دعاية تقول الحقيقة

منذ البداية، فإن "نتنياهو" لم يتوقف عند الكشف عن تلك العلاقات، أو بعضها فقط، بل تفاخر بها، باعتباره أكثر الزعماء الإسرائيليين نشاطاً في هذا الصدد، كون معظمها حدثت في عهده، وقد نقل إسرائيل من موقع عدو إلى صديق وحليف في آن معاً، حتى بدون التقدّم بشأن القضية الفلسطينية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/18 الساعة 03:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/18 الساعة 03:59 بتوقيت غرينتش

خلال اليومين الفائتين، أكّد أحد محللي الأمن القومي الإسرائيلي أن رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" كاذب، بما يدعيه بشأن تمكنه من إيجاد وترسيخ علاقات جيّدة مع الدول العربية، وخاصة المعتدلة منها، مدّعياً أنها معقدة للغاية، وليست سهلة، مثلما يُحاول أن يقدمها، باعتباره يسعى إلى تصدير صورة للجمهور الإسرائيلي، تُفيد بأن العلاقة بين إسرائيل والدول العربية في أفضل حالاتها، وأن هناك تنسيقاً يجري في السرّ بين الجانبين، لدرجة أن العرب "يلتفون" حول إسرائيل، بشكل لم يكن لأحدٍ توقعه، مؤكداً أن إسرائيل تبذل جهوداً كبيرة لتشكيل تحالف مع دول عربية – سنّية- ضد إيران.

ويهدف بذلك إلى رسم دعاية كبيرة، تهدف إلى تحسين صورته لدى الداخل الإسرائيلي، والإيحاء له بأن الوضع السياسي الإسرائيلي على المستوى العالمي جيد، وفي تحسن مستمر، ومن ناحيةٍ أخرى، مُحاولة منه في إقناع الكل داخلياً وخارجياً بأنّه لا حاجة للدخول في مفاوضات مع الجانب الفلسطيني للتوصل إلى اتفاق سلام.

يُريد محلل الأمن القومي أن نصدُقه، ونكذّب ما نسمعه ونراه، على مدى الأيام، وعند كل مناسبة، بشأن وصول تلك العلاقات إلى مراحل متقدّمة، ويُذكّرنا بمن قصد جحا ليستعير حماره، وبعد أن أنكر جحا بأن ليس لديه حمار، وهمّ الرجل بالانصراف؛ إذ سمع نهيقاً في الداخل، فقال لجحا: إن الحمار بالداخل، فكيف تنكره عليّ؟ فقال جحا غاضباً: وهل تكذّبني وتصدّق الحمار؟

بعد أن كان لدينا من الدول العربية، من تربطها علاقات ثنائية بإسرائيل -وهي ما فتئت تمرّ بحالة ممتازة- نتيجة لمعاهدات سلام، تمّ إبرامها قبل عدة عقود، فقد حصلنا، على عدّة دعوات، لحكام ومسؤولين عرب تحث (علانية) على تبادل علاقات شاملة مع إسرائيل، حتى بدون ارتباطها بمبادرة السلام العربية، ولا بأية مبادرات سلام أخرى.

منذ البداية، فإن "نتنياهو" لم يتوقف عند الكشف عن تلك العلاقات، أو بعضها فقط، بل تفاخر بها، باعتباره أكثر الزعماء الإسرائيليين نشاطاً في هذا الصدد، كون معظمها حدثت في عهده، وقد نقل إسرائيل من موقع عدو إلى صديق وحليف في آن معاً، حتى بدون التقدّم بشأن القضية الفلسطينية.

وقد كان بودّه أن يوضّح أكثر عن تلك العلاقات بالصوت والصورة، لكن تعهّداته أمام الزعماء العرب الذين لا يزالون يفضّلون بأن تبقى العلاقات مُغطّاة، إلى أن تحين الفرصة المواتية، هي التي ألزمته بأن يبقى عند حدود معيّنة، كما أنه بات مقتنعاً بأن الوتيرة التي تسير عليها العلاقات على هذا المنوال هي مُجدية، وتكاد تكون أفضل حالاً من العلنيّة، بسبب أنها تفي بالغرض منها، وسواء كانت أمنيّة أو عسكريّة أو اقتصاديّة أو أي منافع أخرى.

إن تيار اليسار بجملته، والمُنكر لنجاحات "نتنياهو"، هو الذي يعمل على تشويه صورته، ويعمل على تقزيم جهوده، لأجل تصفية اليمين، أو تخفيض حجم حزب الليكود الذي يتزعمه على الأقل، باعتباره يتبنى وجهة نظره، والنهوض بأحزاب اليسار (الصهيونية)، للعودة إلى قيادة الدولة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد