تفرَّدت إسرائيل بالتصريح علناً عن دعمها لإقامة دولة مستقلة للأكراد، ويرى محللون ومسؤولون أن هناك اعتبارات أمنية تملي موقفها هذا، بينها إقامة جبهة ضد التطرف الإسلامي.
وأعلن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، في يونيو/حزيران الماضي، إجراء استفتاء، في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الحالي، على إنشاء دولة مستقلة، ما أثار ردودَ فعل إقليمية ودولية، داعية إلى الإلغاء أو التأجيل.
ودعمت إسرائيل من جهتها "جهود الشعب الكردي للحصول على دولة"، بلسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي.
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد تصريحات أدلى بها الجنرال السابق يائير غولان في وقت سابق من هذا الشهر، أكد فيها أنه معجب بـ"فكرة كردستان مستقلة".
وقال غولان في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "بالنظر إلى إيران في الشرق، وبالنظر إلى عدم الاستقرار في المنطقة، فإن كياناً كردياً متيناً ومستقراً ومتماسكاً وسط هذا المستنقع، ليس فكرة سيئة".
وتطرَّق غولان أيضاً إلى "التعاون الجيد (بين إسرائيل) والشعب الكردي، منذ أوائل الستينات".
"حلفاء للأبد"
ويرى الوزير الإسرائيلي السابق جدعون ساعر، أن الأكراد بحاجة إلى تحقيق دولة مستقلة، كونهم مثل اليهود أقلية في الشرق الأوسط.
وقال ساعر: "الأكراد كانوا وسيبقون حلفاء طويلي الأمد يُعتمد عليهم، لأنهم مثلنا، أقلية في المنطقة".
وأضاف: "علينا أن نشجع استقلال الأقليات التي ظلمتها الاتفاقيات الإقليمية منذ سايكس-بيكو، على مدار المائة عام الماضية، وتعرَّضت للقمع تحت أنظمة استبدادية مثل صدام حسين في العراق، وعائلة الأسد في سوريا".
وتم توقيع اتفاقية سايكس-بيكو، في 16 مايو/أيار 1916، بين لندن وباريس، وقد ضعت حدوداً ما زالت قائمة بعد مائة عام في الشرق الأوسط.
وتطرق ساعر أيضاً إلى جهود كردستان في صدِّ الهجمات التي يقوم بها إسلاميون متطرفون، موضحاً: "بالنظر إلى موقع الأكراد على الخارطة، فإنك ترى أن بإمكانهم تشكيل سد يمنع انتشار الإسلام الراديكالي في المنطقة. عملياً رأيناهم يقاتلون تنظيم الدولة الإسلامية بمفردهم".
ويضيف ساعر: "على مدار السنوات، لم ينجذب الأكراد إلى التصورات المعادية لإسرائيل أو المعادية للصهيونية، وحافظوا على روابط جيدة مع الشعب اليهودي وإسرائيل".
منطقة عازلة ضد التطرف
وتؤكد عوفرا بنغيو، التي تترأس برنامج الدراسات الكردية في جامعة تل أبيب، أن إسرائيل قامت بتزويد كردستان بمساعدات سرية عسكرية واستخباراتية وإنسانية، في الفترة ما بين 1965-1975.
وساعد الأكراد في السبعينات في تهريب اليهود من المدن العراقية إلى الخارج.
ولم يشارك الأكراد في الحروب العربية ضد إسرائيل في عامي 1967 و1973.
وقام القيادي الكردي مصطفى بارزاني في الماضي بزيارة إسرائيل، وكذلك فعل ابنه مسعود، الذي يترأس إقليم كردستان العراق حالياً، فيما زار عدد من المسؤولين الإسرائيليين كردستان، بحسب بنغيو، صاحبة كتاب بعنوان "أكراد العراق: بناء دولة داخل دولة".
وتابعت: "لا أعرف إلى أي مدى يمكن أن تكون فيه (كردستان) حليفة، لأنها ستتعرض لضغوط نتيجة عوامل عربية مختلفة، ولكنها على الأقل لن تكون معادية لإسرائيل، وهذا مؤكد".
واعتبرت بنغيو أن "الأمر الأكثر أهمية سيكون تشكيل منطقة عازلة ضد العناصر المتطرفة، ليس إيران فحسب، بل غيرها أيضاً"، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية والميليشيات العراقية الشيعية.
وأوضحت أن "دولة كردستان" تركز على "العلمانية والديمقراطية والاعتدال وقبول الآخر، وستكون بالتالي عنصراً إيجابياً في منطقة تزداد تطرفاً وغير مستقرة".
وتقلق عملية الاستفتاء الكردي واشنطن أيضاً، التي ترى أن الاستفتاء يشكل عائقاً أمام جهود الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية بقيادة الأكراد والعرب في سوريا على سبيل المثال.
واعتبر ساعر أن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "استخدام نفوذنا في الولايات المتحدة، لتعزيز موقع الأكراد في لحظة حاسمة للغاية في نضالهم الوطني".