الخطوط العريضة للمرحلة القادمة في المغرب

بهذه المناسبة، أصدر الملك عفواً عن "بعض" معتقلي حراك الريف، ولم يتجاوز عددهم "رُبع" الموجودين في السجن والمتابعين في حالة سراح، مخيباً بذلك الآمال التي عقدتها الساكنة عليه لحل الأزمة، إلى درجة أن عدداً من الأسر لم يسجلوا أسماءهم ضمن الزيارة الدورية لأبنائهم في السجون اعتقاداً منهم على أن الفرج ستحمله ليلة الـ30 من يوليو/تموز.

عربي بوست
تم النشر: 2017/08/04 الساعة 05:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/08/04 الساعة 05:49 بتوقيت غرينتش

في سابقة تاريخية، ألقى ملك المغرب خطاب الذكرى السنوية لتربّعه على العرش، يوم الـ29 يوليو/تموز، أي قبل يوم واحد من موعده المحدد، وليس هذا هو الحدث التاريخي فقط، بل ربما يكون الخطاب قد حقق أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ الخطابات الملكية المغربية؛ نظراً للظرفية الحالية التي يمر بها البلد والمتسمة بتواصل الاحتجاجات بمنطقة الريف منذ حوالي تسعة أشهر.

لقد كان الملك أمام فرصة تاريخية لنيل تأييد لم يسبق أن ناله أسلافه من منطقة مستعصية على الرباط، لكن "رئيس الدولة" لم يستغل فرصته، رغم ارتدائه جلباب المعارضة وشرعنته للاحتجاجات من عدة جوانب، بعد إقراره بوجود فوارق بين المناطق المغربية، وأن كثيراً منها "تحتاج إلى المزيد من الخدمات الاجتماعية الأساسية".

بهذه المناسبة، أصدر الملك عفواً عن "بعض" معتقلي حراك الريف، ولم يتجاوز عددهم "رُبع" الموجودين في السجن والمتابعين في حالة سراح، مخيباً بذلك الآمال التي عقدتها الساكنة عليه لحل الأزمة، إلى درجة أن عدداً من الأسر لم يسجلوا أسماءهم ضمن الزيارة الدورية لأبنائهم في السجون اعتقاداً منهم على أن الفرج ستحمله ليلة الـ30 من يوليو/تموز.

ليس العفو الذي لم يشمل المعتقلين كلهم وحده الذي خيب الآمال، بل حتى ما ورد في الخطاب، بعد أن شرعنَ الملك كل التجاوزات الأمنية التي عرفها إقليم الحسيمة طوال التسعة أشهر، بقوله: إن القوات العمومية قد تحملت "مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار"، محمّلاً مسؤولية ما جرى للأحزاب السياسية والمؤسسات الإدارية والعمال والولاة الذين لم يقوموا بأدوارهم كما يجب!

إن حفظ أمن واستقرار المواطن وتطبيق القانون اقتضى أن تقوم "القوات العمومية" بكسر الممتلكات العمومية والخاصة؛ أبواب المنازل، المحلات التجارية، الدراجات النارية، الإنارة العمومية، كاميرات المراقبة بالمنازل.. إضافة إلى تكسير عظام وجماجم المحتجين حتى في يوم العيد… على كل حال يبدو أن ما وقع بالنسبة للملك، أو لمن كتب نص الخطاب، تنفيذ للقانون وحماية للمواطنين والسهر على أمنهم واستقرارهم!

لم ينسَ الملك أن يوبّخ القطاع العام وموظفيه، الذين يتقاعسون في تأدية واجباتهم، وقد كان محقاً في هذا، ولا أحد يمكن أن ينكره، وهو واقع نعيشه، لكن أن يمدح "رئيس الدولة" القطاع الخاص ومؤسساته ويذكر كبرى الشركات الاستثمارية بالاسم، ويخصص مدناَ بعينها في سياق حديثه عن الأماكن التي توفر "ثروة" و"فرص شغل" يمثل إعلاماً للمستثمرين الأجانب بالتوجه إليها دون غيرها، وضرباً لكل المطالب التي تنادي بجلب مستثمرين إلى الريف أو الشرق أو الجنوب مثلاً!

إلى جانب ما سبق، فقد أكد الخطاب القناعة الراسخة لدى القصر ومحيطه، بأن الشيء الوحيد الذي يخدم وسيخدم مصالحهم، هي المؤسسة الأمنية؛ لذلك لم يذكرها ولو حتى بنقد بسيط، بل أيد كل ما قامت به رغم أنها انتهكت حقوق الإنسان وحرماته في الحسيمة بشهادة "الكاميرات"، وهذا يمثل تشجيعاً لها للقيام بمزيد من الأفعال المشابهة.

من خلال ما سبق يتضح أن الخطوط العريضة للمرحلة القادمة هي:

على مستوى أزمة الريف:
تواصل احتجاجات ساكنة الريف باعتبار أن مطالبها التي على رأسها إطلاق سراح كافة المعتقلين لم تتحقق، وهذا ما أكده النشطاء.. يقابل ذلك استمرار المقاربة الأمنية؛ عسكرة إقليم الحسيمة وقمع المتظاهرين.

على المستوى السياسي:
استمرار الملكية في إمساك كافة السلطات، دون أن ينطبق عليها مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي أكد الملك على وجوب تطبيقه على "بعض" المسؤولين السياسيين والإداريين، طبعاً باستثناء القصر.

على المستوى الاقتصادي:
توجه الدولة نحو خصخصة ما تبقى من القطاعات العمومية وبيع المغرب للشركات الأجنبية، واستمرار توجه المستثمرين إلى المدن الكبرى بعد أن أعطى الملك إشهاراً لها.

على المستوى الحقوقي:
استمرار الخروقات والانتهاكات الجسيمة في حق المواطنين وتكريس سياسة تكميم الأفواه، خصوصاً بعد أن أعطى الملك الشرعية لكل ما قامت به القوات العمومية في تعاملها مع حراك الريف، والذي يمكن أن يقع في أي منطقة أخرى كما جاء في خطاب العرش.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد