زيارة ماكرون بين تأييد الحلفاء ورفض الوصاية

وقد لا يكون هذا المشهد بأيٍّ من دول الجوار أو حتى في تلك التي تسيطر عليها فرنسا أمنياً، لكنه يتكرر مع كل رئيس فرنسي يزور الجزائر، كأنه رمزية إثبات الحضور الثقافي والسياسي الفرنسي بالجزائر!

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/10 الساعة 04:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/10 الساعة 04:41 بتوقيت غرينتش

تمارس فرنسا وصايتها المعتادة على الجزائر عبر الزيارات المستمرة لمختلف أسلاكها السياسية؛ حيث حل مؤخراً الرئيس الفرنسي بالجزائر، فزُيِّنت له الشوارع وفُتحت له الطرقات ووُضع له برنامج زيارة لكبرى المدن، كما تم التركيز على الشوارع الفرنسية البناء، وتجوّل تحت حراسة عالية المستوى كأنه رئيس الجزائر، واستقبله جزء من الشعب الذي يحنّ إلى الأم فرنسا!

وقد لا يكون هذا المشهد بأيٍّ من دول الجوار أو حتى في تلك التي تسيطر عليها فرنسا أمنياً، لكنه يتكرر مع كل رئيس فرنسي يزور الجزائر، كأنه رمزية إثبات الحضور الثقافي والسياسي الفرنسي بالجزائر!

ومع كل زيارة مرتقبة، يتجدد فتح ملف الاعتراف بالجرائم الفرنسية في الجزائر، ورغم أنه مجرد لهو سياسي ودبلوماسي، فإن فرنسا -لحد الساعة- ترفض أن يُفتح هذا الملف، وتؤكد مركزيتها وعنصريتها حتى مع أبنائها الافتراضيين الذين يسترضون الشعب الجزائري بطروحة الاعتراف.

فمن وجهة نظر العمق الجزائري، قضيتنا مع فرنسا تاريخية لا تتحدد في الاعتراف بعينه؛ بل هي رؤية لرفض كل ما هو قيم فرنسية تفرضها على الجزائر عبر بيادقها وعبيدها الموجودين بكثرة والمتوغلين في مركز السلطة الجزائرية.

فقضيتنا هي إنهاء الوصاية بكل أوجهها، الثقافية والتربوية والسياسية.. قضيتنا هي استقلال الجزائر عن الحكم المركزي وانفصالها عن قرارات "الإليزيه".. قضيتنا هي الانفتاح على العالم اقتصادياً لا حصراً في كل ما هو فرنسي.

قضيتنا هي تعريب المناهج التربوية والدوائر الإدارية، بالإضافة إلى انفتاح لغوي بمعزل عن فرض اللغة الفرنسية كأداة للتواصل والتعليم.. وقضيتنا هي لا لأن تقرر فرنسا من يكون الرئيس، والحكومة، والوزير وغيرهم من أصحاب القرار.

ماكرون يتملكه يقين بأنه سيلتقي أذنابه وأبناء فرنسا المستولَدين، أما الجزائري "الحُر" فلن يكون جزائريّاً لو فقط مالت عيناه إلى رؤية عدوّه يلهو ويمرح ويدنس قداسة هذه الأرض المسقية بدماء آبائه وأجداده.

زيارة ماكرون هي تجديد للعهد الروماني الذي كان يمارس الوصاية نفسها على الدويلات الموجودة تحت سيطرته، بتغيّر في الأساليب بما يقتضيه العصر، فهو على علم مسبق بأن وزير مجاهدين سابق يقيم بباريس، وأن كل السياسيين وأصحاب القرار مجنَّدون لزيارة فرنسا، على الأقل مرّة في الأسبوع.

ومع كل هذا الألم والتحسر على ما آلت إليه الجزائر من ركوع وخضوع للمركزية الفرنسية، فإنه لا يزال هناك وسائل متجددة لرفض هذا المشروع الفرانكفوني، من خلال تشجيع كل المبادرات المناهضة له، والتعاطف مع كل المناضلين في سبيل كشف الممارسات الفرنسية الدنيئة في الجزائر.

ويبقى أهم الحلول وأدقها، وصفاً وتقديراً، قطع الرابط الذي يغذي فرنسا حيوياً باتخاذ القرار في الجزائر، من شخصيات وإعلام ومؤسسات ومراكز وهيئات تدعم التوجه الفرانكفوني داخل الجزائر.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد