أثار تلاعب موظفين بوزارة الخارجية والهجرة النمساوية بتقرير عن روضات الأطفال الإسلامية، بغية تحقيق مكاسب سياسية، استياءً من قبل شرائح مجتمعية، وعلى رأسهم المسلمون.
ويرى مراقبون أن محاولة وزير الخارجية والهجرة النمساوية، سيباستيان كورتس، الذي يترأس حزب الشعب(يمين وسط)، استغلال المسلمين كمادة سياسية ليصبح رئسياً للوزراء في الانتخابات البرلمانية المقررة في 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، على أنها "أكبر فضيحة" في التاريخ السياسي للبلاد.
تشويه مؤسسات إسلامية
وذكرت صحيفة "فالتر" واسعة الانتشار، الثلاثاء الماضي، أن بعض الموظفين في الوزارة، غيروا أجزاء في تقرير أعده للوزارة الأستاذ بقسم التربية الدينية بجامعة فيينا، عدنان أصلان، حول "الروضات الإسلامية" في النمسا، وذلك لرغبتهم في تشويه صورة المؤسسات التعليمية الإسلامية.
وأقدم الموظفون على تعديل أجزاء من التقرير بالرغم من علم عدنان بذلك.
وأوضحت أن هؤلاء الموظفين أعادوا صياغة بعض أجزاء التقرير بما يتوافق مع مزاعم حزب الشعب المتطرف ورئيسه كورتس، وزير الخارجية والهجرة، بهدف إصدار قرار بإغلاق الروضات.
ونشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني التقريرين الأصلي والمعدَّل، مظهرة النصوص التي جرى تغييرها، بهدف تشويه صورة المؤسسات التعليمية الإسلامية في النمسا.
وكان الهدف من التقرير المعدّل الذي أعادوا صياغة بعض أجزائه بشكل يثير القلق لدى المجتمع، هو خلق انطباع وكأن تلك الروضات "تُنشئ أطفالاً متشددين، لا يتبنون قيم الدولة"، والقيام بحملات سياسية ضد المسلمين في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ويرى مراقبون أن كورتس يرمي لجمع الأصوات المتجهة لليمين المتطرف، عبر استغلال التقرير الذي يهدف لإظهار "المسلمين على أنهم لا يريدون الانسجام مع الحياة الاجتماعية، وأنهم مجتمع مخالف للنظام".
استغلال مؤسسات المسلمين
رئيس التجمع الإسلامي بالنمسا، إبراهيم أولغون قال "اندهشنا من إجراء الوزارة تعديلاً على التقرير.. وللأسف تم استغلال المسلمين ومؤسساتهم في السنوات الأخيرة كمادة سياسية.. والتقرير الأخير حول الروضات خير مثال على ذلك".
وأعرب عن سعادته من انكشاف المكيدة التي كانت تُدبر للمسلمين عبر التقرير.
وبيّن أن جامعة فيينا فتحت تحقيقاً متعلقاً بتعمد موظفي الوزارة تغيير التقرير، متمنياً مشاركة نتائج التحقيق مع الشارع في أقرب وقت.
أما أنس بايراقلي، مدير أبحاث أوروبا في "مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي"(سيتا)، فقال: "عدنان أصلان يدّعي أنه أجرى بحثاً عن الروضات الإسلامية، غير أن تقريره لاقى انتقادات الكثير من الأكاديميين خلال الأيام الأولى من نشره. وحينما لم تُعجبها نتائج البحث أقدمت الوزارة على التدخل.. وجرى تغيير التقرير بهدف تقديم انطباع عن الأطفال وكأنه تجري تنشئتهم كي يكونوا متطرفين ومناصرين لتنظيم داعش".
من جانبه، قال فريد حافظ، الأكاديمي في قسم العلوم السياسية بجامعة "سالزبورغ"(النمسا)، "في السنوات الأخيرة، يقدم السياسيون الدعم لأكاديميين مثل عدنان أصلان (معد التقرير)، بغية تأييد سياساتهم التي تكن العداء للإسلام".
وأضاف أن "كورتس يواصل خطابه العنصري ضد المسلمين وهذا ليس بالأمر الجديد".
ويسعى زعيم حزب الشعب النمساوي، وزير الخارجية والهجرة، إلى إغلاق روضات الأطفال الإسلامية، بدعوى أنها "تشكل ثقافة موازية" في البلد الأوروبي.
ويعيش في النمسا نحو 600 ألف مسلم (من أصل 8.7 مليون نسمة)، وفق "التجمع الإسلامي"(غير حكومي).
ويشكو مسلمو النمسا من تصاعد "الإسلاموفوبيا" وجرائم الكراهية بحقهم، ضمن موجة عداء للإسلام تشهدها العديد من الدول الأوروبية، في ظل صعود أحزاب اليمين المتطرف.