بدأت مصر، أكبر مشتر للقمح في العالم، اليوم الثلاثاء 1 أغسطس/آب 2017 تطبيق منظومة جديدة لدعم الخبز تشمل تحرير سعر الدقيق (الطحين) والسولار للمخابز في خطوة تقول الحكومة إنها تستهدف تضييق الخناق على التهريب وهدر الموارد وتحسين الجودة.
وأظهرت اتصالات رويترز مع مختلف أطراف صناعة الخبز المدعم أن المنظومة تسير بشكل سلس حتى الآن في أغلب محافظات مصر بعد أن نجح قرار لوزير التموين الليلة الماضية في تهدئة مخاوف بعض أصحاب المخابز من تعثر وتيرة صرف مخصصات الدقيق.
الدفع مقدماً
وقرر الوزير علي المصيلحي منح مزيد من الوقت لأصحاب المخابز لدفع تأمين نقدي للمطاحن مقدماً يوازي ثمن الحصص المقررة لهم من الدقيق لثلاثة أيام، وذلك بعد تهديد بعض أصحاب المخابز في عدة محافظات بوقف العمل والاعتصام.
وبعد سداد قيمة التأمين ستحصل المخابز المنتجة للخبز المدعم على الدقيق بدون مقابل عن الكميات التي تنتجها في إطار برنامج الدعم.
وفي المنيا قال عبد الرحمن عمر رئيس شعبة المخابز بالمحافظة لرويترز "تراجعنا في المنيا وكفر الشيخ والغربية ودمياط والشرقية عن الاعتصام وعدم العمل أمس بعد مد مهلة دفع قيمة التأمين حتى يوم الخميس".
وبموجب المنظومة الجديدة يدفع المخبز مقدماً تأميناً للمطحن الذي يتعاقد معه يوازي تكلفة إمدادات ثلاثة أيام من الدقيق وفي المقابل يحصل على كميات من الدقيق توازي حجم الخبز الذي صرفه للمواطنين بالبطاقات الإلكترونية.
وتبلغ تكلفة الإنتاج لرغيف الخبز المدعم التي يحصل عليها صاحب المخبز في المنظومة 14.4 قرش ارتفاعاً من 11.1 قرش في السابق. وتشمل التكلفة دعم سعر السولار الذي سيشتريه المخبز بموجب المنظومة الجديدة بسعر السوق.
ويحصل أصحاب بطاقات الدعم حالياً على الخبز بسعر خمسة قروش للرغيف أي أقل بحسب الحكومة من 10% من تكلفة الإنتاج وذلك عبر بطاقات إلكترونية تخصص حصة يومية قدرها خمسة أرغفة للمواطن وتعوض المخابز عن فرق تكلفة الإنتاج مع كل استخدام للبطاقة.
وقال عبد الله غراب رئيس شعبة المخابز في اتحاد الغرف التجارية لرويترز "هناك 27 ألف مخبز في مصر. الكل يعمل اليوم بدون مشاكل بعد قرار الوزير منح مزيد من الوقت حتى الخميس المقبل لدفع مبالغ التأمين".
وأضاف "بنهاية اليوم سيكون إجمالي 50 بالمئة من المخابز دفع التأمين، وبحلول الخميس ستكون جميع المخابز انتهت من الدفع بإذن الله".
لكن غراب أوضح أن هناك "بعض الملاحظات البسيطة" على التنفيذ من مديريات التموين في عدد من المحافظات وأنه جرى التواصل مع الوزير لحلها.
خصم المستحقات من التأمين
وقررت وزارة التموين الليلة الماضية في اجتماع مع رؤساء شعب المخابز في المحافظات خصم قيمة المستحقات المتأخرة لأصحاب المخابز من قيمة التأمين المقرر سدادها.
وقال ممدوح رمضان المتحدث باسم وزارة التموين لرويترز "المنظومة تسير بشكل جيد حتى الآن ونعمل على حل أي مشكلات تظهر في أي من المحافظات. عمليات دفع التأمين من أصحاب المخابز بدأت تزيد بعد أن كان هناك اعتراضات أمس في بعض المحافظات".
وتشمل المنظومة الجديدة، التي وقعت وزارة التموين مع المطاحن وشعبة المخابز عقودها يوم السبت، قيام هيئة السلع التموينية ببيع طن القمح بسعر أربعة آلاف جنيه للمطاحن التي ستبيعه بدورها بعد تحويله إلى دقيق بسعر 4700 جنيه للطن على أن تدفع الحكومة هذا الفارق للمطاحن وتتم مراجعة تلك الأسعار كل ثلاثة أشهر.
ورغم البداية الخالية من المشاكل لتطبيق المنظومة، يرى بعض أصحاب المخابز أن مبالغ التأمين مبالغ بها في ظل عدم توفر سيولة لهم للدفع.
وأبدى سيد مصطفى صاحب مخبز في القليوبية بشمال شرق القاهرة غضبه من اشتراطات المنظومة الجديدة متسائلاً "كيف أدفع تأمين عشرة آلاف جنيه مرة واحدة وأنا لا أملك سيولة؟ أعمل يوم بيوم. أي مخبز يعمل بطريقة سليمة سيكون من الصعب عليه الدفع".
وتصرف مصر حالياً 150 رغيفاً شهرياً من الخبز المدعم للفرد بواقع خمسة أرغفة يومياً منذ بدء العمل بمنظومة البطاقات الذكية في أبريل/نيسان 2014.
وقال ناصر شعبان صاحب مخبز في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة "المطاحن رفضت تسليم الدقيق لنا اليوم إلا بعد سداد مبالغ التأمين. ليس معي أموال جاهزة لدفع التأمين حالياً".
لكن المتحدث باسم وزارة التموين قال "تم التواصل مع المطاحن في الفيوم وإبلاغهم بالقرارات الجديدة وحل المشكلة".
وأبدى عبد العال درويش رئيس شعبة أصحاب المخابز في الإسكندرية تأييده للنظام الجديد قائلاً "سداد قيمة الدقيق مقدماً سيبعد أي شبهات عن أصحاب المخابز وعدم اتهامهم بتهريب الدقيق.
بسعر السوق
"صاحب المخبز سيحصل على الدقيق بنفس الأسعار المتداولة بالأسواق مثلما كان متبعاً منذ بدء تطبيق منظومة الخبز قبل 3 سنوات".
في المقابل قال سيد عبد الفتاح صاحب مخبز في إحدى قرى محافظة السويس بشرق مصر "ليس معي أموال لسداد مبلغ التأمين. أعمل حالياً برصيد الدقيق المتبقي من الأيام الماضية.. لا أحد يستفيد من المنظومة الجديدة إلا الوزارة فقط".
وقال وزير التموين المصري على المصيلحي السبت الماضي إن المنظومة الجديدة "ستمثل نقلة نوعية حقيقية في تحسين المنتج. 15 يوماً فقط وستجدون فرقاً جوهرياً في رغيف الخبز".
وفي دمياط بشمال مصر قال شريف بدوي رئيس شعبة المخابز "العمل يسير بشكل طبيعي اليوم ولا مشكلات".
ورغم اعتراضات أصحاب بعض المخابز على دفع التأمين مقابل الحصول على الدقيق إلا أن آخرين يرون أن المنظومة جيدة مثل عبد الحي أحمد صاحب أحد المخابز في القليوبية شمالي القاهرة الذي قال "المنظومة جيدة ومجزية. دفعت بالفعل مبلغ التأمين".
وقال عادل مختار صاحب مخبز في أسيوط بجنوب مصر "لدينا حالياً رصيد من الدقيق. سندفع غداً بإذن الله قيمة التأمين".
واقترح ناصر عبد العظيم صاحب مخبز في محافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة "تقسيط مبلغ التأمين الجديد على أصحاب المخابز بدلاً من دفعه بالكامل مرة واحدة. أغلب مخابز الشرقية لم تدفع بعد لعدم وجود سيولة. بشكل عام المنظومة الجديدة في صالح المواطن والدولة".
وتهدف مصر من المنظومة الجديدة للخبز،التي يستفيد منها نحو 80 مليون مواطن، توفير الدقيق المهدر وخفض معدلات التلاعب به من قبل بعض أصحاب المخابز.
وقال وزير التموين يوم السبت إن المنظومة الجديدة "قابلة للإدارة والرقابة.. لا تهريب ولا خلط ولا زيادة في الأرصدة" مؤكداً أنها ستحقق وفراً في ميزانية الدعم لكنه لم يذكر أرقاماً.