تبنَّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع عقوباتٍ جديدة على كوريا الشمالية، تتضمن قيوداً على شحنات النفط، في سعيه إلى معاقبة بيونغ يانغ على سادس وأكبر اختبار نووي أجرته حتى الآن.
إلا أن واشنطن اضطرت إلى التخفيف من اقتراحاتها الأولية، لضمان حصولها على دعم الصين وروسيا.
فيما يلي بعض الأسئلة الرئيسية المتعلقة بقرار مجلس الأمن رقم 2375، ومحاولات الأمم المتحدة وضع حدٍّ لبرامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية.
ما مدى تأثير الإجراءات المرتبطة بالنفط؟
يضع القرار الجديد حداً لشحنات الغاز الطبيعي إلى كوريا الشمالية، ويبقي شحنات النفط الخام بمستوياتها الحالية، ويحدد سقفاً للمنتجات النفطية المكررة مثل الوقود والديزل.
ولا تمتلك كوريا الشمالية إلا القليل من النفط، حيث تعتمد على استيراده لتلبية حاجات مواطنيها وجنودها.
وسعت الولايات المتحدة في البداية إلى فرض حظر نفطي على بيونغ يانغ، وهو ما عارضته بشدة الصين- الحليف الوحيد والشريك التجاري الأهم لكوريا الشمالية.
إلا أن القرار انتهى إلى وضع حدود على شحنات النفط الخام من أي دولة، تساوي الكمية التي أرسلتها إلى كوريا الشمالية خلال الأشهر الـ12 الأخيرة.
ولا تنشر بكين أي إحصاءات تتعلق بصادراتها من النفط الخام إلى كوريا الشمالية، ما يجعل المسألة محاطةً بالسرية. ولكن يُعتقد أنها تزود جارتها بأربعة ملايين برميل كل عام.
ويفرض القرار الجديد أن تقتصر كميات منتجات النفط المكرر، التي يتم تسليمها إلى كوريا الشمالية على مليوني برميل في العام، وهو ما يشكل انخفاضاً نسبته 15% عن تقديرات مركز التجارة الدولية، التابع للأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية.
ويقول شيونغ سيونغ- شانغ، من معهد "سيجونغ" في سيول: "إنه ضوء أحمر لنمو الاقتصاد الكوري الشمالي (…)، ولكن لن يكون له تأثير ضخم على جيش كوريا الشمالية، كون إمدادات النفط الخام ستظل على حالها".
ويتضمن القرار استثناء للموارد المستخدمة "لأهداف كسب العيش"، بما يشبه البنود التي وردت في قرارات سابقة، وشكلت ثغرات للالتفاف عليها.
وحذَّر الأستاذ في أكاديمية كوريا الوطنية الدبلوماسية كيم هيون-ووك، بأنه ليس هناك "أي سبل للتأكد من كميات النفط الخام التي يتم تسليمها عبر خط الأنابيب" بين الصين وكوريا الشمالية.
ورأى كو كاب-وو، من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، أن الإجراءات تحمل قيمة رمزية "كأول محاولة أميركية للمس بطوق نجاة كوريا الشمالية الاقتصادي".
ما مدى تأثير الحظر على النسيج؟
يحظر القرار استيراد النسيج إلى كوريا الشمالية وتصديره منها، سواء كان على شكل أقمشة أو ملابس.
ويعد النسيج من أهم صادرات كوريا الشمالية، والذي يقدر راجيف بيسواس من شركة "آي إتش إس ماركت"، أن قيمته تبلغ 750 مليون دولار.
ويشير محللون إلى أن الحظر قد يحرم بيونغ يانغ من مصدر أساسي للعملة الأجنبية.
وتزود الصين كوريا الشمالية بالمواد التي تستخدم لصنع ملابس في معامل تشغل يداً عاملة رخيصة، قبل إعادة تصديرها إلى الصين.
ويتم إرسال معظم الملابس إلى الصين وروسيا، وهو ما يعني أن تأثيرات القرار ستعتمد على مدى تطبيق بكين وموسكو له، بحسب كو.
وقال كو إن "كل شيء يتوقف على مدى استعداد الصين وروسيا"، بتطبيق القرار.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة نُشر في عطلة نهاية الأسبوع، أن بيونغ يانغ جمعت ما لا يقل عن 270 مليون دولار على الأقل، خلال فترة ستة أشهر هذا العام، عبر تصديرها "كل السلع المحظورة تقريباً"، بموجب العقوبات المفروضة حالياً.
ماذا عن العمال خارج البلاد؟
يحظر القرار على الدول إصدار تصاريح جديدة لما يقرب من 93 ألف عامل كوري شمالي يعملون في الخارج.
ويُشكل عملهم، تحديداً في مواقع بناء في دول في الشرق الأوسط وروسيا والصين، مصدر دخل لبيونغ يانغ.
ويتضمن القرار استثناءً يتعلق بالعقود الموقعة قبل صدوره. ويشكك المحللون في أي تأثيرات مباشرة للحظر، ولكنهم يشيرون إلى أنه قد يزيد من الضغوطات على بيونغ يانغ مع مرور الوقت.
هل ستزداد عمليات تفتيش حمولات السفن؟
يعطي القرار الدول الحق في تفتيش السفن التي يشتبه بأنها تحمل شحنات محظورة من كوريا الشمالية. إلا أن عليها أولا السعي إلى الحصول على موافقة من الدولة التي تحمل السفينة علمها، وهو ما يحد من تأثيرها.
وسعت واشنطن إلى الحصول على موافقة للقيام بعمليات تفتيش بالقوة، وهو ما قال كو إن الصين وروسيا "رفضتاه بشدة".
وأفاد تقرير الأمم المتحدة، أنها تحقق في وجود "تعاون كيميائي وفي مجال الصواريخ البالستية والأسلحة التقليدية"، بين كوريا الشمالية وسوريا.
وأضاف أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أوقفت شحنات كانت متوجهة إلى سوريا، ويعتقد أنها من "شركة كوريا التجارية للتعدين والتطوير"، وهي شركة الأسلحة الكورية الشمالية الرسمية.
هل ستضع العقوبات حداً لطموحات بيونغ يانغ؟
يقول المحللون إن العقوبات كانت أخفَّ بكثير من الاقتراح الأوَّلي، سعياً إلى إقناع الصين وروسيا بالموافقة عليها، وهو ما يدفعهم إلى التشكيك في مدى قدرتها على الحد من طموحات بيونغ يانغ النووية.
وتواجه كوريا الشمالية حالياً عدداً من العقوبات الأممية، ولكنها حققت تقدماً سريعاً في برامجها النووية والصاروخية.
وقال غو ميونغ-هيون من معهد "آسان" لدراسات السياسات، إنها "غير كافية لإيذاء" بيونغ يانغ.
ونوَّه كوه من جامعة "دونغوك"، إلى أن العقوبات الجديدة قد تحمل نتائج عكسية وتدفع بيونغ يانغ إلى تسريع برامجها.
وقال: "ستحاول كوريا الشمالية أن تتحول إلى دولة نووية في أسرع وقت ممكن، للتفاوض مع الولايات المتحدة بندية، قبل أن تؤثر العقوبات بشكل كامل".
وعادة ما تنسب بيونغ يانغ إجراءات الأمم المتحدة إلى الولايات المتحدة "العدوانية".
وتوقَّع كيم هيون-ووك، من أكاديمية كوريا الوطنية الدبلوماسية، أن "العقوبات ستعطي بيونغ يانغ مبرراً للقيام بمزيد من الاستفزازات، على غرار إطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات".