هل الغضب العربي بات من الماضي؟

كنت أظن أنني سأستيقظ صباحاً على قرارات دولية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وتعليق معاهدات السلام واتخاذ إجراءات حقيقية ضد قرار ترامب، كنت أعتقد بأننا سنقوم بربط الحزام استعداداً للحرب العالمية الثالثة، وأنّ جلسة طارئة لجامعة الدول العربية ستقام، وستتنحّى الخلافات العربية جانباً، ويقف العرب وقفة رجل واحد ضد هذا القرار، وأنه مهما كانت خطورة المصالح بين الدول العربية والدولة العبرية وأميركا فلن تكون بحجم هذا القرار الاستفزازي.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/19 الساعة 01:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/19 الساعة 01:51 بتوقيت غرينتش

(الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويعلن نقل السفارة الأميركية إليها).

خبر فاجأ العالم في 6/12/2017 وجعله ينتفض بخجل بين استنكار رئيس واعتراض وزير وسخط نائب وتغريدات مستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومعتصمين في الشوارع يحملون في قلوبهم مزيجاً من الغضب والحسرة رافضين لهذا القرار.

كنت أظن أنني سأستيقظ صباحاً على قرارات دولية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وتعليق معاهدات السلام واتخاذ إجراءات حقيقية ضد قرار ترامب، كنت أعتقد بأننا سنقوم بربط الحزام استعداداً للحرب العالمية الثالثة، وأنّ جلسة طارئة لجامعة الدول العربية ستقام، وستتنحّى الخلافات العربية جانباً، ويقف العرب وقفة رجل واحد ضد هذا القرار، وأنه مهما كانت خطورة المصالح بين الدول العربية والدولة العبرية وأميركا فلن تكون بحجم هذا القرار الاستفزازي.

كان رد الفعل المتواضع مفاجئاً بالنسبة لي على الأقل كأي مواطن عربي، فبدأت بقراءة التعليقات على مواقع التواصل، ومتابعة ردود فعل الرؤساء المشتركين بهذه المواقع، وإذ بقسم من المستخدمين العرب يتشاجرون فيما بينهم، ويتبادلون الشتائم بسبب تشكيك كل منهم في ولاء الآخر، وبتذكير كل منهم الآخر بالماضي الأسود لقيادة دولته، أو باستفزاز المؤثرين على هذه المواقع والتشكيك في عروبتهم، ومن السياسيين من يريد الاعتراف بنصف دولة أو بنصف عاصمة، أما القسم الأخير فكان تفاعلهم صادماً، فتارةً ينتقدون إطلالات النجوم في مهرجان فنّيّ، ويدافعون عن إطلالات آخرين، والكثير ينتقد برودهم أسفل هذه المنشورات بتفاهتهم ونسيانهم القضية.

قررت أن أتناسى ما قرأت، وأقنع نفسي بأن ما قرأته هو ترهات مراهقين، هممت بالتوجه، أحد أطفال العائلة حكى عما روته لهم هيئة التدريس عن القدس، وبدأ برواية أحداث متفرقة وكأنها فيلم كرتوني ممل، ومن ثم توقف وقال بأنه نسي القصة، فكانت صدمتي الكبرى، فلطالما كانت القضية الفلسطينية قضية مختلفة ذات طابع خاص في نفوس العرب، وكانت المدارس العربية بشكل خاص لا تتوقف عن تذكير الطلاب بهذه القضية المحورية في التاريخ العربي والإسلامي، وخاصة في الأيام التي تحمل أحداثاً كهذا الحدث الذي يعد فرصة لشرح القضية الفلسطينية للطلاب، وإشعال الغيرة العربية في نفوسهم.

لعله لم تعُد لدينا القدرة على الغضب إلا في وجه بعضنا البعض، أو لعلّ سياسة ترويض العرب من خلال إرهاقهم بملاحقة لقمة العيش ومواكبة تغيّرات الحياة، قد بدأت تتكلل بالنجاح، ولربّما لم يعد يليق بنا الغضب والعروبة وأن الشعارات التي كنّا نتغنى بها باتت حبراً على ورق، أو أن هذه تقنية حديثة لقياس الغضب العربي على هذا القرار، الذي ستتبعه قرارات مجحفة أخرى تهدد الكيان العربي.

شئتم أم أبيتم، القدس عاصمة فلسطين وهي في قلب كل قارئ جيد للتاريخ ومؤمن بكتب الله، فلسطين وطن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهذه القرارات التي تثقل هذه الأرض المباركة والصمت العالمي تجاهها يقع في نطاق اللا منطق.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد