وأنت تتابع قرارات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الليلية وخطبه العنترية لا يخطر في بالك إلا سؤال واحد: لماذا هذه الطاعة العمياء لرجل قوض أمن الخليج وضيّع آخر منظمة عربية متماسكة هي مجلس التعاون الخليجي ومنح إيران انتصارات قبل بدء المعركة؟!
محمد بن سلمان رجل السعودية القوي بنظر محبيه ، ولكنه متهور لا يحسب حساب ما يفعله، ويظهر للكثيرين أنه مستعجل في اتخاذ قراراته، فلم يوفق الرجل في قرار حصار قطر، ويبدو كمن يريد التراجع بما يحفظ له هيبته، ثم حجزه لرئيس الوزراء اللبناني، وإجباره على الاستقالة من الرياض؛ ليُكشف افتقار الرجل للحنكة السياسية التي يتمتع بها أي قائد سياسي مهما بلغ من الطغيان والجبروت.
حاول محمد بن سلمان ابتزاز الحريري من أجل الضغط على حزب الله أولاً، ومن أجل المال ثانياً ولكن الخطوة غير المحسوبة لابن سلمان فشلت لأسباب عديدة، أولها الحصانة الدولية التي يتمتع بها الحريري، وخاصة جنسيته الفرنسية.
بن سلمان واصل الدراما السياسية بقرار آخر من قراراته الدولية، فاعتقل اثنى عشر أميراً من الأسرة الحاكمة ويزيدون وصادر أموالهم تحت شعار محاربة الفساد، فضرب الاقتصاد السعودي في مقتل، وعادى الجميع وزاد من خصومه وبدا كمن يفرض الإتاوة على قومه، في عودة للعصر الجاهلي.. من ولي عهد جاء تحت شعار السعودية والتنمية 2030.
خطايا محمد بن سلمان التي لا تغتفر لم تبدأ من حرب اليمن التي قادها الرجل وفشلت في تحقيق أهدافها وزادت من النفوذ الإيراني في المنطقة ولا من الاعتقالات بحق علماء سعوديين معروفين لمجرد الاختلاف في وجهات النظر مع الحاكم، وذلك أمر يخرج من الملة بحسب علماء الوهابية السعودية؛ بل إن الرجل إذا قرر أخطأ، وإذا تكلم لم يجانبه الصواب، فابن سلمان لا يكتفي بالقرارات الليلية العجيبة، والتي تنقصها الحكمة بل غالباً ما يتحفنا بتصريحات نارية عجيبة، ألم يأتيك حديثه أنه لن يُفني ثلاثين سنة من عمره في الحوار مع أفكار متطرفة بل سيدمرها تدميراً، فهو يعترف بأن الفكر الذي حكم السعودية طوال ثلاثين عاماً هو تطرف، وأن الوهابية هي مثال للتشدد والتعصب الديني بحسب محمد بن سلمان، ثم وعد بتدميرها تدميراً، وفي هذا الوعد قتل لفكرة الحوار الفكري ودعوة صريحة لأن يكون العنف هو الغالب والمتحكم في مواجهة كل الأفكار.
ومن التصريحات التي تُؤخذ على محمد بن سلمان الفتى المدلل المتهور تصريحه الأخير ضد طهران، في وقت دقت فيه طبول الحرب في المنطقة، وكان يفترض أن تغلب فيه الحكمة والسياسة حتى لا تشتعل نار الحرب الطائفية التي ستحرق الجميع، فزادها الرجل اشتعالاً حين وصف خامنئي بهتلر المنطقة، وهدد بمحاسبة إيران، إشارة للحرب في وقت يتطلب السلم والسلام بعد كارثة اختطاف الحريري التي خسر فيها الرجل سُنة لبنان كما خسر سُنة اليمن وإخوانه وعائلته التي اعتقل أمراءها.
محمد بن سلمان هو هدية ذهبية لم يكن الرئيس الأميركي ترامب يحلم بها، نزلت برداً وسلاماً على طهران، وعاصفة ليست حازمة بقدر ما هي قاصمة على المملكة العربية السعودية ومن ورائها الأمة الإسلامية التي تتمنى أن تقودها الرياض وبلاد الحرمين، وتلك بقعة مقدسة لها في قلوب الناس محبة ومنزلة.
محمد بن سلمان الفتى الطائش الطموح المدلل صاحب القرارات الليلية، والقيصر الجديد لمملكة جديدة ليست مملكة الملك فيصل، ولا هي من الملك فهد بن عبد العزيز بقريب.. إنها السعودية كما يخطط لها محمد بن سلمان.
فإلى أين سيقود محمد بن سلمان المملكة العربية السعودية؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.