الربيع العربي وخريف القدس

لم ينجح ربيعنا العربي، مع حجم التآمر الداخلي والخارجي المخيف، وارتدت الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ذلك الربيع، بل ارتدت إلى الأسوأ، ارتدت إلى ديكتاتوريات أشد دمويةً وإجراماً، وعصابات طائفية، وحروب أهلية دموية، وتدخلات عسكرية مباشرة من الشرق والغرب.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/22 الساعة 01:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/22 الساعة 01:21 بتوقيت غرينتش

إن تحرير القدس لن يتم إلا بعد تحرير كل البلدان العربية، فإذا أردنا أن نحرر قدسنا وأقصانا من نير الاحتلال الصهيوني الخارجي فلا بد لنا أولاً أن نحرر عواصمنا العربية الأخرى من نير الاحتلال الداخلي.

لما جاءنا الربيع العربي مزهراً، وأتت معه نسائم الحرية والكرامة، تآمَر الداخل العميل عليه، ومن ورائه الخارج المعادي، الصليبي واليهودي، وذلك لأنهم يعرفون حق المعرفة أن تحرير البلاد العربية من الديكتاتورية والفساد هو أول الطريق لتحرير القدس.

إن الديكتاتورية والفساد والعمالة العربية هي التي ساعدت إسرائيل في قيام دولتها، وفي سيطرتها وهيمنتها على الشأن الإقليمي. فلقد حالت هذه الديكتاتوريات بين الشعوب العربية وبين قدسها، فأغلقت الحدود وكبّلت الجنود ونصرت اليهود.

فالأنظمة العربية أمام الصهيونية العالمية هي بين حالتين لا ثالث لهما، فإما أنظمة عميلة خائنة، وإما أنظمة جبانة خانعة.

لقد بدأنا حين ظننا أننا نجحنا في ربيعنا العربي، بدأنا في الحديث عن القدس وفلسطين وتحريرهما، كمرحلة تالية لازمة. وبدأنا في صوغ الأحلام، بل والاستعداد النفسي والفكري لذلك؛ لأننا نعلم كشعوب عربية وإسلامية أن لا نصرة لنا نحن العرب ولا كرامة ولا نهضة إلا بتحرير كامل أراضينا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القدس وفلسطين.

فللقدس وفلسطين المكانة الأولى في نفس كل عربي ومسلم.

وإن العدو ليعلم ذلك جيداً، ولذلك فكل خُططه ومؤامراته هي من أجل أن تظل الشعوب مستعبدة، وتظل الديكتاتوريات جاثمة على صدورها، ويظل الفساد ضارباً في جذورها وفروعها وأوراقها، وحين ذلك، يأمن العدو على مستقبله، ويتطلع لمزيد من الانتصار والهيمنة وابتلاع الأرض.

لم ينجح ربيعنا العربي، مع حجم التآمر الداخلي والخارجي المخيف، وارتدت الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ذلك الربيع، بل ارتدت إلى الأسوأ، ارتدت إلى ديكتاتوريات أشد دمويةً وإجراماً، وعصابات طائفية، وحروب أهلية دموية، وتدخلات عسكرية مباشرة من الشرق والغرب.

لقد كان الأمل أن يأخذنا هذا الربيع إلى ورود وأزهار وثمار، لكنه أخذنا بعد فشله إلى انهيار وضياع ودمار.

وهنا جاءت الفرصة للعدو الصهيوني ومن ورائه الأم أميركا، جاءته الفرصة على طبق من ذهب ليكمل مؤامراته، وينهي مخططه بابتلاع القدس وإعلانها عاصمة لدولة إسرائيل.

وما كان لهم أن يفعلوا ذلك إلا بعد فشل الربيع العربي وفشل حركة الشعوب نحو الحرية والكرامة.

وقد آل الأمر من بعد فشل هذا الربيع إلى شعوب أشد ضعفاً وخوراً، وأنظمة أشد عمالة وجبناً.

ما كانت للقدس أن تضيع إلا بعد ضياع الربيع العربي، وما كان للعدو الخارجي أن يسير في مخططه ومؤامراته إلا بعد تأدية العدو الداخلي لدوره على أكمل وجه، وما كان لأميركا أن تتبجح بهذا القرار التاريخي إلا بعد الموافقة المباشرة من أنظمة عربية خرجت التسريبات والتصريحات المباشرة لسياسيين وإعلاميين يهود لتشير إليها وتذكرها.

القدس ليست مدينة فلسطينية فقط، ولكنها مدينة عربية وإسلامية، وتحريرها ليس متروكاً للفلسطينيين وحدهم، بل هو واجب على كل عربي ومسلم، ولو افتراضاً تخلّى عنها الفلسطينيون وقبلوا بالتسوية بها، فلن يقبل أي عربي ومسلم حر أبيّ إلا بتحريرها، وعودتها عاصمة لفلسطين من البر إلى البحر، بل وعاصمة للدولة الإسلامية الموحّدة من إندونيسيا إلى المغرب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد