العلاقات السودانية – المصرية “2”| الجانب السياسي والاقتصادي

الجانب الآخر هو الجانب السياسي والاقتصادي، خصوصاً في مرحلة ما بعد الاستقلال لدولتي السودان ومصر؛ حيث كان السودان قد نال استقلاله إلا أن القوى السياسية، مثل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي في خلاف حول بدء الحمم، وهناك كان اتجاه للاتحاد مع مصر، إلا أنه برز تحرك واضح لإبعاد هذه الفكرة وبرزت حركة (السودان للسودانيين) حتى نال استقلاله في أواخر عام 1955.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/12 الساعة 03:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/12 الساعة 03:16 بتوقيت غرينتش

في المقال السابق تحدثت عن النظرة التاريخية في أزمة العلاقات السودانية – المصرية التي تبدو واضحة في الجانب التاريخي؛ حيث يدّعي كل جانب أحقيته في مثلث حلايب وشلاتين والكثير من المغالطات التاريخية.

الجانب الآخر هو الجانب السياسي والاقتصادي، خصوصاً في مرحلة ما بعد الاستقلال لدولتي السودان ومصر؛ حيث كان السودان قد نال استقلاله إلا أن القوى السياسية، مثل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي في خلاف حول بدء الحمم، وهناك كان اتجاه للاتحاد مع مصر، إلا أنه برز تحرك واضح لإبعاد هذه الفكرة وبرزت حركة (السودان للسودانيين) حتى نال استقلاله في أواخر عام 1955.

بعد فترة قليلة بحيرة ناصر غمرت قرى نوبية كثيرة في مصر، وأكثرها في شمال السودان، مما أدى إلى ترحيل أهلها باتفاق بين عبد الناصر والرئيس إبراهيم عبود، بما يسمى بالهجرة النوبية.

وحصل ازدهار اقتصادي كبير للبلدين، هذه بداية الخلافات السياسية؛ حيث إن حكومة عبود العسكرية ارتأت أن في مصالحها بناء هذا السد رغم تهجير أهالي قرى وبلدات حلفا إلا أن الرئيس في وقت لاحق ندم على هذا الاتفاق.

عندما جاء الرئيس جعفر نميري لحكم السودان، كانت العلاقات بين البلدين استراتيجية ربما لتوافق وجهات النظر بين رئيسي البلدين اللذين كانا يميلان إلى الشرق والاتحاد السوفييتي وحصل تبادل تجاري وازدهار اقتصادي ملحوظ وفتحت الحدود بين الدولتين ، إلا أن إعلان الرئيس نميري قوانين الشريعة الإسلامية في بداية ثمانينات القرن الماضي جعل العلاقات في سوء لكن لم تصل لمرحلة الانقطاع والفتور.

لكن في عام 1989 بعد انقلاب عسكري قام به الإسلاميون في السودان لم تكن العلاقة ثابتة، ففي البداية لم تكن تعرف القاهرة هوية الانقلاب العسكري، كما صرح بذلك العقل المدبر لهذا الانقلاب الدكتور حسن الترابي؛ لذلك قامت بدعم الحكومة الانقلابية، بعد ذلك اتضح أن الإسلاميين هم من قاموا به.

في 1995 قامت مجموعة من أجهزة الأمن السودانية بدعم جماعة إسلامية فقاموا بمحاولة اغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في إثيوبيا؛ لكنها فشلت فحركت القاهرة جيشها وقاموا بالسيطرة على حلايب وشلاتين كرد فعل على محاولة الاغتيال.

أما الجانب الاقتصادي، فقد قطعت السودان الصادرات المصرية للسودان قيل وقتها إن فيها مخالفات للمواصفات والمعايير العالمية، كذلك تقوم القاهرة بالاستفادة من العقوبات الاقتصادية على السودان من خلال استيراد السلع الغذائية والصناعية بالخام من السودان بسعر بسيط وتصنيعه كمواد بأسعار غالية، وهذا ما ذكره اقتصاديون بأنه استغلال سيئ لظرف العقوبات.

كذلك تقوم الخرطوم بممارسات استفزازية بدعم سد النهضة الذي يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المصري، وقد يؤدي إلى كارثة حياتية، مما يصعب من المساعي الحثيثة للتفاوض من أجل تخفيض أضراره.

وغالباً ما تتأثر العلاقات الاقتصادية نتيجة العلاقات السياسية بين البلدين، وهذا ما ذكره السيد مبارك الفاضل؛ حيث قال إن العلاقات بين الدول العربية تكون قائمة على مزاجية حكامها، وليست على المؤسسية والدبلوماسية والأعراف الدولية، وهذا يتضح جلياً عند تغيير الحكم في إحدى الدول، ففي عصر مرسي كانت العلاقات استراتيجية، إلا أنها تأزمت في عهد الرئيس السيسي.

ختاماً غالباً ما تكون الخلافات بين البلدين نتيجة للتغيير في الحكومات، ففي الأصل لا تتغير العلاقات لمجرد تغير الحاكم، وإنما هناك أسس تعامل بها الدول بعضها وتكون في الأصل ثابتة.

في المقال القادم والأخير -إن شاء الله- سنتحدث عن الموضوع الأهم، وهو الجانب الاجتماعي وتطور العلاقات بين شعبي وادي النيل، ومراحل خطورته في العلاقات السودانية – المصرية.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد