في أكتوبر/تشرين الأول 2017 أعلنت القيادة المشتركة تحرير مدينة الحويجة وجبال مكحول وجبال حمرين وحوض دجلة ومساحة واسعة 5400 كم2 ما يعد نصراً كبيراً على داعش تحقق في 19 يوماً، هذه القوات المنتصرة طلب منها تنفيذ عملية واسعة لفرض الأمن والقانون في المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان ولمسافة 1050 كم بعد انشقاق حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى جناحين؛
جناح بقيادة بافيل الطالباني الذي قادة التنسيق والتفاهم مع القائد العراقي البارز هادي العامري، وبإشراف الجنرال قاسم سليماني، من أجل انسحاب وحدات قوات البيشمركة المرتبطة ببافيل الطالباني، نتج عن ذلك انطلاق العمليات في ليلة 15/16 أكتوبر، فرضت بها القوات الاتحادية سلطتها على محافظة كركوك ومركزها حتى آخر ناحية من جهة أربيل التون كوبري التي دخلت لها القوات في 20 أكتوبر، بعد اشتباكات شديدة مع بيشمركة التابعة لمسعود بارزاني ومنطقة جمجمال من جهة السليمانية، دخلت القوات الاتحادية بعد الطلب من بافيل طالباني من أجل إدارة مشتركة.
قوات البيشمركة انسحبت من غالب مواضعها على الخطوط الأمامية لكردستان مع القوات الاتحادية، وحتى قوات الزيرفاني في مناطق الحزب الديمقراطي وقوات الطوارئ في مناطق الاتحاد الوطني.
وينقسم خط الجبهة الذي يبلغ نحو 1050 كيلومتراً (أكثر من 650 ميلاً) والذي يفصل بين قوات الأكراد والقوات الاتحادية، إلى ثمانية قطاعات تتوزع بالتساوي بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني.
فقوات الزيرفاني، وقوّات أسايش التابعة للحزب الأول، التي تتكوّن من 80 وحدة، تتمركز في المناطق التي يسيطر عليها تقليدياً هذا الحزب، مثل كوير ومخمور وسنجار وقرب الموصل وأربيل انسحبت بنسبة 70٪ إلى حدود عام 2003 ما يعرف بالخط الأزرق.
أما الاتحاد الوطني الجناح التابع لبافيل طالباني، فقد انسحبت قواته الخاصة بمكافحة الإرهاب من كل المناطق المتنازع عليها إلى داخل السليمانية، والتي تتكوّن من 70 وحدة، وقوات الطوارئ حول كركوك وديالى.
وخلال أسبوع القوات الاتحادية إعادة الانتشار في مندلي وخانقين والسعدية وجلولاء وطوزخورماتو وداقوق وتازة ومركز كركوك وليلان وباي حسن وبابا كركر وشوان والدبس والتون كوبري وجمجمال وباطنايا وسد الموصل ومخمور والكوير وربيعة وزمار والعياضية والقحطانية وفيشخابور وسنجار، ولم يبقَ إلا تلكيف والشيخان والحمدانية من المناطق المتنازع عليها.
أما الحقول والآبار ومناطق البقع النفطية فقد فرضت بغداد القانون على آبار الدبس النفطية والغازية وبابا كركر وباي حسن في كركوك، وعلى الحقول في خانقين ومندلي وعلى آبار زمار وعين زالة وبطمة في شمال نينوى، وهذه الحقول والآبار تشكل قرابة 20-25٪ من إنتاج العراق من ثرواته النفطية وإذا تمت إضافة لها إنتاج حقول الشيخان وبعشيقة فإنها تشكل 30٪.
ووضعت كركوك والمناطق المتنازع عليها بموجب المادة 140 من دستور العراق الذي أقر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005 ضمن ما تسمى المناطق المتنازع عليها بين السلطة المركزية في بغداد وإقليم كردستان، وهي المناطق التي وصفها الدكتور العبادي في مؤتمر صحفي عقده في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2017 بأنها مناطق محتلة من قبل الإقليم الذي استولى عليها منذ عام 2003 بشكل تدريجي، مستغلاً انشغال القوات العراقية بمحاربة المنظمات الإرهابية.
ووفقاً لهذا البند، تتولى الحكومة الاتحادية ببغداد إدارة هذه المحافظة، لكن الواقع على الأرض يظهر أن الأكراد عملوا ومنذ الاحتلال الأميركي، وحتى قبله، على فرض هيمنتهم عليها، حيث عملت الأحزاب الكردية طوال تلك الفترة على ربطها بالمناطق ذات الأغلبية الكردية، على غرار محافظات كردستان الأربع: حلبجة، السليمانية، وأربيل، ودهوك.
بيان وزارة الخارجية الأميركية الصادر في 20 أكتوبر الجاري يؤكد أن المناطق المتنازع عليها حتى مع فرض السلطة الاتحادية سيطرتها عليها تبقى مناطق متنازعاً عليها بين الكرد وبغداد، وينبغي أن يكون هناك إدارة مشتركة وحوار من أجل الوصول لحلول دستورية وقانونية "إن عودة السلطة الفيدرالية إلى المناطق المتنازع عليها لا يغير بأي حال من الأحوال من وضعها، فهي ستبقى مناطق متنازعاً عليها حتى يتم حل وضعها وفقاً للدستور العراقي. وإلى أن تصل الأطراف إلى حل، نحثها على العمل معاً لتنسيق الأمن والإدارة في هذه المناطق. وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي لجميع الأطراف الدخول في حوار الآن على أساس الدستور العراقي، وذلك بحسب عرض رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الذي وافقت عليه حكومة إقليم كردستان بشكل معلن".
وقال سعد الحديثي المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي: "إن أي مفاوضات ستكون مشروطة بالتأكيد على وحدة البلاد والدستور واحترام سيادة الحكومة الاتحادية على المنافذ الحدودية والمطارات والثروات السيادية وقوات البيشمركة والأجهزة الأمنية الكردية وفرض القانون في المناطق المتنازع عليها ومنع أي سلوك منافٍ للدستور من قبل الإقليم".
منذ نحو 14 عاماً قامت بغداد بغض النظر عن تنفيذ قوانينها الاتحادية الخاصة بالمناطق المتنازع عليها وجعلت من السهل للغاية على الكرد الذين "يحلمون بدولة مستقلة" الحصول على المزيد من فرض السلطات على أراضٍ جديدة دون الذهاب إلى الدستور العراقي، حتى أصبح عدد الوحدات الإدارية التي أضيفت إلى سلطات كردستان 28 وحدة إدارية غالبها تتصف بالتنوع العرقي والطائفي، وهي غنية بالموارد البشرية والثروات النفطية والمائية.
تعني جملة "المناطق المتنازع عليها" بالعراقي "إضافة أراضٍ جديدة إلى كردستان" أو "تنفيذ سلطة كردستان الأحادية عليها" استخدمت كردستان سياسة فرض سلطاتها بقوة الأمر الواقع وتخادمها مع ساسة بغداد الضعفاء لتبرير تدخلها في شؤون إدارة اقتصاد وأمن تلك الوحدات.
ومن المرجح أن تستمر الأحزاب الكردية في استخدام مصطلح المناطق المتنازع عليها حتى مع حملة بغداد لفرض السلطات الاتحادية على جميع الوحدات الإدارية الـ28 التي انطلقت يوم 15/16 أكتوبر الجاري.
في البرلمان الاتحادي، يميل مصطلح "المناطق المتنازع عليها" إلى الظهور غالباً فيما يتصل بالتوافقات السياسية والرِّشى الحكومية والمحاصصة القومية والطائفية.
السؤال: هل ينجح العبادي بإنهاء استخدام هذا المصطلح ويلجأ إلى صناعة التطبيع والتعايش وإجراء الإحصاء السكاني ثم يجعل الانتخابات المحلية هي مَن تختار إدارتها المحلية وبصلاحيات لا مركزية كاملة؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.