لا يأكلون معهم ولا يصلّون خلفهم! تفاصيل شجار لا يتوقف بين أنصار داعش والإخوان في سجون مصر

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/13 الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/13 الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش

يخوض أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر ومُتشدِّدو تنظيم "الدولة الإسلامية "(داعش) نقاشات لا تنتهي عن الدين والسياسة وهم محتجزون داخل زنازين ضيقة وقذرة في سجن طرة سيئ الصيت في القاهرة.

هناك في السجون المصرية المكتظة تختمر معركة منذ أشهر، كشف عنها تقرير لموقع BuzzFeed الأميركي.

يروي الموقع الأميركي كيف رفض معتقلو داعش تناول الطعام إلى جانب معتقلي الإخوان، وأمروا أتباعهم بعدم الصلاة معهم، ووضعوا أيضاً قواعد مُحدَّدة بشأن متى وكيف يمكن أنَّ يصفوا زملاءهم في الزنازين بأنَّهم كفار، ومتى يمكنهم محاولة تجنيد أنصار الإسلام السياسي الذين كانوا مسالمين سابقاً في قضيتهم التي تتسم بالعنف.

معركة حقيقية بالسجون

وسعى الأعضاء الأكبر سناً بالإخوان المسلمين، وهي أقدم جماعة إسلامية في العالم، حسب وصف التقرير، لمنع أتباعهم الأصغر سناً من الانجراف نحو داعش. ولكن المناقشات المحتدمة تستمر ساعات، في ظل عدم وجود أي شيءٍ آخر يفعله المعتقلون بخلاف التحدُّث.

ووفقاً للعديد من الباحثين والنشطاء الذين تحدَّثوا إلى معتقلين حاليين وسابقين بطرة، فقد وصلت الجدالات بين الفريقين إلى تهكّمٍ متبادل، ولكن في 21 يونيو/حزيران 2016، التقط أنصار كلٍ منهما الأنابيب وأواني المطبخ ورفعوا قبضاتهم فيما أصبح شجاراً شارك فيه عشرات المعتقلين.

وقال محمد لطفي، الناشط المصري في مجال حقوق الإنسان، والذي كان على اتصالٍ بسجناء سابقين: "لقد التقطوا كل ما استطاعت أيديهم الوصول إليه".

ووصف والد أحد السجناء ذلك المشهد. فقال خلف بيومي، وهو محامٍ وعضو في جماعة الإخوان المسلمين المصرية، مقيم بإسطنبول، وعلم عن المشاجرة من ابنه المعتقل، أحمد، الذي كان شاهداً عليها: "بدأ الأمر بمحادثات، ثم تطوَّر إلى تبادلٍ للإهانات، ثم بدأوا يضرب بعضهم بعضاً. كانوا يتشاجرون في الأغلب بأيديهم فقط، وشارك في هذا الشجار عشرات السجناء".

ليس في مصر فقط

اندلعت منافسة شرسة داخل سجون مصر والدول العربية والدول الإسلامية الأخرى بين الجهاديين المتطرفين وأنصار الإسلام السياسي الأكثر اتزاناً حول المُجنَّدين الجُدُد. فكثيراً ما يشق داعش المجموعات الأكثر سلمية؛ من أجل التأثير واستمالة موالين له من بين المعتقلين الشباب في معظمهم الذين قُذف بهم في الزنازين المكتظة لأشهر أو سنوات.

وقال أحمد جمال زيادة، وهو صحفي يبلغ من العمر 29 عاماً قضى ما يقرب من عام ونصف العام في أحد السجون شمال القاهرة بعد اعتقاله في أثناء تصويره أحد الاحتجاجات في 28 ديسمبر/كانون الأول 2013: "المنافسة شديدة بين الإخوان المسلمين وداعش، وكان داعش يحاول تجنيد الإخوان المسلمين. ورد قادة الإخوان على ذلك. والأمر ليس مستتباً".

التعذيب يقويهم

ويتعرَّض بعض السجناء للتعذيب والحرمان، على الرغم من أنَّهم لم يرتكبوا أي جرائم أو لمجرّد ارتكابهم جرائم بسيطة، الأمر الذي يُغذِّي الغضب، الذي خشى الباحثون طويلاً من أنَّه سيُولِّد التطرف داخل السجون العربية.

وفي الوقت الذي يفقد فيه تنظيم داعش آخر الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا، يُركِّز معظم المحللين وصانعو السياسات على محاولات التنظيم للتسلل إلى الغرب.

لكنَّ ميلاداً جديداً ربما يكون أكثر قوة للتنظيم الجهادي قيد الاكتمال الآن داخل سجون العالم العربي، التي يُحتَجَز فيها أتباع داعش جنباً إلى جنب مع النشطاء السياسيين الآخرين، والمجرمين المزعومين، وأحياناً شباب مصري عشوائي قُبِض عليهم في المكان والتوقيت الخطأ.

وقد شهدت جماعة الإخوان، التي تأسّست قبل نحو 90 عاماً في مصر، والمجموعات الإسلامية التابعة لها تراجع أسهمها بعد قمع الحكومات المستبدة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط لأتباعها.

كانت تلك المجموعات تستعد لحصد الفوائد السياسية لانتفاضات الربيع العربي التي اندلعت عام 2011 ضد الأنظمة المستبدة في المنطقة، وروَّجوا لنسخةٍ سلميّة شعبويّة للإسلام السياسي.

لكنَّ الجماعة تعرَّضت لضغوط هائلة بعد انقلابٍ وقع في مصر عام 2013، والذي كان مدعوماً من المستبدين بمختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسب وصف الموقع الأميركي.

وقد أدّى الانقلاب، الذي قاده الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى الإطاحة بالحكومة المُنتخبة التي كان يرأسها الإسلامي محمد مرسي، وأعاد الحكم العسكري في مصر. وقد زُجَّ بعشرات الآلاف من أنصار وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وضمنهم مرسي نفسه، في السجن.

السجون الموطن الدائم للتطرّف

ويشير تقرير لموقع BuzzFeed الأميركي إلى أن الديناميات السياسية داخل المعتقلات العربية لها تداعيات تتجاوز كثيراً أسوار السجن.

فلطالما ساهمت سجون الشرق الأوسط في تكوين المتطرفين، وضمن ذلك مُؤسِّس تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، والسجين الأردني السابق الذي تحوَّل فرع تنظيم القاعدة الذي أسَّسه في العراق لاحقاً ليصبح تنظيم داعش، أبو مصعب الزرقاوي.

ويجد أنصار داعش المزعومين بالسجون تربةً خصبة، خاصةً في الأنظمة العربية الوحشيّة مثل مصر. فهناك علامات عديدة على أنَّ تنظيم داعش بدأ في استخدام السجون، المُفتَرَض بها سجن أعضائه والحد من أنشطتهم، لتوسيع نفوذه والتخطيط لعملياته.

وتعتقد السلطات والنشطاء المصريّون أنَّ معتقلين سابقين جنَّدهم داعش في السجون كانوا وراء التفجيرات الانتحارية التي وقعت في الكنائس بالقاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2016، وفي أحد الشعانين لهذا العام (2017) بالإسكندرية وطنطا.

ويبدو أنَّ الحكومات في مختلف أنحاء المنطقة تُودِع عناصر مزعومة تنتمي إلى تنظيم داعش لديهم مهارات لاستقطاب المُجنَّدين داخل السجون.

ففي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017، حكمت محكمة أمن الدولة الأردنية على اثنين من أنصار داعش المتهمين بمحاولة تجنيد أتباع على الإنترنت بالسجن 3 سنوات.

وفي العام الماضي (2016)، قضت محكمةٌ بحرينية على 24 من مُتشدِّدي داعش، من ضمنهم عناصر تقوم بعملية التجنيد، بالسجن فترات مطوّلة. وظهرت أيضاً تقارير عن احتجاز عناصر تقوم بعمليات التجنيد لداعش فى السجون على طول الطريق من الجزائر، إلى منطقة القوقاز الروسية، وطاجكستان، وإندونيسيا.

كيف تتعامل الجماعة مع هذا الخطر؟

ويشكِّل مؤيدو الإخوان المسلمين الجزء الأكبر من المعتقلين السياسيين ويهيمنون على الحياة الاجتماعية داخل السجون المصرية. وقال الباحث عبد الرحمن عيَّاش، وهو باحث مصري مقيم بإسطنبول وكان قد ترك جماعة الإخوان في عام 2011، إنَّ الجماعة تحتفظ بتسلسليتها الهرمية الصارمة والدقيقة داخل السجن.

ويُحذِّر الإخوان السجناء الآخرين من جاذبية تنظيم داعش، مرتأين أنَّ المسار الجهادي وما يعِد به من انتقام لمعاناتهم وتعذيبهم سيقود إلى الخراب. فقال أحمد عبد الله، وهو ناشطٌ ليبرالي احتُجِز 4 أشهر ونصف العام الماضي على خلفية اتهامات بالإضرار بالأمن القومي: "يقولون إنَّ أفراد تنظيم داعش سيِّئون، ويقولون أيضاً: داعش يضر بقضيتنا، وإذا اتبعتم طريقهم فسوف تفقدون كل شيء".

خيبة أمل

لكن، يُحذِّر الكثيرون من أنَّ عدمية داعش تتغلَّب على مناشدات الإخوان المسلمين. فيقول حليم حنيش، وهو محامٍ في مجال حقوق الإنسان بالقاهرة: "حين لا يكون هناك أملٌ في خروج الفصائل الإسلامية من السجن في أي وقتٍ قريب، فإنَّ تلك تكون فترة خيبة أملٍ وإحباط".

وتذكَّر حنيش قضية أحد موكليه، وهو طالب يبلغ من العمر 20 عاماً سُجِن بتهم زائفة تتعلَّق بالإرهاب عام 2015. وبعد أن مثَّله لمدة 18 شهراً، فوجئ حنيش بطرد الشاب الصغير له من تمثيله. فقال له الشاب: "لا أريد أن أزعجك، لكنَّك لن تستطيع تمثيلي مرةً أخرى؛ لأنَّك تحتكم إلى قانون الكُفر".

ويُعَد رفض المحامين سمة تميِّز معتقلي داعش عن المعتقلين الآخرين، بما في ذلك الداعمون المزعومون لـ"القاعدة". وأضاف حنيش: "كان الشاب يحب الحياة وكان حريصاً على الخروج من السجن، لكنَّه لم يعد كذلك".

تحوّل شباب الإخوان

ويتحول نشطاء الإخوان الشباب وغيرهم ممن يشعرون بأنّهم خُدِعوا بوعود شيوخهم وبإخفاقات عهد مرسي إلى فريسةٍ سهلة لداعش. فيقول أحمد عبد الله: "يقول داعش: لقد جرَّبنا الديمقراطية وانتهى بنا المطاف في السجن. فكان الجيش هو مَن بدأ باستخدام السلاح، ولماذا السيسي في الحكم؟ لأنَّه يمتلك السلاح".

وقال خلف بيومي الحقوقي إنَّه يشعر بالقلق بشأن ابنه المسجون البالغ 20 عاماً، أحمد، والذي يسأل دوماً: "لماذا نفعل ذلك؟! لماذا نحن مسالمون؟! علينا إيجاد طريقةٍ أخرى".

ولم تستجب سلطات السجون المصرية لطلباتٍ متكررة للتعليق من أجل هذا التقرير.

وقال سجناء، وباحثون، ونشطاء إنَّ العنف بين داعش والإخوان المسلمين مستمر، وإنَّ السلطات بدأت في فصل سجناء داعش عن باقي المعتقلين بمقرات احتجازٍ عديدة. لكن في بعض الأحيان لا يكون هناك مُتَّسعٌ يكفي لذلك. فجزءٌ كبير مِمَّن يُقدَّر عددهم بـ40 ألف معتقل في مصر، يجري احتجازهم بسجونٍ مؤقتة، ومُجمَّعات تابعة لوزارة الداخلية، ومعسكرات للجيش لا تكفي لفصل المسجونين.

ووصف أحد المعتقلين السابقين رؤيته أحد مؤيدي داعش وهو يُجنِّد سجيناً آخر حين كانوا يجلسون ساعاتٍ داخل الشاحنة في الطريق من السجن إلى المحكمة. وتحدَّث باحثٌ عن عراكٍ ضَمَّ معتقلين من الإخوان المسلمين وداعش في أثناء عملية نقل مماثلة لمعتقلين في وقتٍ سابق من هذا العام.

عملية منسقة

ويتحدَّث معتقلون سابقون عن جهدٍ مُنسَّق من داعش لإعادة تأسيس رؤيته الاجتماعية الفريدة والمُثيرة للانقسام داخل جدران السجن. فقال أحد المعتقلين السابقين في سجنِ شمال القاهرة، مُتحدِّثاً شريطة عدم الكشف عن هُويته، إنَّه كان يُوصَف بـ"بالكافر" من قِبل معتقلي داعش؛ لأنَّه تحدَّث عن حبه نادي كرة القدم مانشستر يونايتد.

وأطلعه حُرَّاس السجن لاحقاً على مجموعة من التعليمات المكتوبة بخط اليد التي اكتشفوها داخل زنزانة أخرى، وتُفصِّل كيف ومتى يصف أتباع داعش المعتقلين الآخرين بالكفار، ومَن يستهدفون، في محاولةٍ لإحياء نسخةٍ من خلافتهم الفاشلة داخل السجن.

وقال مصطفى عبده، وهو باحث ركَّز على قضية عمليات التجنيد التي يقوم بها داعش داخل السجون: "ينظر داعش إلى الإخوان المسلمين بازدراء، إنَّهم يعتبرونهم كفاراً، ويخبرون أعضاء الإخوان المسلمين الشباب بذلك".

وفي الفترة التي قضاها بالسجن، قال الصحفي جمال زيادة إنَّه بدأ يلاحظ كيف كان كل أعضاء داعش يتجمَّعون حول أحد الأمراء، وهو عميلٌ سابق طويل القامة في تنظيم القاعدة وذو حضورٍ قوي ولحية مُنسَّقة بعناية، ويقود الجهاديين داخل السجن. وقال زيادة: "اعتادوا غسل ملابسه. وكان ينتقل من زنزانةٍ إلى أخرى مُلقياً الخطب ومُتحدِّثاً عن الجهاد والمسائل الدينية".

رشى الإخوان

وكان الإخوان يواجهون داعش بتقديم وجبات لذيذة من الدجاج واللحم المشوي التي هُرِّبت إلى داخل السجن عبر منح الحراس رشى من السجائر ثُمَّ يُقدِّمون الطعام إلى كل المعتقلين. وقال زيادة: "كانوا يذهبون إلى كل طابق وكل زنزانة إلى أن يحصل كل معتقلٍ على قطعة. وكان الطعام جيداً للغاية".

يستهدف داعش المُجنَّدين الذين يمتلكون مهارات خاصة. ويتذكَّر "زيادة" تنافساً محموماً بين الإخوان المسلمين وداعش على سجينٍ كان طالباً بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بالقاهرة، والتي يرتادها المتفوقون علمياً، وتُعتبَر النظير المصري لمعهد ماساتشوستس التقني في الولايات المتحدة. فقال زيادة: "قال له داعش: لن تحمل سلاحاً. ولن تقاتل. ستستخدم عقلك".

خلايا نائمة يدخنون الشيشة

يخشى بعض الخبراء من أنَّ داعش قد جنَّد خلايا نائمة في السحن، والذين قد تصبح لديهم الجرأة بعد ذلك للتحرُّك. فقال عبده، الباحث، إنَّه قابل أحد المعتقلين السابقين الذين انضموا إلى داعش في السجن، لكنَّه تخلَّى عن أي مظاهر إسلامية في اللحظة التي خرج فيها من السجن، فحلق لحيته، وعاد لتدخين الشيشة، وقضاء الوقت مع الأصدقاء القدامى.

وقال عبده: "لن تُخمِّن أبداً ما حدث له. إنَّه يشعر بأنَّه كان يتعرَّض لقدرٍ كبير من القهر، وفَقَدَ تعليمه، وتعرَّض للتعذيب. ويعتقد أنَّ ما حدث له كان ظلماً. ولا يزال يحاول استكشاف خياراته. لكن إن لم يحصل على ما يريده من الحياة…".

كيف يجندونهم؟

وداخل السجن، يُقدِّم مُجنَّدو داعش للمعتقلين الشباب، الذين غالباً ما يكونون مرتبكين ويائسين، إطاراً لفهم مصيرهم. فقال عبد الرحمن الغادي، وهو ناشط ومناصر لحقوق الإنسان ظل يتردَّد على السجن على مدار السنوات القليلة الماضية، إنَّ تجنيد وعنف داعش داخل السجون قفزا في 2015 حين بدأت السلطات المصرية التشديد على الكتب التي يُسمَح بإدخالها إلى السجون.

وقال الغادي، الذي سُجِن والده وشقيقه: "تخيَّل أنَّك بالسجن، حينها سيكون التحدِّي الأكبر أمامك هو تمضية ومرور الوقت. وقبل أن تتمكَّن من قراءة الكتب، كانت الطريقة الوحيدة لتمضية الوقت حين يُغلِقون الباب هي الحديث عن أفكارك وتجاربك. وتُمثِّل المجموعات والفصائل الإسلامية الغالبية العظمى من المسجونين. فتخيَّل أن يكون هناك تدفُّقٌ مستمرٌ للأفكار المتطرِّفة إلى دماغك. إنَّهم يتحدثون، ويستمعون، ويتحدثون، ويستمعون. فتبدأ بالاستسلام، وتصبح ضعيفاً، وتفقد كل الحجج المنطقية، وتصبح أخيراً مستعداً لاستيعاب الأفكار والحجج المُتطرِّفة".

الحكومة تحارب العلمانيين

وبعد رؤية الإسلاميين وهم يتحكَّمون في سجنه بمنطقة التجمُّع الخامس شرق القاهرة، أصبح أحمد عبد الله، الناشِط الليبرالي، لا يحتمل المزيد. فاتَّصل ببعض رجال الأعمال الأثرياء داخل السجن ورتَّب لهم رشوة الحرَّاس كي يسمحوا بإدخال بعض الكتب. وقد أسَّس مجموعة للقراءة باستخدام الترجمات العربية للأدب والفلسفة العالمية. وهم يقرأون لفرانس كافكا؛ كي يفهموا الطبيعة الكابوسية للبيروقراطية في مصر، وجورج أورويل لتوضيح السلطوية الوحشية، وجان جاك روسو كمُقدِّمة للحكم الديمقراطي والعقد الاجتماعي. وكان من دواعي سعادته أنَّ المعتقلين الآخرين كانوا مُتقبِّلين؛ حتى وإن حضر بعض الإسلاميين المناقشات.

وفجأة، اقتحمت قوات الأمن المكان واستولت على الكتب، واتَّهمت بصوتٍ عالٍ عبد الله، الذي يعمل أستاذاً للهندسة بجامعة القاهرة، بتسميم عقول المسجونين. ونُقِل إلى زنزانة حبسٍ انفرادي رطبة، دون مِنشفة أو غطاء. وأُطلِق سراحه من السجن بعد 3 أيام. وقال إنَّه لا بد من أنَّ السلطات قدَّرت كم كان يُمثِّل مصدراً للإزعاج داخل السجن أكثر من خارجه.

وقال عبد الله، وهو يُدخِّن شيشة مُنكِهة في أحد المقاهي بوسط القاهرة: "حين تكون لدينا فرصة للتنافس، نفوز. كان المعتقلون مُتحمِّسين حقاً لِما كُنَّا نقوله. لكن، اتَّضح أنَّ حكومتنا تعتبر النشطاء العلمانيين أكثر خطراً من الإخوان المسلمين أو داعش".

تحميل المزيد