من خلال الملاحظة والمتابعة لاستطلاعات الرأي التي تجري من قِبل متخصصين في الصحافة والإعلام لجمع آراء المجتمع والناس حول قضايا سياسية عربية على صعيد المنطقة والعالم أجمع، تبين لي ومن خلال عدة مشاهد وتراكمات في أكثر من مناسبة وحديث، وحتى قراءة أو بحوث ومقالات ما زال البعض لديه كامل الإرادة والإصرار والثقة على وجود ما يسمى بـ(تنظيم الدولة الإسلامية)، أو داعش، تلك المؤسسة الإجرامية الغوغائية البربرية الهمجية من دون أن نستثني أنها استغلت ضعف الطرف الآخر، وتمكنت من دخول أراضيه بسهولة تخلو من أي مقاومة تذكر، ومن خلال ذلك فقط هي كانت تلعب بطريقة ذكية حالفهم فيها الحظ.
هذا من ناحية، من ناحية أخرى نعود لقضيتنا الأبدية الفلسطينيّة؛ حيث بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بداية العام الحالي 2017 بمنع العرب واللاجئين من دخول بلادهُ وكانت ذريعة ذلك الوفاء بوعودهُ لمن انتخبوه وهم يحملون نزعة عنصرية، وكذلك الخوف من دخول الإرهاب بلاده، وفي مشهد آخر ظهر كأنه يقول للعالم بأنه يستطيع جعل خاتمة ما بدأه بمنعهم من دخول بلاده، ومنح أرضهم عنوةً للكيان الصهيوني، بتسمية بلادهم وقبلتهم الأولى عاصمة لدولة إسرائيل، استغل الكيان الصهيوني نرجسية هذا القائد، وتمت تغذية غروره وتنمره؛ ليواصل استخدام صلاحياته وما يتمتع بهِ من قرارات كونه رئيس كبرى دولة في العالم لتحقيق أمنياتهم وتفعيل أحلامهم التي كانت البارحة ضرباً من الخيال والمستحيل.
أما على الصعيد العربي، نكتفي بطرح محصلة عام كامل تتلخص في بضعة أسطر تشاهد وتتابع من خلالها ولاء العرب لمحركهم الميكانيكي أميركي الصنع يتم تبويبه خلف جدران البيت الأبيض، لبسط نفوذهم في العالم العربي يجوبون صحراء الربع الخالي، ويدخلون حدود بلادي ثم يأخذون طريقهم إلى الشام، ويشربون من النيل، ثم يستريحون قليلاً في مشهد سريالي يعقدون صفقة لبيع الجزيرتين طوعاً للسيد النبيل.
ليس هنا قضيتنا فقد حصل ما حصل وانتهى الأمر بأكثر الأضرار والخسائر المادية والبشرية والتاريخية، الدمار هو مأتمنا، والعزاء الذي نقيمه على بقايا الحطام والركام لمُدننا.
سأطرح هنا ثلاث نقاط تلخص وتعكس صورة الشارع العربي تجاه هذهِ القضايا التي تم ذكرها في المقدمة:
– شركة لاستيراد وتصدير الإرهاب
تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، دولة العراق والشام، تعددت المسميات، وكان الهدف واحداً يمنحهم شرعية التمركز ونشر ثقافة التطرف والإرهاب باسم العرب والمسلمين، وثلث من يعملون تحت رايته هم من دول أخرى ليست عربية ومعتنقين للدين الإسلامي حديثي العهد، حتى أصبح التنظيم هو الشغل الشاغل لسياسة العَالم العربي والغربي على حد سواء، خصوصاً عندما بدأت أعمال تلاميذهم تطال أراضيهم لتغلبهم وتتغلب عليهم كونهم أساتذة محترفين في التفرقة والعنصرية ونشر الفوضى، فهم من يقودون شبح الموت كيف يدخل لعقر دارهم ويغتال أبنائهم، فاق التلميذ معلمه هذهِ المرة أو ربما بإرادتهم جعلوه يتفوق عليهم عكس كل مرة!
بعيداً عما وصل إليه هذا التنظيم الإجرامي وكيف بدأ ومن ثم خارت قواه وتلاشى وعاد من حيث أتى، هنالك حالة تثير الاستغراب والفزع في آن واحد!
لا ننكر أنهم كانوا يتلقون الدعم من جهات معينة، ولا ننكر أن المتورطين مع هذا التنظيم من جنسيات متعددة وبلاد مختلفة، ومذاهب وعقائد وطوائف متنوعة دخلوا التنظيم وهم يدعون إسلامهم واعتناقهم لديننا الحنيف.
ارتدوا رداء الدين وأصبحت تصفية الحسابات بين دول العالم والقوى المتصارعة تتم بتبنيهم الحوادث الإرهابية التي تُرتكب على مرأى ومسمع الجميع في كل بقعة من بقاع العالم، حتى تنتهي الحوادث الإجرامية البشعة بسهولة تامة لا يتم توجيه أصابع الاتهام نحو الجهة المنفذة، يكفي أن تتبنى شركة الإرهاب هذهِ الحادثة حتى ينسب إليها وتأخذ هي غنيمتها من النسبة المتفق عليها سلفاً، مقابل تبنيها لطرق وأساليب جديدة في ترهيب المجتمعات والناس الآمنين!
– عهد التميمي!
في ظل المظاهرات والتنديد والمقاومة المستمرة من إخواننا في فلسطين والقدس خرجت من بينهم طفلة أصبحت رمزاً للتحدي والقوة.
استطاعت الطفلة عهد التميمي أن تتصدر المشهد الفلسطيني منذ قرابة أسبوعين وتصبح أيقونة للمقاومة الفلسطينية.
بالرغم من أن هنالك آلاف المقاومين أمثالها لم تلق قصصهم أو صورهم أو حتى ماذا يجري خلف كواليس حياتهم أي صدى يذكر عاشوا وماتوا ودافعوا وقتلوا ونالوا الشهادة بكامل القوة والشجاعة والإرادة، ولا يغيب عنا مشهد محمد الدرة ووالده، ذاك الرجل الذي كان يحاول حماية ابنه من رصاصات الكيان الصهيوني المحتل، هذا المشهد الذي ما زال محفوراً في أذهان الكثيرين منا حتى اليوم.
ليأتي هنا دور أدوات الإعلام وعدسات الكاميرات التي تقتنص اللقطات بما تمليهِ عليها خلفية المؤسسة والفكر التي تعتنقهُ سياستها التي تتلون حسب الأهواء والآراء.
لماذا عهد بالذات من لاقت صدى.. بينما خلف اسوار الاحتلال الإسرائيلي تقبع مئات المقاومات من النساء الفلسطينيات!
إنها طفلة وطارق أبو خضير طفل أيضاً وتعرض للضرب والتعذيب أين الإعلام والعدسات منهُ؟!
ستخرج عهد بشهرة واسعة تتبناها المؤسسات الإعلامية!
– المُستقبل العربي!
وفي وقفة نختم بها نهاية العام ومرحلة من طرح التوقعات والرؤية المستقبلية على صعيد العالم العربي.
2018.. عربياً
نجد أننا في وضع مستقر تماماً لا وجود للمد والجزر، في مشهد تغيب فيهِ الشجاعة والقوة ليمتد ويطفو على السطح الشر بما يحملهُ من ويلات وقهر!
وعلى صعيد المجتمع سيبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضررين من المواطنين اللجوء إلى خارج حدود بلادهم أو دفع حياتهم ثمن بقائهم، وعلى الحكومات وضع استراتيجيات جديدة تعزز علاقاتها مع حُلفائها من الدول الكُبرى، أو اللجوء إلى مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي، وأحياناً تتم ممارسة أضعف الإيمان في عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية إن تطلب الأمر.. وكل عام والأمة العربية بخير.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.