إذا ما أجرينا رسماً بيانياً لنرى العلاقة بين (القيم، المبادئ، الأخلاق) والزمن، سنجد أنها في انحدار مستمر مع مرور الزمن، ما يجعلنا نتساءل ماذا أصاب هذا الوطن؟
عندما تحكم الشللية البلاد تصبح اللغة الحنجورية هي السائدة، وهكذا يكون الشعب أصمّ لا يقوى على الكلام.. لا يقوى على أي من القيم!
التعميم لغة الجهل، ولكن نتحدث هنا عن النتائج وعن الواقع المفروض، فالصوت بالنهاية هو مَن يقرر الحدث لا العكس، والصوت المسيطر حالياً هو صوت الأجندات الضيقة.. صوت تحريف المبادئ والعقائد والقيم والثوابت.. صوت ينادي بتحويط القيم الوطنية وكأنها فيروسات وأمراض وبائية.
إذا افترضنا أن الأنظمة والمبادئ الأساسية للفصائل الفلسطينية من يمينها إلى يسارها هي المعيار الذي تحتكم إليه الوطنية الفلسطينية.. سنجد ببساطة أن النخبة التي تسير دواليب تلك الفصائل اليوم لم تصل حتى إلى أقرب مكان من شاطىء الوطنية.
مُلحدون وطنياً.. وبوقاحة يدعون: "اللهم أرضِ الشهداء عنّا"..!!! يغيرون المبادئ والعقائد والقيم والثوابت لخدمة أجنداتهم، ولا يعلمون بأن أي أجندة لا تشمل مصلحة الشعب مآلها السقوط لا محالة.
فالشعوب كما الدول تتعامل بلغة المصالح، وحالة السخط الموجودة في أوساط الشباب الفلسطيني اليوم أكبر شاهد على ذلك.
يستحيل أن تتحقق أي رؤية بدون شباب الوطن.. وفي ظل حالة السخط الاجتماعي المتزايدة بسبب ارتفاع مستويات البطالة في صفوف الشباب وغلاء المعيشة وغيرها من الأسباب، لا بد للقيادة أن تجري مفاوضات اجتماعية على أوسع نطاق، وتحاول ترقيع ما تبقّى قبل أن تدخل في متاهة لا يمكن الخروج منها.
تحويط فيروسات الوطنية والعطاء والأخلاق أمر في غاية الخطورة يُنذر بانقراض الوباء الفلسطيني الجميل.. ولكن على الرغم من تلوث هذا الزمان أؤمن بأن هناك أنفاساً نقية.. وأن الأمل ما زال موجوداً.. فمظاهر القوة والصبر والعزيمة التي يتحلى بها أسر وذوو الشهداء والأسرى وحدها كفيلة بإعادة الحياة للأمل.
أزمتنا عميقة جداً، والمبادرة وحدها لا تكفي للحل.. نحن بحاجة إلى صوت.. صوت يقرر الحدث.. صوت يمنع انقراض الوباء الفلسطيني الجميل.. ويعيد إنتاج روح النضال والتمرد.. فبالنهاية لا شيء يعلو في ظل الظروف الإقليمية الراهنة والأجواء الملبّدة على تأمين وضمان حاضر ومستقبل الشعب والقضية الفلسطينية.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.