هل التفاوض مع داعش ممنوع في الموصل ومسموح في غيرها؟ بعد كل الذي حدث بالموصل أليس من حق أهل الموصل طلب الاستقلال والانفصال عن العراق البلد الذي لم يحفظ مدينتهم وشرَّدهم وقتل أولادهم ودمرها شر تدمير؟ وهل بقي أي معنى للوطنية العراقية والعروبة وأخوة الإسلام وغيرها من مبادئ الأديان؟
ماذا ينتظرون من أهل الموصل؟ ماذا يتوقعون أن يفعل الجيل القادم الذي عاش أهوال الحاضر أيام داعش وما قبلها وما بعدها؟ وهل يتوقعون منه أي ولاء وانتماء إلى أي من العناوين التي نعرفها ونحملها في هوياتنا وأسمائنا وقلوبنا؟ هي مجرد أسئلة ونحن لا نملك الأجوبة.
الحزن والأسى والفاجعة أكبر مما تتصورون، لو بكينا على الموصل هل سيلومنا أحد؟ ويقول: عيب يا أبو حسين الرجال لا يبكون، لو لطمنا الوجوه وشققنا الجيوب وهمنا بين الطرقات، هل سينتقدنا الكثيرون ويقولون: (أخلاق الجاهلية ورخاوة الضعفاء)، هل وهل وهل؟.. وهلَات وآلاف ملايين الأسئلة نسألها باسم المعذبين من أهل الموصل: هل نستحق كل الذي جرى لنا؟ ماذا فعلت بكم الموصل حتى يكون حقدكم عليها بهذا الرد وهذا الإجرام والانتقام بلا حدود؟
كل الأحزان في قلبي اليوم تشتعل بتنور طيني في بيت موصلي من بيوت محلة الزنجيلي أو خبرة البزون ووادي حجر ومحلة الأكراد خلف مقبرة البلاش قرب إعدادية اليقظة للبنات.. أنا أحدثكم عن أحياء الفقراء الذين لم يروا يوماً حلواً في أيام قائد الضرورة أو أيام المحرر الأميركي الجديد، الله يا موصلنا.. يا حضيرة السادة ومدرسة العدنانية الابتدائية ومتوسطة الحدباء والإعدادية المركزية.. كل دروب ومحلات الموصل.. دورة النافورة في المستشفى وباشطابيا والسرجخانة وعمارة الحدباء مدخل شارع النجفي ومكاتب المحاماة لعصام رشان وعبد الرزاق كوران وعمر الشاهين وسلوى العاني ومحمد وجيه فليح وشارع غازي.. أين أنتِ يا موصلنا؟ رأس الجادة والدواسة وسينما الجمهورية وغرناطة وبابل وحمورابي وشربت الشيخ ومطعم علي الديري في شارع حلب ومحكمة الموصل وساحة الشهداء وجامع الإمام محسن ومنارة الحدباء وقبر البنت في باب سنجار وكنيسة الساعة وباجة حجي زكي في شارع فاروق ودوندرمة حجي حازم ومحلات غازي الحساوي، مدينة أبو تمام وملا عثمان الموصلي وشاذل طاقة وسعد البزاز وبشرى البستاني وبلبل الحدباء الذي ظل يردد: عايل يالأسمر عايل صبَح ظعنكم شايل.. ولم يكن يعرف أن المدينة وأهلها كلهم سيرحلون ويُدمرون.
لماذا قتلونا؟ وشووا أهلنا بقنابلهم الذكية وصواريخهم عابرة القارات وطائراتهم المسيرة بدون طيار؟ لماذا كانت دماؤنا رخيصة وبالمجان، واليوم في دول الجوار تتفاوض مع داعش وتنقله بباصات مكيفة إلى أين؟ إلى حدودنا!
أنقل لكم ما كتبه الكثيرون شهود الحدث أو الذين عاشوا الواقع الأليم في مناطق كثيرة من العراق.
في الفلوجة يسمحون لداعش بالخروج بأرتال طويلة يراها سكان المريخ!
في تلعفر تفتح الأبواب لداعش للخروج وتُعطى لهم سيطرة أبو ماريا!
في سوريا حافلات تنقل داعش وعوائلها!
لكن في الموصل! لماذا لم تفتحوا الأبواب لداعش وقتها؟ وتجنبوا المدينة وأهلها الخراب والدمار؟
مَن يمتلك الإجابة، المعنى في قلب الشاعر عندما نعجز عن الإجابة، ولماذا تم حصرهم في المدينة القديمة؟ وأنت لو حصرت "بزونة" فهي ستخمش وجه أشجع الرجال.
عملية نقل داعش وعوائلهم بحافلات مكيفة وبتغطية مباشرة من قناة المقاومين.. ياسلام!
صفقة الباصات التي حملت مسلحي داعش من منطقة جرود القلمون اللبنانية إلى دير الزور السورية وباتجاه منطقة البوكمال السورية المحاذية للحدود العراقية ومدينة القائم العراقية، يؤكد كل الكلام الذي كان يقوله الكثيرون البسطاء والحكماء بأن داعش شركة مساهمة متعددة الجنسيات والولاءات والمصالح والخدمات التي تقدمها لمن يدفع أو يضمن لها حرية العمل والنشاط ثم السلامة والإفلات من العقاب والانتشار إلى أماكن ومناطق أولاد الخايبات!
أين الطيران الحربي؟ أين التحالف الدولي؟ أين الفصائل العراقية؟ أليس هذا خيانة للدماء الزكية من أهلنا في الجنوب والتي سقطت من شبابكم للدفاع عن العراق ضد داعش؟ علماً أنه من الثابت أن داعش لم تفاوض أبداً إلا في مناسبتين: الأولى صفقة خروج طاقم القنصلية التركية من الموصل، ثم صفقة حزب الله.
ملاحظة: هذا المقال تجميع من منشورات واتصالات حقيقية صادقة على مواقع التواصل ولقاءات على الطرقات في مدن الأحزان في العراق الجريح.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.