ما وراء السياسة

ما وراء تلك السياسة نفوذ بغيتها السيطرة والاستحواذ على الموارد الاقتصادية والبشرية لضمان الثبات على كرسي الأفاعي.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/10 الساعة 02:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/10 الساعة 02:11 بتوقيت غرينتش

مَن يتابع السياسة على مر التاريخ، والسياسات التي تنتهجها "ثلة" من الأشخاص، يرى اعتمادهم على شخص في المقدمة، يقوم بنهب البلاد والعباد وتقديم الدعم المالي لتلك الثلة التابعة له، بمختلف المسميات والتدرجات الوظيفية، على أن يقوموا بدعمه سياسياً ودينياً بإعطائه سلطة شرعية تنص على عدم مخالفته، ومن يفعل ذلك يخرج عن طاعة الله والرسول.

ولأن الدين مرجعية مهمة لعامة الناس، فذلك يزيد من قوته وثبوته على عرش "الخلافة"، فهو يستخدم الدين لا لخدمة الفضيلة وإنما للسيطرة على الناس، ودستورٌ قد يتم تغييره متى تعارضت قوانينه مع سياساتهم، كما يقومون بتكميم أفواه كل مَن يتحدث أو يقوم بانتقاض الجماعة أو سياساتها بشتى الطرق، والتأكيد على مدح هذه الجماعة والجهود الجبارة التي تبذلها لهذا الشعب المسكين!

كما يقومون بدس جنودهم في جميع أنحاء البلاد لمعرفة ما يفكر به الشعب أو ما يخططون له للتدخل المباشر وحصر الأمر في حالة الشغب باعتقال الرؤوس المدبرة لتلك المخططات، ونشر الإشاعات المضللة عبر الجرائد والإعلام التابع لهم لتمرير بعض السياسات التي قد لا يقبل بها الشعب، واستخدام سياسات التقشف الاقتصادية التي تزيدهم غنى وتزيد شعبهم بؤساً وتقتيراً وتجعل الشعب يفكر فقط في جمع المال لسد رمقه، ولا يفكر في مصلحة الدولة ككل أو إن كانت تصلح في الأساس لحكمهم، وإنما حصره في إيجاد قوت يومه وإدخاله في دوامة من العمل الذي لا ينتهي إلا بموته (عمل كثير ومال قليل).

ويعمل الخليفة الراشد على إعطائهم بعض النفوذ لابتزاز القوم ومن ثَم شق طريقهم بأنفسهم في كسب المال عبر هذه الآليات، ولا بد لتلك الثلة من تأمين أنفسها عن طريق التنازل ببعض الأموال لصالح قوة العسكر الذي ستطأ أي شخص يحاول أن يهز عرشها ويهدد استقرارها، وتعمل تلك الجماعة على ترشيح "المنتصر لدين الله" سنوياً ودعمه وتبرير السياسات التي بالطبع تصب في مصلحة المواطن.

تلك السياسات التى تحفظ لهم مصالحهم الاقتصادية والسلطوية وتعلن الحرب والدمار على كل من يعترض ويطالب بتغييرها، الحرب التي تسبب الثالوث المظلم "الفقر، الجهل، المرض"، التي تطمس هوية ومعالم المنطقة وسكانها.

تحملنا فشل سياساتهم بما فيه الكفاية، لم نرَ منها سوى الجثث والدمار وضياع الأنفس والتشرد.

وراء تلك السياسات حيوات كثيرة حرمت من أبسط حقوق الحياة، حرمت من الحلم بحياة لا ظلم فيها، ما وراء السياسة عائلات تنتظر وتأمل التغيير للأفضل، بأن يكون لهم في المستقبل دولة تحقق أبسط طرق العدالة، لا يأملون بدولة "فاضلة" وإنما دولة تمارس سياسات لبسط الأمن ونشر الفضيلة لا الاستحواذ.

كل ما فعلته وطالبت به هو تغيير تلك السياسات إن لم تغيّر أسيادها المؤيدين من قوى عظمى تعمل على حماية مصالحها المشتركة، فإما الدمار وإما هذا "المؤيد"، دمرت أحلامهم، دمرت حيواتهم.

حرمت الشعوب من العيش في ظل دولة همها الأساسي هو المواطن تصرف الأموال التي تكتنزها على تعليمه والاهتمام بصحته ومستقبله وتأمين منطقة يعيش فيها سالماً و معافى مليئاً بالأحلام والطموحات؛ ليعمل على تحقيقها، وزرع حب الوطن في قلبه منذ الصغر.

إن الشعوب عندما تكتفي اقتصادياً تبدأ التفكير في كيف للدولة أن تحكمهم حكماً رشيداً يتكفل حياتهم، ولن تمرر أي ظلم كائناً ما يكون.

ما وراء تلك السياسة نفوذ بغيتها السيطرة والاستحواذ على الموارد الاقتصادية والبشرية لضمان الثبات على كرسي الأفاعي.

إن تلك الحكومات الاستبدادية التي تعمل على السيطرة على المواطن والتجسس عليه إن أتيحت الفرص، لن تضمن أبداً إخلاص الشعوب لها، بل على العكس ستكون وبالاً عليها وسيقومون بتغييرها وستتداعى سياساتهم عليهم عاجلاً أم آجلاً.

تسعى بقدر الإمكان لتكبيل حرية الأفراد وتوقع كل فعل يقومون به، حتى تتم مباغتتهم وحصر الضرر بأقل الخسائر، وهي أرواح مواطنيه.

مايمكننا من فهم الأيديولوجية العميقة لهذه الجماعة هو اتخاذهم هذه الدولة كوسيلة لدر الأموال عليهم بما يتوافق مع مصالحهم الشخصية، ويتعارض مع مصلحة الوطن والمواطن ككل، إن كل ما يفعلونه كذريعة لتحسين المصلحة العامة هو في الأساس يصب في مصلحتهم الخاصة، يتزايد في كل مرة دعمهم للجيش؛ لأنه هو الوسيلة الأساسية التى تجلب لهم الأموال والعلاقات الدولية للتعزيزات المشتركة فيما بينهم.

يقتضي ذلك منا الوعي على ألا نسلم بلادنا لمجموعة من الدهماء تملك المال والسلطة وسياسة الضغط والتخويف، ولا تملك ماي ملكه جُلنا ألا وهو العقل، وألا نقبل بتاتاً سياساتهم التخريبية.

وجود تلك المقومات التي تساعد في السيطرة على الشعب بيد جماعة من الأغبياء هو حقاً أمر يدعو للتساؤل!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد