبر تصريحات إعلامية وبيانات ولقاءات تلفزيونية، دعا فيها إلى رعاية أبوية للشعب الكردي وإعادة المياه إلى مجاريها في التعامل مع إقليمهم، في وقت كان غريمه رئيس الوزراء، حيدر العبادي، يصرّ على سد باب الحوار مع حكومتهم رغم المناشدات والضغوطات الدولية ومطالبات من رئيس الحكومة الكردية، نيجيرفان بارزاني، لأكثر من 27 مرة بالجلوس إلى طاولة حوار، دون جدوى.

مغازلة المالكي للكرد وامتناع العبادي عن الحوار مع ممثليهم واستخدام سلطته لفرض ما يراه مناسباً ويصفه بأنه من "مصلحة المواطن الكردي"- فتحا باب النقاش في الأوساط الكردية عن جدوى انتظار العبادي لأجل غير مسمى والمنافع المترتبة على العودة إلى الحليف القديم نوري المالكي، الذي كان مقرباً من مسعود بارزاني وجلال طالباني في ولايته الأولى (2005-2010) والشطر الأول من ولايته الثانية إلى حد ما، قبل أن يقلب انخراط بارزاني في محاولة سحب الثقة منه، عبر محور النجف-أربيل، الطاولة في 2012 ويحوّل العلاقة من مودة وتحالف إلى خصومة وتبادل الاتهامات بعنف على المنابر الإعلامية وفي الخطابات السياسية للجانبين.

لكن، ما إن أحس العبادي بمحاولات منافسه وخصمه لاستمالة الكرد إلى صفه على أعتاب انتخابات مصيرية مقررة في مايو/أيار العام الحالي (2018)، حتى فاجأ الأخير الجميع باستقباله هو وحكومته ثلاثة وفود كردية خلال يوم واحد (4 يناير/كانون الثاني 2018)، سمي "يوم الحج الكردي إلى بغداد"، دون أن يتنازل رئيس الوزراء عن سياسته في مقاطعة قادة حكومة الإقليم الذين يتمتعون حتى الآن بشرعية برلمانية ودعم أوروبي وأميركي لإدارة المرحلة الحالية وحتى الانتخابات الكردية المرتقبة خلال هذا العام.

الوفود الكردية التي حلت ضيفاً على بغداد، حملت معها ملفات عامة وخاصة، فأحدها كان من قطاعي الصحة والتعليم، وحمل معه قائمة رواتب الموظفين للتدقيق، على أمل صرف الرواتب لهم من بغداد، والثاني كان يمثل ثلاث جهات معارضة للحزبين الرئيسيين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني)، قيل إنها تخطط لتحالف مستقبلي مع العبادي، والثالث لـ"بافل"، نجل الزعيم الراحل جلال طالباني، الذي ظهر إلى الأضواء خلال تسريبات ومصادر رجحت حصول صفقة بين جناحه وبغداد لانسحاب البيشمركة من كركوك دون قتال ومواجهة، برعاية إيرانية.

خطوة العبادي الأخيرة المفاجئة ضمن سياسة العبادي الأخيرة، تكاد تربك الحسابات الكردية التي كانت تروِّج للعودة إلى خيار المالكي؛ لأن "أبو إسراء" لا يمتلك حالياً غير الوعود، فيما بات "أبو يُسر" الآمر الناهي بالبلد حالياً، في ظل إعلانه النصر على "داعش" والدعم الدولي الذي يتمتع به.

وبجانب المراهنين على الاثنين، برزت تساؤلات عدة عن دوافع ومصداقية كل من قطبي "حزب الدعوة" في التعامل مع الكرد، فالمالكي يحاول جاهداً العودة إلى السلطة، ولا ضمانات لاستمراره في التودد مع الكرد إن تمكن من الإمساك بكرسي السلطة، مجدداً، كما كان عليه الحال قبل 4 سنوات حينما اعتبر أربيل "وكراً للإرهابيين والبعثيين".

والعبادي يعد ويناور كثيراً ولا يقدّم ما يرضي مقابله على الأرض، وسط مطالبات بترك الاثنين المزايدات الانتخابية في التعامل مع الكرد واستثمار استعداد أربيل للعودة إلى حضن بغداد وسقف دستور 2005 لوضع نهاية لما استعصى على الحل منذ سنوات من قضايا عالقة نجمت عنها محاولة استقلال كادت تهز الكيان التاريخي العراقي المكون من سهول وصحارى الجنوب العربي الغني بالنفط، وجبال وأنهار ومصايف الشمال الكردي الغني بالموارد الطبيعية التي لا يمكن أن تعيش إحداهما بمنأىً عن الأخرى في نظر نخبة عريضة من الجانبين، على الأقل في الوقت الحالي.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد