لطالما افتخر الإسرائيليون أنهم أحفاد داود، الفتى الضعيف الذي صرع جالوت العملاق بضربة حجر بمقلاعه، لكن كلما تأملت الواقع، رأيت أن الشعب الفلسطيني بمقاومته السلمية بالحجر والهتاف هو مَن يمثل داود وليس الجنود الإسرائيليين المتترسين بالدبابات والطائرات.
يمدح المسيري المقاومة الفلسطينية في رمزيتها وسلاحها الحجر فيقول:
"ونحن إذا نظَرنا إلى الحجر، وجَدنا أنه يتَّسم بالصفات التالية:
• الحجر متوفِّر في كلِّ مكانٍ، ولا يُستورَد من الخارج.
• الحجر يمكن استخدامه عدَّة مرات، وربما إلى ما لا نهاية، أي أنه يُمكن تدويره.
• الحجر سلاح لا يُمكن نزعه أو مُصادرته.
• لا يتطلَّب استخدام الحجر دوراتٍ تدريبيَّة، أو حلقات تَوْعية.
• بوسع الإنسان أن يلقي بالحجر ويَفرَّ، فيَضمنَ لنفسه البقاء.
• يُسبِّب الحجرُ الألَم والأذى، ولكنَّه ليس مُدمِّراً، ولذا فإن أمسَك العدوُّ برامي الحجر – خاصة في وجود وسائل الإعلام – فلن يُمكنه استخدام آلته العسكرية ضدَّه إلاَّ بحذرٍ شديد.
• لا يتطلَّب النِّضالُ بالحجارة عمليةَ تنظيم مركزيَّة أو قيادة قويَّة.
• يُمكن لكلِّ الناس من كلِّ الأعمار استخدامُ الحجر، وارتجال طريقة إلقائه بالطريقة التي تُريحهم، وتَضمن في ذات الوقت إصابةَ الهدف".
انتصر المقدسيون الفلسطينيون بكل انتماءاتهم، واختلافاتهم السياسية والدينية، على قرار الاحتلال الإسرائيلي بمنعهم من الدخول للأقصى، وكان سلاحهم هو الرباط على بواباته وملء طرقات وساحات القدس والشوارع والطرق المؤدية للأقصى بآلاف من الجباه الساجدة والأكف الداعية والصلوات المرتفعة إلى السماء.
وعلى منوال المسيري في وصف الحجر كنقيض للدبابة والآلة وامتداد للإنسان من أرض في مقابل للمحتل المستورد من كل بلدان العالم مثل سلاحه المصنوع والمستورد أجزاء وكلية، فالصلاة سلاح:
* الصلاة صلة بين كل إنسان مؤمن وبين أرضه التي ينتمي إليها وسمائه التي يتطلع إليها.
* الصلاة يكررها المؤمن كل وقت وزمان، وكلما زادت صلاته زاد تمسكه بالأرض وزاد إعياء مَن يحاول منعه.
* تسبب الصلاة لمقيمها استقراراً وتركيزاً وصموداً، بينما تسبب للمحتل إحراجاً فليست الصلاة سلاحاً يصادره أو أموالاً يحجزها أو بناية هدمها.
* يمكن للجميع إقامة الصلاة فهي سلاح شامل لكل الأفراد نساء ورجالاً، كباراً وصغاراً، لا تحتاج لتدريب أو سن أو إعداد وتكوين..
* الصلاة هي العين التي تهزم المخرز، والدم الذي يهزم السيف، فكلما هاجم المحتل مصلياً راكعاً في رباطه على أرضه إلا وانهزم هذا المحتل وانفضحت كل أقاويله وادعاءاته أمام العالم بأنه حامٍ لحقوق الإنسان، والممثل الوحيد للحضارة في بحر التخلف، بل العكس..
انتصار اليوم في دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، بعد هبة الصلاة والاعتصام والرباط، دليل آخر على أن الصلاة هي سلاح قادر على هزيمة أعتى الجيوش.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.