منذ أيام، فوجئت شأني شأن جميع المصريين بحملة ضخمة تحت عنوان "1095 يوماً"، وهي فترة تولّي الرئيس السيسي الحكم منذ ثلاث سنوات، الحملة تعمل على صفحات التواصل الاجتماعي وقامت بإنتاج فيلم وثائقي ضخم للتذكير بالإنجازات المزعومة للرئيس.
حقيقة لا أستطيع أن أصف الفيلم سوى بأنه مثال صارخ لتحويل الفشل إلى إنجاز، دعونا لا نطيل الحديث، ونبدأ وفق التسلسل الزمني للفيلم:
كيف تخلق الكذبة؟!
- اجمع مجموعة من الشباب الموثوق في ولائهم للسلطة؛ لكي يدشنوا حملة تحدث الناس عن إنجازات الرئيس، وكأنهم يعيشون في اللالا لاند ولا يشعرون بما يدور من حولهم.
- أطلق اسماً غريباً على المشروع للفت الانتباه، وليكن 1095 يوماً إنجازات في إشارة إلى عدد أيام تولّي الرئيس للسلطة.
- أطلق أغنية تؤثر على مشاعر الناس، دعها تعزف على ألحان المارشات العسكرية، لزيادة مظاهر عسكرة الدولة، تحدث عمن يبنون مصر، ومع كل جملة يجب أن تعود للمظاهر العسكرية، سواء في الصورة أو الكلمات
- دعهم يبدأون الفيلم بالتأكيد على أنهم مجموعة من الشباب الذي يرصد الإنجازات بحيادية، وبأنهم سيدشنون في هذا الفيلم جزءاً من هذه الإنجازات؛ لكي يشعر المشاهد بضخامتها، ثم اجعلهم يوجهون الشكر للمؤسسة العسكرية لكي يقتنع المشاهد بأنها هي المؤسسة الوحيدة التي تعمل في البلاد.. وذيل الرسالة بعبارة تحيا مصر.
- ابدأ الفيلم بمشاهد للتظاهرات والإضرابات والأزمات الاقتصادية، لإقناع المشاهد أن الرئيس قد تسلم البلد منهارة، وهو ما سيكون بمثابة تفسير منطقي لسوء الأوضاع، ويقلل من أعباء تقييمه؛ نظراً لصعوبة المهمة.
- ذكر الناس أن بناء الأوطان يحتاج لعشرات السنين، وذلك لإقناع الشعب بالصبر حتى ينتهي عمره، ومن بعدها سيكون هناك جيل جديد تقنعه بأن البلاد كانت منهارة بسبب أخطاء مَن سبقوه، وبناء الأوطان يحتاج لعشرات السنوات الأخرى.
الإسكان والتعمير:
- لا بأس أن تخبر المشاهد أنك قد انتهيت من بناء 220 ألف وحدة سكنية بتكلفة 30 مليار جنيه في 3 سنوات، وبأنك تستهدف رفع الرقم ليصل إلى 500 ألف وحدة سكنية، هل أنت سعيد بهذه الأرقام التي أنستك أن المشروع أساساً أُطلق تحت عنوان "مليون وحدة سكنية في خمس سنوات".
- لا بأس أن تبدأ إنجازاتك ببناء 220 ألف وحدة سكنية بتكلفة 30 مليار جنيه، لن أشكك في الأرقام، ولكنني سأتعامل مع الأرقام المنشورة، فلو قمنا بقسمة 30 ملياراً على 220 ألف وحدة فستكون تكلفة الوحدة 136 ألف جنيه، ولو نظرنا بإمعان، فسنجد أن سعر وحدات الإسكان المتوسط يتراوح ما بين 300 و600 ألف جنيه تقريباً، فيما تباين أسعار وحدات الإسكان الاجتماعي ليصل إلى 200 ألف جنيه في بعض الحالات، أي أن الحكومة قد تحولت إلى تاجر يربح من هذه المشاريع، ولا يهبها للمجان للشعب، وتوغل على دور القطاع الخاص، ولا يجب أن ننسى أن المشروع مسند إلى وزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وضع تحت القوات المسلحة ألف خط.
- فلنتحدث عن المدن الجديدة التي ذكرنا منذ سنوات أن أرقامها والتصور المقدم لها غير منطقي ومبالغ فيه، خاصة أننا لا نمتلك الموارد الكافية لبناء مثل هذه المدن العملاقة والمتطورة، ولكن لن نجد منها بعد مرور 3 سنوات سوى بعض فيديوهات الجرافيك الرائع الأشبه بألعاب البلايستيشن الخيالية، أما على الأرض فلم يتم تنفيذ سوى أقل القليل إذا ما قارنا بالطموحات والأهداف، فمثلاً مدينة العلمين أعلن أنها ستنشأ على مساحة ضخمة تقدر بـ400 ألف فدان، وبأنها ستكون مدينة متكاملة تعمل على مدار السنة، ولا تعتمد على موسم الصيف فقط، وبأن المرحلة الأولى ستجذب 400 ألف مواطن، على أن تصل إلى 3 ملايين نسمة في المراحل الأولى من المشروع، وبأنه سيتم افتتاح جامعة وكل المنشآت والخدمات اللازمة لإنشاء مثل هذه المدينة الضخمة، وإلى اليوم لم يتم تنفيذ سوى مجموعة من منازل الإسكان الاجتماعي، التي يستطيع أي رجل أعمال أن يقوم بها، فهل سمع أحد منكم على شخص ترك القاهرة أو الإسكندرية وشد الرحال للذهاب إلى هذه المدينة المتطورة، يجب أن لا ننسى أيضاً أن المشروع مسند للهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
- تلاشى الفيلم الخوض في تفاصيل عن العاصمة الإدارية الجديدة؛ لأن الحديث عنها سيصيبك بالإحباط أكثر من مدينة العلمين الجديدة، خاصة عندما يستعرض الفيديو ما تم إنجازه ومحاولة جاهدة من المخرج لخلق زوايا مختلفة لتفادي الشعور بالتكرار، ما تم إنجازه هو مطار صغير، إضافة إلى مجموعة من العمارات ما زالت تحت الإنشاء يستطيع أي مستثمر بناءها بكل سهولة، بجانب بعض المباني الحكومية ما زالت تحت الإنشاء أيضاً، في حين أن المستهدف وفق المشروع أكثر من 170 ألف فدان لا نمتلك في حقيقة الأمر الموارد الكافية واللازمة لبنائها!!
- بالنسبة لرفع قدرة مصر من الكهرباء فبالتأكيد حدث تطور ملحوظ على الكهرباء مقارنة بما قبل ذلك، ولكن يجب أن نسجل ملاحظة هامة، وهي أن أسعار الكهرباء تضاعفت بصورة مخيفة على المواطن، أي أن هذا التطور دفع ثمنه المواطن المصري وليس من ميزانية الدولة.
- تم ذكر مشروع الضبعة النووي على أنه أحد إنجازات الرئيس، ما لم يتم ذكره هو أن مؤسسة روساتوم الروسية قد ذكرت في شهر أبريل/نيسان الماضي أن المشروع متوقف لحين توقيع العقود مع الجانب المصري الذي ذكر في أكثر من مرة أنه سينتهي من توقيع العقود قريباً، المشروع سيتكلف 25 مليار دولار سيتم الحصول عليها في صورة قرض يتم سداده خلال 7 سنوات، أي أن المشروع بالدين، ولا يعتبر إنجازاً بأي مقياس من المقاييس، فليس هناك أسهل من الاقتراض والشراء، بغض النظر عن أن هناك العديد من المتخصصين الذين يعتقدون أن المبلغ المدفوع ضخم للغاية مقارنة بمفاعلات أخرى، فقد وقعت تركيا مع روسيا أعلى اتفاق لبناء 4 محطات نووية مقابل 20 مليار دولار.
- بالنسبة لحقل الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافه في البحر المتوسط، فالاكتشاف تم بواسطة شركة إيطالية، ومن المعروف أن كشوف النفط والغاز يتم توقيعها مع شركات أجنبية ويكون الاتفاق تحمل الشركة الأجنبية تكلفة التنقيب في منطقة جغرافية معينة على أن تصبح شريكاً في أي حقل تكتشفه، شخصياً لا أجد إنجازاً في ذلك، فالإنجاز يمكن أن ينسب للرئيس في حالة أن الكشف كان من خلال شركات مصرية لا أجنبية.
الكهرباء والطاقة
الطرق:
بالنسبة للطرق والكباري.. فما زلنا نعاني من تلخيص إنجازات الرئيس في إنشاء شبكة الطرق؛ لتنتقل العدوى من "مبارك كباري" إلى الرئيس الجديد، في النهاية الطرق ما زالت متهالكة، معظم دول العالم تنشئ طرقاً أفضل من طرقنا ألف مرة، ولا نجد هذا المقدار من التباهي المبالغ فيه، بغض النظر عن أن أغلب العقود تصب في خزينة القوات المسلحة وهو ما يعد توغلاً على الحياة المدنية، إضافة إلى حصولها على حق الانتفاع من الخدمات على بعض الطرق لفترات طويلة، وأيضاً الاستفادة من "كارتة" الطرق، فالموضوع "بيزنس" في النهاية.
الصناعة:
- طرح الحكومة لأراض مخصصة للمصانع بمساحة 11 مليون متر مربع، بالطبع يجب أن يتم ذكر الرقم بالمتر لإشعار المشاهد بضخامة الرقم، ولكن ما الإنجاز في تخصيص مساحات للمصانع دون ذكر إن كان هناك من تجاوب واستثمر في هذه المساحات أم لا؟
- بالنسبة للصناعات.. فقد تم ذكر إنشاء منطقة صناعية للمدابغ لنقلها من سور مجرى العيون وهو أمر محمود، أما الشيء الثاني فهو إنشاء مدينة دمياط للأثاث، وبالطبع أسند المشروع للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لا أستطيع أن أقيم المشروع إلا بعد فترة من الآن، خاصة أن مصنّعي الأثاث يعانون هذه الفترة من حالة من الكساد، أما المشروع الثالث فكان توسيع مصنع للبتروكيماويات، كان هناك اعتراضات ضخمة على بنائه من الأساس؛ نظراً لأنه ملوث للبيئة، وجميع هذه المشاريع محمودة، ولكن حجمها في سياق إنجازات رئيس في ثلاث سنوات لا يستحق هذه الضجة.
التعليم:
بالنسبة للتعليم استعان الفيديو بكلام إنشائي لحسام بدراوي، أمين عام سياسات الحزب الوطني السابق، ثم تحدث عن إنجازات تدعوك إلى الانتحار، فمثلاً من بين الإنجازات إنشاء مدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا وتطوير مستوى المعلمين، ولكنني صراحة لا أجد في طفرة في التعليم في مصر على جميع المستويات، على العكس أجد أن الأمور تزداد سوءاً، ولا أعلم لماذا يحتاج تطوير التعليم إلى خطة طويلة الأمد؟ فلماذا لا نبدأ على الفور؟ كما أشار الفيديو إلى إنشاء 7 مدارس على مستوى الجمهورية بمعدل مدرستين وثلث في السنة لشعب تعداده 90 مليون نسمة، الرقم وحده كفيل بإقالة الحكومة، إضافة إلى اعتبار أن إنشاء مكتبة إلكترونية على الإنترنت إنجازاً رئاسياً هو أمر كارثي في حد ذاته، فأي مبرمج يستطيع القيام بهذه المهمة، بغض النظر عن أن الموقع غير معروف ولم يسمع عنه أحد.
الخلاصة أن إنجاز الرئيس في التعليم هو اللاإنجاز، وعندما يقول الرئيس: "يعمل إيه التعليم في بلد ضايع"، يجب أن تلتزم الحكومة الصمت.
الصحة:
على مستوى الصحة.. فبجانب حجم التسول الذي نشاهده على شاشات الفضائيات وسط غياب دور الدولة، لم تجد الدولة ما تتباهى به سوى نجاحها في علاج فيروس سي بصورة كبيرة على مستوى الجمهورية، ولكن يجب أن نتذكر نقطتين في غاية الأهمية: الأولى أن العلاج لم يأتِ من خلال جهاز الكفتة الشهير، ثانياً أن العلاج أميركي تم السماح لنا بتصنيعه كمنحة من شركات الدواء ومنظمة الصحة العالمية بتكلفة 1% من سعره العالمي؛ نظراً لأننا دولة موبوءة، إذاً فالعلاج منحة عالمية لنا، "لأننا غلابة قوي"، الإنجاز يا سيادة الرئيس يكون في حالتين، فإما أنك كدولة قمت باختراع الدواء أو اكتشافه، أو أنك تحملت تكلفته المرتفعة لمعالجة أبناء شعبك، ولكننا لم نفعل أياً منهما، والسؤال: هل لو كانت الدولة ستعالج البسطاء على نفقتها إذاً ما كنا نحاسب بالسعر العالمي؟ الإجابة: شاهد إعلانات رمضان.
الاقتصاد:
- اعتبرت الحكومة أن تحرير سعر النقد ورفعه من 8 جنيهات إلى 18 جنيهاً إنجاز! ما هو الإنجاز أو الصعوبة في رفع الأسعار على المواطنين؟ حقيقة لا أدري.
- ما زال التزوير والكذب مستمرين.. فقد زعم الفيديو تحقيق زيادة نسبة الاستثمارات، وقارنها بالسنوات السابقة، أولاً: المقارنة بدأت من عام 2012 لتلافي أي مقارنة بإحصائيات مبارك التي كانت بالتأكيد أفضل، ثانياً: تم حساب الاستثمارات بالجنيه المصري، غير آخذين في الاعتبار أن سعر الاستثمارات يجب أن يقاس بالدولار، ففي عام 2011-2012 حقق الاقتصاد المصري استثمارات بـ 286 مليار جنيه، فيما حقق عام 2017-2016، 530 مليار جنيه، لو قمنا بحساب فارق سعر صرف الدولار سنجد أن الاستثمارات انخفضت!
- بالنسبة للاحتياطي النقدي، فقد تفاخرت الحملة بوصول الاحتياطي إلى 31.1 مليار دولار، ولكنها لم تذكر أن الدين الخارجي زاد بنسبة 40% في العام الأخير؛ ليصل إلى 67 مليار دولار، بمعنى أن هذه الزيادة هي زيادة وهمية وهي عبارة عن ديون، بغض النظر عن أكثر من 60 مليار دولار حصل عليها السيسي في صورة مساعدات وقروض ومنح من دول الخليج لم يتم استغلالها بالصورة المثلى، بجانب قرض من صندوق النقد ما زلنا نحصل على دفعاته بقيمة 12 مليار دولار!
بغض النظر عن رفع سعر الدولار وارتفاع الأسعار الجنوني وإيقاف الاستيراد، والذي أجبر الناس كرهاً لا طوعاً عن الشراء، وبالتالي انخفض الاستيراد بصورة مرعبة ساعد على تقليل الإنفاق الدولاري.
- بالنسبة لخفض معدلات البطالة بنسبة طفيفة لتصل إلى 12.4% وهو نفس معدل 2011، فأنا أستند إلى حديث الدكتورة تقول سلمى حسين، الباحثة الاقتصادية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والتي قالت: "إن نسبة البطالة التي يعلن عنها الجهاز ليست كافية للحكم على سوق العمل. على سبيل المثال، يعتبر اﻹحصاء كلّ من مارس أياً من أشكال العمل "ولو لساعة واحدة" أسبوعياً غير عاطل عن العمل!
- لم يذكر الفيلم أن الدين المحلي ارتفع من 1.4 تريليون عام 2013 إلى ما يزيد عن 3 تريليونات جنيه، ولم يذكر أن نسب التضخم زاد من حدود الـ10% إلى 33%.
التضامن الاجتماعي:
زعم الفيديو أنه وفر معاشات ضمن برنامج تكافل وكرامة لـ1.7 مليون أسرة مصرية، وهو أمر محمود، ولكن على الجانب الآخر ماذا قدمت الحكومة للأسر الفقيرة على مستوى الأسعار؟! لقد قامت الحكومة بفرض عدد كبير من الزيادات على أساسيات الحياة من كهرباء وماء وغاز، فيما قامت برفع أسعار الوقود خلال الثلاث سنوات الأخيرة بما يقارب 100%، وفرضت عدداً كبيراً من الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة، إلى جانب رفع أسعار الجمارك والرسوم الحكومية.. إلخ.
إن الواقع يقول: إن الحكومة لم ترتقِ بحياة المواطنين بل زادته معاناة على معاناته، وسحقت الطبقة المتوسطة سحقاً، وشخصياً أرى أن مشروع تكافل وكرامة هو سد للأفواه كي تجد ما تأكله قبل أن تأكل ما حولها.. فأين الإنجاز في رفع الأسعار بصورة شبه شهرية، ورفع مستوى التضخم إلى نسب جنونية، ثم منح أقل القليل للمعدومين واعتبار ذلك إنجازاً؟!
الدعم والتموين:
- تعديل منظومة الخبز الجديدة هو إنجاز جيد لا أستطيع أن أنكره؛ لأنه يحمي من إهدار الموارد وسرقتها.
- زيادة نسبة مخصصات التموين من 21 إلى 50 جنيهاً، في ظل زيادة الأسعار والمحروقات ورفع الدعم أشبه بمنح رغيف خبز لأسرة كاملة للعيش عليه خلال شهر، ففارق الثلاثين جنيهاً يتم استنزافه بمجرد دخولك أول سوبر ماركت لشراء احتياجات بسيطة، لقد منحت الشعب 30 جنيهاً ورفعت الأسعار إلى ما يزيد عن 100%.. أنت الرابح سيادة الرئيس والشعب هو الخاسر.
- بالنسبة لزيادة المعاشات بنسبة 15% فهو إجراء متبع منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك، صحيح أن النسبة كانت 10%، ولكن لم يصل التضخم إلى ما يقرب من 33% وفق الإعلانات الرسمية.
قناة السويس:
ما زال القائمون على الدولة مصممين على أن قناة السويس الجديدة إنجاز من ضمن إنجازات الرئيس ولكنها لم تتحدث عن عوائد المشروع الذي لم يدر على مصر مليماً واحداً، وقد وصفه الرئيس بنفسه في حديث تلفزيوني بأن المشروع الذي أنفق عليه مليارات الجنيهات كان "لرفع الروح المعنوية"!
مشاريع الإصلاح السمكي:
هو مشروع حقيقي، ولكنه يقع ضمن خارطة بيزنيس القوات المسلحة.
تعميير سيناء:
وثق الفيديو لمشروع أنفاق قناة السويس وسحارة سرابيوم لنقل المياه إلى قناة السويس، بهدف استصلاح الأراضي هناك، المشروعان جيدان للغاية ولكن يجب أن لا ننسى أن ما قيمته 1.5 مليار دولار قامت السعودية بدفعها لتمويل مشاريع تعمير سيناء، كانت جزءاً من صفقة التخلي عن جزء من أرض سيناء من خلال بيع تيران وصنافير إلى السعودية.
الصعيد:
تم الحديث عن البدء في إنشاء المثلث الذهبي دون الإشارة إلى أي أرقام أو صور أو إحصائيات، من الواضح أن المشروع ما زال في خطواته الأولى، لذلك لا يعتبر إنجازاً.
مشروع المليون ونصف المليون فدان:
بالرغم من ضخامة المشروع وأهميته، مر الفيلم على المشروع مرور الكرام، ولم يذكر ما تم إنجازه، دعونا نذكر بعض الحقائق، في أحد البرامج التلفزيونية بتاريخ 29 أبريل/نيسان 2016 تم عمل حلقة خاصة عن مشروع المليون ونصف المليون فدان، وتم تصوير الحلقة من واحة الفرافرة لافتتاح 30 ألف فدان فقط، وقد ذكر اللواء كامل الوزير أن الأرض مخصصة للشباب، وبأنها ستباع برفقة منزل مخصص لصاحب الأرض، أما المفاجأة فكانت أن تكلفة المنزل كانت 300 ألف جنيه دون حساب ثمن الأرض! فهل يستطيع الشباب دفع هذه التكلفة؟ فيما بعد وجدنا خبراً صحفياً بزراعة 60 ألف فدان في المغرة، على الجانب الآخر أشار عدد من الخبراء إلى أن المشروع مستحيل عملياً لعدم توافر مياه تكفي هذه المساحة، وأن أقصى ما يمكن استصلاحه 400 ألف فدان؛ لذلك لم يقم الفيلم بالتركيز على هذه النقطة ومر عليها مرور الكرام.
الشباب والرياضة والمرأة:
- تحدث الفيلم عن مشروع البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، حقيقة لم نشاهد أي تمكين للشباب، فالحكومة ما زال معظمها من كبار السن، الشباب مهمش، لا يحظى بأبسط حقوقه، ضائع بلا طموحات أو أحلام، السجون تعج بهم، والشباب من وجهة نظر الرئاسة يقتصر دورهم على بعض المؤتمرات التي تعقد في الصالات المكيفة يتبادلون فيها أحاديث لا تمت بصلة لواقع الشباب المصري وفي محاولة لكسب الشباب، تم الاستعانة بالفنان محمد رمضان وصراحة لا أدري ما علاقة ذلك بتطوير وتمكين الشباب؟!
- حاولت الحملة كذلك استعطاف المشاهد من خلال إظهار أحد متحدي الإعاقة في إشارة إلى الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، إن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة لا يتم من خلال جلب أحدهم لتزيين صورة في مؤتمر تلفزيوني، إن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة يتم من خلال توفير احتياجاتهم من علاج، وخدمات، وفرص عمل، وتطبيق نسبة الـ5%.. الخ.
- الكلام الإنشائي كان مسيطراً كذلك على الاهتمام بالرياضة وتمكين المرأة، حالهم حال الشباب، مع التأكيد على تخصيص 500 مليون جنيه لتمكين المرأة اجتماعياً.. أرجو إن كانت هناك امرأة أو فتاة قد شعرت بتأثير جنيه واحد من الـ500 مليون أن تخبرنا بذلك.
مكافحة الفساد:
- ذكر التقرير أن مصر قفزت 36 مركزاً في مجال مكافحة الفساد، دون ذكر المصدر، وعند البحث كان المصدر: الأمانة الفنية للجنة الوطنية التنسيقية للوقاية من الفساد.. أعتقد أنه لا حاجة إلى المزيد من التوضيح.
- ذكر التقرير أن الدولة قامت بإزالة التعديات عن 118 مليون متر مربع؛ ليستمر تضخيم الأرقام من خلال الحديث بالمتر لا بالفدان أو الكيلومتر، وإن كنا ندعم وبقوة مثل هذه الإجراءات إلا أن الدولة ما زالت تقف عاجزة أمام العديد من كبار الفاسدين.
الإرهاب:
- اعتبر التقرير أن القوات المسلحة حققت نجاحات كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب، والسؤال هو: إذا كان ما يحدث نجاحاً فما هو مفهوم الفشل بينما يقتل أبناؤنا بصورة مستمرة في سيناء وخارجها؟ وسط غياب للدولة في شمال سيناء وتهجير أسر قبطية منها.
- جدير بالذكر أنه تمت الاستعانة بالممثل محمد رمضان للحديث عن القوات المسلحة!
الخارجية:
اعتبر التقرير أن كثرة الزيارات الخارجية للرئيس نجاح سياسي، فهل تقاس النجاحات بعدد الأميال المقطوعة أم بالنتائج؟ سيادة الرئيس أنت لست طياراً؛ لكي تقيس إنجازاتك بعدد الأميال إنما بنتائج الزيارات!
الختام:
أغنية تتحدث عن إنجازات وهمية، شعرت خلالها أنني أضعت ساعات طويلة في عيد ميلادي الـ32 لمشاهدة وتحليل هذه الأكاذيب.. ولكن كان ولا بد أن يتصدى أحدهم لهذه الأكاذيب.
تحيا مصر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.