في العام الثالث من اعتقال زوجي أجدني أحياناً أختلي بنفسي وبأفكاري وأتساءل:
لماذا كل هذا؟ لماذا أتحدث إلى الإعلام؟ وأعرض قضية زوجي. لماذا أسعى في جميع الاتجاهات ومقابلة الأشخاص ممن لهم طريق وحديث مع السلطة.
لماذا أذهب إلى نقابة الصحافيين؟ وأحرص على أن تأخذ شكواي رقماً صادراً وأنا أعلم جيداً أنني لن أعثر عليها بعد ذلك، ولن أجد أي رد عليها.
لماذا أذهب إلى مصلحة السجون؟ في مشوار بات أقرب إلى الواجب الشهري وأنا أعلم جيداً أن كل ما تقدمت به من شكاوى سوف تكون إجابته بالرفض.
لماذا أكتب على صفحات التواصل الاجتماعي؟ وأنا أعلم جيداً أن كل ما أكتبه هو مجرد تنفيس عما بداخلي وليس له صدى في تحسين أي وضع له بالداخل.. (لاحظوا لم أطالب بإفراج)
لماذا أكتب وأكتب وأرسل إلى منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان؟ وأستنجد بها بعد أن أعيتني الحيل في داخل بلدي ولم أجد أي استجابة من منظمة حقوق الإنسان ببلدي سوى توثيق شكواي فقط.
لماذا أغلق على بابي؟ وأبكي وأنا أعلم أن بكائي لم يعد يجدي.
لماذا أحلم باليوم الذي يخرج فيه؟ فهل أستطيع تحمل رؤيته وهو يتحسس طريقه أو هل استعددت نفسياً للحظة التي من الممكن أن لا يراني فيها ولا يعرفنى إلا من صوتي. لماذا أحلم باليوم الذي يخرج فيه؟ وأنا أعلم جيداً أن طريق المستشفى سوف يكون أولى خطواتي وستبدأ رحلة علاج لا أعلم كم تستمر؟
تحدثني نفسي كثيراً هل سيقبل بعد خروجه بكل التغيرات الجسيمة التي حدثت في فكري وشخصيتى وتعاملاتي. أم سوف يطالبني بأن أعود إلى ما كنت عليه قبل اعتقاله. ووجدتنى أحدث نفسي رداً على نفسي: بس يخرج أولاً وبعدها يفعل الله مايشاء .
أفكر كثيراً في عدد الأشخاص الذين سوف ييتهجون لخروجه وسوف يكتبون ويبشرون وهم الذين لم يكتبوا حرفاً واحداً عنه منذ اعتقاله.
أفكر كثيراً في عدد زوار بيتي بعد خروجه وكم المهنئين الذين سوف يتوافدون على منزلي بعد أن صار خواء وفسد جرسه من عدم الرن عليه منذ اعتقاله.
أفكر وأفكر وأحدث نفسي كثيراً لأنتهى إلى لا شيء سوى زيادة آلامي، أنظر حولي لعلي أجد إنقاذاً سريعاً لنفسي قبل أن تهلك فأجد المجتمع كله في شقاق وصراع على أتفه الأمور.
أحاول أن أقرأ لشخصيات بارزة لها وزنها في المجتمع لعلي أجد في كتاباتهم ما يشفيني فأجد من توافه الكلام الكثير والسب والشتم والتخوين والبكاء على الماضي ولا أجد حلاً يأخذ بيدي ولا يد غيري مما نعانيه.
هل نضب المجتمع من شخصيات عاقلة تقرأ المشهد وتحاول أن تعالج على قدر ما تستطيع حتى في أمور صغيرة.
هل خشي كل على منصبه وعلى كرسيه ومنعه من الوقوف بوضوح وبدون مواربة بجانب من ضحوا بسنوات من عمرهم من أجل مستقبل أفضل للبلاد.
سوف تزول الأنظمة الظالمة يوماً ولكن لن تمحى من ذاكرتى من كانوا يستطيعون الوقوف أمام الظلم البين بقول الحق، وسيظل من كانوا يمسكون العصا من المنتصف أحقر من تعرفت عليهم خلال محنتي.
أستطيع أن أقول عن كل ما كتبت وأستعير لفظ صديقي عزيز أنها شخبطة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.