تشكل تجربة بلوغ سن الخمسين تحدياً كبيراً.
تتضح حقيقة نقطة التحول في بعض التغييرات الجسدية المقلقة؛ إذ تصبح العضلات أقل مرونة في الصباح، ولا تصل كرات الغولف إلى مسافة بعيدة بعد ضربها، وكأن شخصاً أثقلها بوزن إضافي، وتصبح رؤية العينين ضبابية.
تعتبر هذه الأعراض في الحقيقة ثانوية، والآلة التي تسمى "الجسد" لا يزال يُجيد التعامل مع تجارب الحياة دون الكثير من المتاعب.
ولكن عندما يقول المرء إنه يبلغ من العمر نيفاً وخمسين عاماً، فإن ذلك يشكل صفعة تصيب هويته.
يعتبر ادعاء الشباب نوعاً من الرفاهية التي من الأفضل تركها إلى أولئك الأصغر سناً. قد يتحدث إليك الشباب في سن العشرين أو الثلاثين بدافع من الشفقة أو التقدير لكبر السن، ولكن في كلتا الحالتين ليس من المرجح دعوتك إلى النادي الليلي في وقت لاحق.
لم يسبق لي أن كافحت بلا أدنى أمل لتغيير حقيقةٍ في الحياة بذلك العزم الحازم. لقد بلغت الخمسين من العمر، ومن الممكن أن أخفي ذلك أو ألا أتحدث عنه، ولكن لا يمكنني تغييره.
بالطبع ليس كل من يشاركونني في هذا المصير مؤخراً يتعامل مع هذه المسألة بنفس الطريقة، فثمة ذلك النوع من الأشخاص الهادئين الذين يدَّعون أنهم تقبلوا عمرهم، ولكنهم كاذبون.
ويوجد أولئك الذين يدخلون في حالة عميقة من الإنكار، وعلى الرغم من أن فعل ذلك له العديد من العوامل الجذابة، ولكن بغض النظر عن مدى عمق خداعي لنفسي، ما زالت الحقيقة تطاردني في الساعات المتأخرة من الليل، ولكن بطبيعة الحال، ليس كل من بلغ الخمسين من العمر يصبح في الغالب مستيقظاً حتى الساعات المتأخرة من الليل.
وهناك بعض الذين يبالغون في إضفاء تعبير مجازي مهيب ويطلقون على معاناتهم "أزمة منتصف العمر"، ربما كنت سأشعر بالإغراء لفعل ذلك، لو كان لديّ بريق باقٍ وقدرة على تجاهل الحرج، لكن الحقيقة التي تفيد بأنني بلغت سن الخمسين لم تعطِني أياً من ذلك.
ولذلك، في محاولة للتصالح مع أبينا المبجل الذي يسمى "الوقت"، ذهبت في رحله مع أصدقاء المدرسة القدامى لتقاسم البؤس بشرب زجاجة من النبيذ.
هناك شيء استثنائي بشأن الصداقات التي تكونها في سنوات المراهقة، تلك اللحظة التي تشاركنا فيها: اكتشاف الحياة والتي تحمل معها الصدق حول من نكون حقاً، والسلوكيات المتكلفة التي لم يتَح لها الوقت اللازم لتنضج، وآمال ومخاوف وأحلام المستقبل التي كانت تكمن فينا، وأولئك الذين عرفونا في ذلك الوقت حملوا معهم ألفة الشباب طوال الحياة، وسلاسة المحادثة.
كان حاضراً الطاقم المثالي لاستكشاف ما يعني هذا المسار الحزين للأحداث وكيف بحق السماء كنا نتعامل معه.
وقد خدع مضمون مناقشتنا الفارق في حياتنا مقارنة بما كان عليه قبل 20 عاماً. ثم تحدثنا حول بداية الحياة عندما وصل أول أطفالنا في المجموعة، وجرى استكشاف الطاقة والتضحيات اللازمة لتجربة فرحة الأبوة، لقد غيّر أطفالنا تماماً من هويتنا، ولكن الجهد المستنفد يعني أنه لم يكن هناك وقت للتخبط في الأسئلة حول من كنا.
كنا نتحدث الآن عن نهاية الحياة، في العام الماضي، فقد ثلاثة منا آباءهم، وقارنا الخيارات التي تدمي القلب حول الآباء المسنين ودور الرعاية، وقد تسلل إلينا هذا الجانب الذي يمكن التنبؤ به بوضوح من الحياة وسرقنا، بينما كنا غير مدركين تماماً. فقد تحطمت الفكرة التي تشير إلى أن حياتنا ستتضمن دائماً شخصيات أساسية، في حين أن هناك عدداً قليلاً فقط مَن يشهد الرحلة بأكملها.
وقد زاد الحزن عندما اتجه الحوار عن الأصدقاء والزملاء، والأشخاص الأصغر سناً مني بكثير، الذين قد ماتوا بالفعل، لقد كانوا غير متكافئين بشكل غير عادل في تجربة الحياة. من خلال هذه العدسة التي تشهد عيد ميلادها الخمسين الذي كان مليئاً بالسعادة، وقد تساهل معنا قليلاً هذا القلق المرهق الذي ينتابنا من هذه الهوية الخمسينية.
من الأفضل إذاً المضي قدماً للخوض في التجارب والأمنيات من أجل المستقبل: تلك هي المناقشة المألوفة التي اعتدنا عليها منذ الطفولة.
تراوحت الأحلام بين الحياة المهنية (أن تكون عضواً في مجلس إدارة شركة ما)، إلى الأعمال الخيرية (مثل تأسيس منظمة غير حكومية للعاملين في مجال النسيج في العالم النامي)، وبين تطوير مهارة جديدة (مثل ترويض الخيول)، وإلى مسائل شخصية جداً، مثل امتلاك الشجاعة الكافية للتغيير.
لقد أخفقنا في التنبؤ بكثير من الحياة، سواء الأشياء الجيدة أو السيئة، واتفقنا على أنه لن يكون هناك استعراض منتصف المدة لهذه الأحلام. تقدم الآمال التوجيهات والدوافع، لكن الحياة تتمحور حول كيفية شعورك تجاه ما تقدمه الرحلة، ولذا فإن الإصرار على المحاسبة سيخفق في الوصول إلى ما هو منشود.
وبحلول الليل، كان هناك فرحة وحماسة في المحادثة التي أعادتنا إلى الأيام الأولى من الشباب، وكان هناك أيضاً راحة في معرفة أنه مع هؤلاء الأصدقاء أجرينا محادثة يمكن أن تتكرر في المستقبل، مراراً وتكراراً.
لا شك أن العمر قد غيّرنا، ولا تزال الطبيعة المقلقة لعمر الخمسين مستمرة، بيد أن الصحبة هي أفضل ما يمكنه مساعدتنا في التعامل مع الألم والتجربة، من خلال هذه المجموعة الخاصة جداً من الأقران وأصدقاء الطفولة أصبحنا شهوداً على حياتنا.
ربما يكون ذلك هو العزاء الذي كنت أبحث عنه.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية لـ "هاف بوست".. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.