إذا كنت وزيراً للصحة أو عضواً أو رئيساً في الصحة النيابية أو مفتشاً عاماً أو مديراً في إحدى المؤسسات الصحية، ولن أعمم المسؤولية على الباقين في هذا المجال الحيوي الذي يمس حياة المواطنين بشكل مباشر؛ كي ﻻ يقول لي أحدهم: "أنا مهندس، أنا محام، أنا مدرس، أنا ضابط دمج".
أقول اظهر بشحمك ولحمك ﻻ بمن ينوب عنك في المستشفيات والمذاخر والعيادات الخاصة، والصيدليات والمستوصفات والمختبرات من أقصى العراق إلى أقصاه وبشكل دوري، ﻻ بل يومي، ودع كرسيك الوثير، وتفقد بنفسك ما يجري واقعاً في المؤسسات الصحية التي تعاني الأمرَّين، الأهلية منها والحكومية؛ ﻷن المرضى وإن لم تكن تعلم يموتون بالجملة لـ"نقص اﻷدوية الحاد، غلاء ثمنها، ضعف التشخيص، تدنّي كفاءة التحليل ونقص خبرات القائمين عليه، قدم الأجهزة وتلف المحاليل، قلة الأجهزة الطبية الحديثة وارتفاع تكاليفها بشكل جنوني،
تلف العقاقير واللقاحات بسبب سوء التخزين ومجهولية المنشأ وتزوير تاريخ الصنع والنفاد، قلة خبرة الكوادر الطبية الجديدة عموماً، وظهور الطارئين على المهنة"، وﻻ تستغرب من وجود طبيب أو طبيبة خفر من الخريجين الجدد ﻻ يجيدان استخدام جهاز قياس الضغط الزئبقي وﻻزرق الإبر وﻻ وضع الكانونة في الوريد -بل والعثور على الوريد- وﻻ تثبيت المغذي أو كيس الإدرار وﻻ التضميد.
أعلم أن بعضهم سيقول وبغضب إنها مهمة المضمدين وليست مهمتنا، وأقول أعلم ذلك ولكنني أريد أن أثبت لكم أن بعضكم ﻻ يحسن استخدام ما ذكرت لكم باستثناء ارتداء الصدرية النظيفة ووضع السماعة على الصدر (للكشخة) وتسريح الشعر بالجل وبقية المثبتات، مع أن من سبقوكم من أطباء محنكين كانوا يعرفون حتى في طب الأعشاب والوخز بالإبر الصيني، ناهيك عن بروز ظاهرة انعدام الرفق والحنان الإنساني المطلوب بالمرضى برغم قسم (أبو شعواط) -عفواً – أبقراط الذي أدوه قبل وقت قريب جداً!
أيها المسؤول الصحي.. انزل وراقِب عن كثب ما يجري ميدانياً بنفسك، هذا أولاً..أما ثانياً فعليك أن تتعالج في مستشفياتنا نحن عندما تمرض وأقاربك – قابل فوك راسكم ريشة – إﻻ إذا كنت غير واثق بكفاءة الأطباء والأجهزة والرعاية الصحية المقدمة لنا، فضلاً عن عمل المصاعد ونظافة الممرات والمعدات والفرش والأغطية وعدم تلوثها بكل الفيروسات والطفيليات والبكتيريا المعروفة منها وغير المعروفة، البرية والبحرية والجوية، وتلف العلاجات والضمادات التي تقدم لنا وتخشى من وفاتك من جرائها كما نتوفى بها وأهلنا نحن يومياً، حتى أصبحنا وبكل فخر واعتزاز نتصدر قائمة أكبر المقابر في العالم في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
ثالثاً: ﻻ تذهب بعد اليوم إلى عمان أو لندن أو طهران أو نيودلهي أو حتى أربيل لإجراء التحاليل والعمليات الجراحية هناك (ليش مختبراتنا وصالاتنا الجراحية شبيهة..سامع شي لتخشى هكذا منها، قل وﻻ تخف سرك في بير، ودار السيد مأمونة وبدماء الأبرياء والفقراء والمساكين معجونة!).
رابعاً عليك أن تتعاطى أدويتنا حصراً إﻻ إذا كان لديك شك بأن (مصارينك ستتمزق بفعلها وتنشك شك) بعد أول حبة (جص) تباع في بعض الصيدليات على أنها باراسيتامول يصلح للبناء واللبخ أكثر من صلاحيته لعلاج الصداع الناجم عن الفساد وسرقة المال العام وفي وضح النهار!
لحظة.. نسيت، سيارات الإسعاف من المفترض أنها مجانية تقدم خدماتها لنقل المرضى إلى المستشفيات، ومن المفترض أن يرافقها معاون صحي مع جهاز للتنفس وبعض الضمادات والمستلزمات الضرورية على الأقل (مو المريض كاعد بالبدي لوحده ودمه بطوله بلا معين)، وﻻ داعي ﻷن يدفع المريض 50 ألف دينار لنقله إلى حتفه، فهذه مسؤوليتكم تجاهه، ومن أبسط حقوقه كمواطن في أرض البترودولار، وﻻ داعي لدفع 40 ألف دينار مقابل إخلاء جثته من برادات الطب العدلي؛ إذ إن آلاف المرضى لا مورد عندهم بمعنى (قوت ﻻ يموت.. عطالة بطالة) وخبزنهم كفافهم!
أعلم أنك ستقول بأن كل دول العالم المتحضر تتقاضى أجراً على العلاج، وأقول: (ليش العراق صار متقدم ومتحضر بنظركم؟) قياسكم من الآن فصاعداً يجب أن يكون على الصومال فقط وﻻ غير، الصومال الذي يقبع العراق إلى جانبه في جميع الإحصاءات الدولية التي تتحدث سنوياً عن أسوأ البقع اﻷرضية للعيش الآدمي حول العالم، هل التقطت سيلفي من قبل مع صراصير وجرذان المستشفيات التي تصول وتجول برغم الاسفنيك والنفثالين والديتول المنقرض منذ الحرب العالمية الثانية، والتي تنظفون بها الممرات،
ما يساعد على نمو وتناسل الحشرات والفطريات المقاومة والممانعة لها بفعل الموروثات الجينية والتقادم بدﻻً من قتلها (انت شايف شكبر الواحد منها؟ انصحك بأن ﻻ تفعل خشية على أذنيك من الكرط) ناهيك عن ابتلاع محمولك الشخصي غلاكسي نوت 8 أو آيفون 7، وﻻ أعتقد أن وجود "بزونة" تنام إلى جانب المريض داخل المستشفى على الفراش بعد تناول فخذ الدجاج خاصته المستورد من مكان ما، بلا تقييس وﻻ سيطرة نوعية أسوة ببقية المواد الغذائية التالفة التي تدخل العراق أطناناً، التي عافتها نفس المريض ومرافقه لزناخته فكان من نصيب "Tom" قبل حضور "Jerry" الذي ينام على فراش المريض المقابل بعد قرض الكانونة، دليل على التحضر والتقدم ومغادرة العراق لدول العالم -النائم- وﻻ أقول النامي حتى الآن!
وﻻ تنسَ تنظيف المرافق الصحية، وأن تبدأ التفتيش منها ﻻ من مكتب الطبيب الخافر أو المقيم (أكيد يلمع لمع لزوم الوجاهة) عليك أن تبدأ من الـwc لكونه منبعاً للملوثات بجميع أنواعها ومنطلقاً للروائح الكريهة بما ﻻ يليق بمستشفى مخصص للبشر عبر التاريخ في القرن الـ21 (مووووو لو مو موووو)!
وأختم للناخب الذي ﻻ يعفى من المسؤولية بانتخاب الفاسدين أبداً، بـ"إياك أن تنتخب من لم يغادر مكتبه ومقعده الوثير وينزل إلى الشارع لتفقّد أحوال الناس دورياً، إياك، فإن البيروقراطية والبيروقراطيين أُس البلاء والوباء والغلاء والغباء والشقاء.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.