نتنياهو والعدوان على غزة.. مخرجاً سياسياً

يرد نتنياهو على محاولات اليسار الإسرائيلي، ومعه وسائل الإعلام المختلفة، للنيل منه وإسقاطه سياسياً من خلال تدعيم سلطته وإحكام قبضته على مفاصل صنع القرار في كيان الاحتلال، في تحد واضح لكل خصومه ومناوئيه، مهما زاد حجم الضغط الممارس عليه.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/20 الساعة 07:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/20 الساعة 07:12 بتوقيت غرينتش

في ظل الحصار السياسي والإعلامي الذي يواجهه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إثر الكشف عن صفقات فساد طالته والمقربين منه، يسعى الأخير جاهداً لتشتيت الانتباه الإعلامي والشعبي عن فساده واستمرائه لذلك، مصراً على عدم التنازل عن السلطة مهما كلفه الأمر.

يرد نتنياهو على محاولات اليسار الإسرائيلي، ومعه وسائل الإعلام المختلفة، للنيل منه وإسقاطه سياسياً من خلال تدعيم سلطته وإحكام قبضته على مفاصل صنع القرار في كيان الاحتلال، في تحد واضح لكل خصومه ومناوئيه، مهما زاد حجم الضغط الممارس عليه.

رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أعلن قبل أيام تعيين مسؤول "الشاباك" السابق، مئير بن شبات، رئيساً لمجلس الأمن القومي، الذي يفترض فيه أن يعدّ أوراقاً ودراسات وتقديرات موقف للكابينيت والحكومة الإسرائيلية.
وكان بن شبات مسؤولاً، إلى غاية الآن، عن قطاع الجنوب في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)؛ حيث تولى مهام إدارة جمع المعلومات حول قطاع غزة، ورفع تقديرات أمنية عن القطاع، واحتمالات انفجار الأوضاع هناك، على خلفية الحالة الإنسانية السائدة في القطاع.

ووفقاً للمعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية، فإن بن شبات يحمل درجة أمنية موازية لرتبة بريغادير جنرال، وحاصل على اللقب الأول في العلوم السياسية بدرجة امتياز من جامعة بار إيلان (المحسوبة على التيار الديني الصهيوني)، إلى جانب عدد كبير من الدورات التأهيلية في قضايا الأمن والاستخبارات والإدارة.

وكان بن شبات قد انخرط في جهاز "الشاباك" في العام 1989، بعد عامين من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عقب إنهاء خدمته العسكرية الإلزامية في الجيش، وتخصص في جهاز الأمن العام في شؤون قطاع غزة، مع التركيز على حركة (حماس)، التي كانت في بدايات انطلاقها في تلك الفترة، كما كان شريكاً في كافة العمليات التي أطلقها الاحتلال ضد الحركة في العقدين الأخيرين، وخاصة عدوان "الرصاص المصبوب" في العام 2008.

وعلى الرغم من أن نتنياهو كان من استحدث هيئة مجلس الأمن القومي، إلا أن نشاط هذه الهيئة ظل موضع خلاف في كيان الاحتلال، خاصة في كل ما يتعلق بانعدام صلاحيات حقيقية لها، ووجود ضبابية حول الوظائف المطلوبة منها، وهو ما برز، أساساً، بعد العدوان الأخير على غزة، خاصة ما يتعلق بإعداد ملفات معلوماتية لعرضها على الوزراء وأعضاء المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، قبل اتخاذ القرارات.

كما برز الجدل بهذا الخصوص أيضاً في الشهر الماضي، إبان أزمة بوابات المسجد الأقصى، حيث انتقدت الصحف الإسرائيلية ومختصون في شؤون الأمن عدم وضع مجلس الأمن القومي تصورات وسيناريوهات مختلفة، أمام الكابينيت الإسرائيلي.

تهميش نتنياهو لهذه الهيئة الأمنية السياسية (مجلس الأمن القومي) كان مقصوداً على الرغم من كونه من أنشأها، فنتنياهو حاول حينها تشتيت الرأي العام عن استبداده واستئثاره بالسلطة من خلال توسيع دائرة صنع القرار السياسي والأمني، وإلقاء تبعة ذلك، حال فشله، على مجلس الأمن القومي، لكنه عملياً كان يتحكم بكل مفاصل عملها إلى درجة تهميش عملها.

الآن وبعد أن زادت الضغوط السياسية عليه، يسعى نتنياهو إلى استدراج خصومه وإلهائهم بالحيلة الجديدة القديمة، لكنه في ذات الوقت، يختار شخصية هامشية ذات خلفية أمنية جيدة وملمة بالشأن الغزاوي لتبرير أي تحرك سياسي أو عسكري ضد القطاع، هو يريد ضرب الائتلاف السياسي والإعلامي المتحد حول استبداده السياسي، وفي ذات الوقت زيادة جرعة التهديدات القادمة من غزة والتلويح بعمل عسكري ضدها إذا ما اضطر إلى ذلك، في ظل عدم قدرته على تفادي ضربات خصومه أو إضعافها.

في موازاة ذلك، كشفت القناة الإسرائيلية الثانية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يسعى إلى إقرار تعديل المادة 40 من قانون أساسي الحكومة، بما يتيح له شن حرب أو حملة عسكرية قد تفضي إلى حرب، دون حاجة للرجوع للحكومة مسبقاً، وفي بعض الحالات أيضاً دون حاجة لحضور جميع أعضاء الكابينيت السياسي والأمني. وقالت القناة الثانية: إن التعديل المقترح سيعرض على الكنيست مع عودتها للعمل في الدورة الشتوية، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني القادم بعد انتهاء الأعياد اليهودية.

وكان الكابينت السياسي والأمني للحكومة الإسرائيلية قد أقر، قبل نحو شهرين، تعديلاً تفوض بموجبه الحكومة الكابينيت باتخاذ قرار شن حرب أو القيام بحملة عسكرية، بدعوى تفادي تسريب المعلومات. وجاءت الخطوة كإحدى العبر المستخلصة من العدوان على قطاع غزة، وفق توصيات مستشار الأمن القومي السابق، الجنرال احتياط يعقوف عامي درور، الذي وضع بعد العدوان تقريراً حول أداء الكابينت خلاله، وجاءت هذه التوصية بحسب القناة الثانية على ما يبدو بناء على طلب من نتنياهو نفسه.

ونقلت القناة عن خبراء في وزارة العدل قولهم إن تعديلاً كهذا من شأنه أن "يزيل الضباب ويمنع الحاجة لمداولات قانونية خلال الحرب، أو عشيتها، والتي من شأنها أن تفضي إلى تسريب معلومات". ولفتت القناة إلى أنه من المحتمل أن يكون هذا التعديل نتاج ما حدث قبل سبعة أعوام، عندما أمر نتنياهو ووزير الأمن آنذاك، إيهود باراك، قادة الجيش والموساد بالاستعداد لحالة استنفار قصوى، لكن رئيس الأركان آنذاك غابي أشكنازي، ورئيس الموساد مئير داغان، رفضا التوجيهات بدعوى أنها غير قانونية، وقد تؤدي إلى حرب شاملة. ونشر لاحقاً، وعلى يد مئير داغان، قبل موته أن الأمر كان يتعلق بالاستعداد لشن ضربة استباقية ضد إيران قبل بلوغها نقطة اللاعودة في مشروعها النووي.

ديكتاتور كيان الاحتلال الجديد يجد نفسه في مأزق شديد، وهو في مأزقه لا يجد بداً من التقدم نحو الأمام وشن حرب إن اضطر إلى ذلك على الخاصرة الأضعف في المنطقة، قطاع غزة، ويذلل في سبيل ذلك العقبات القانونية أمام طموحه ومسعاه، فهل نحن على أبواب حرب جديدة على القطاع؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد