الفراعين وصناعة العبيد

إن الحكام المستبدين الطغاة الفاسدين حول العالم عامة، وفي مصر خاصة، وما أدراك من حكم مصر على مر العصور منذ انقلاب 1952م وحتى الآن؛ لأنهم لهم نكهة خاصة غير باقي دول العالم؛ لأنهم ليسوا طغاة وفاسدين ومستبدين فقط، وإنما تميزوا بأنهم مجموعة من العسكريين الذين يقودون جيش مصر العظيم لماذا عظيم هذا الجيش؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/06 الساعة 04:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/06 الساعة 04:19 بتوقيت غرينتش

إن الحكام المستبدين الطغاة الفاسدين حول العالم عامة، وفي مصر خاصة، وما أدراك من حكم مصر على مر العصور منذ انقلاب 1952م وحتى الآن؛ لأنهم لهم نكهة خاصة غير باقي دول العالم؛ لأنهم ليسوا طغاة وفاسدين ومستبدين فقط، وإنما تميزوا بأنهم مجموعة من العسكريين الذين يقودون جيش مصر العظيم لماذا عظيم هذا الجيش؟

لأنه جيش وطني من أبناء الشعب، معظمهم مجندون إجبارياً وعندهم انتماء ووطنية وحب للوطن، ولكن هؤلاء المجموعة العسكرية الحاكمة لهذا الجيش من ناحية، واحتلال مصر من ناحية أخرى، جعلت عقيدة هذا الجيش مع مرور الوقت بأن إسرائيل تحولت من عدو لدود إلى صديق حميم، وبيننا وبينه حب دافئ، وأصبح من يدافع عن بلده، وعن القدس الشريف، كحماس وغيرها من الإخوان، من الإرهابيين، بل أكثر من ذلك أصبح الشعب عدواً، والحاكم يجب الدفاع عنه بكل قوة، وبالتالي أصبح الجندي المسكين يقتل بني جلدته بحجة حماية الأمن القومي، أو حماية القائد الفذ الذي يحكم البلاد وحامي حماها من الأعداء.

فهذه المجموعة العسكرية صنعت عبيداً من أفراد الجيش المصري، ينفذون أوامرهم دون قيد أو شرط، ليس هذا فحسب، فهذه المجموعة الفاسدة تختار أحدهم لقيادة البلاد، مثلما حدث منذ أول انقلاب بمصر، والذي أسفر عن اختيار أول حاكم وهو الراحل محمد نجيب، فقد تم الانقلاب عليه ووضعه تحت الإقامة الجبرية مثلما حدث موخراً عندما تم الاختيار الحر من الشعب لأول رئيس مدني، تم الانقلاب عليه وخطفه، فالعسكر هذا ديدنه الخيانة بدمه، وهذا أسلوبه على مر التاريخ لماذا؟

لأن هؤلاء المجموعة العسكرية التي حكمت مصر لأكثر من ستين عاماً لا يتعاملون مع شعوبهم إلا كالأسياد والعبيد، قاموا بتجويع الشعب، حتى يظل عبداً مخلصاً لأسياده ممن يحكم بلده فيضعه في دوامة البحث عن لقمة العيش، والعمل من ناحية فيجعله يتسول العمل هنا وهناك بمرتبات متدنية (تجويع) ثم ارتفاع في الأسعار مستمر (تجويع) احتكار السلع والمنتجات (تجويع)، وهكذا يجعله لا يفكر في شيء سوى البحث عن العمل من ناحية، والبحث عن تربية أبنائه، وتوفير قوت يومه من ناحية أخرى، دوامة لا تنتهي وسياسة محكمة ممنهجة مدروسة، ثم جعله من الناحية الصحية بدوامة أخرى، حتى يظل عبداً له، فلا يوجد مستشفى حكومي به أقل شيء من الآدمية، فإنهم يعاملون الشعب ليس كالعبيد فقط، وإنما كالحيوانات أعزكم الله دون مبالغة، فكم نرى ونشاهد معاملة المرضى على شاشات التلفاز، وهم يطردون من المستشفيات لعدم وجود أماكن أو بحجة عدم وجود أدوية أو علاج، وحدّث ولا حرج عن نظافة هذه المستشفيات التي تتفشى بها القاذورات والحشرات.. إلخ، وكم من الأطفال وكبار السن مات بسبب الإهمال الطبي لهؤلاء، بل كم من النساء الحوامل طردوا خارج هذه المستشفيات بالطرقات وتمت الولادة بالشوارع أمامها والممرضات والدكاترة يتفرجون!

فأنت أيها المواطن عليك أن تكون عبداً لنا، لا تجد عملاً ولا تجد قوت يومك ولا تجد علاجاً أو دواء محترماً لك؛ كي تعيش مدى حياتك تعاني من لقمة العيش تارة، ومن المرض والبحث عن العلاج والدواء تارة أخرى، ليس ذلك فحسب، هؤلاء الفسدة ممن يحكمون مصر من العسكريين، يقومون بطريقة ممنهجة من أجل وضع خطط تعليمية هزيلة جداً، بأن يصبح المواطن المصري لا يفقه شيئاً بالحياة، ولا يكون حتى مثقفاً يدري بما يحدث حوله، وإنما سياسة التعليم تكون بمثابة خلق عبيد جهلة ينفذون ما يأتمرون به، وعلى رأسه احترام الحاكم وتبجيله، وجعله كأنه إله، والعياذ بالله، وعليه التصفيق والتهليل له دائماً؛ لذا تجد بأي اجتماع لرئيس الدولة عندما يقول أي شيء حتى لو كان ضده يصفق له "أتوماتيك"، كما نرى ونشاهد يومياً الآن.

كذلك تجد معظم الشعب المصري حوالي 40% منهم يصفق ويهلل لمن يحكمه، وتقول له من باب النصيحة: هذا يجوعك ورفع الأسعار ورفع الدعم، يقول لك أحسن ما نكون كسوريا والعراق، والأسعار مرتفعة بأميركا وأوروبا والخليج، تقول له: هناك المرتبات مرتفعة وتتماشى مع أسعارهم، يقول لك: الجيش على الأقل حامينا، حاميكم ممن؟! يقول لك: حامينا من الإخوان والإرهاب، تقول له: طيب هو بيبيع أرضك، يقول: هنعمل ايه مـا هو مفيش بديل، وكأن البلد وقفت وانتهت، وأصبح التسعون مليوناً لا يوجد بهم من يحكم البلد بإخلاص وشرف وكرامة.

فقد صنع عبداً له بالفعل، جاهلاً فاشلاً غير متعلم، يعيش في دوامة ودائرة مغلقة مريضاً مطحوناً؛ لذا يصفق ويصفق ويهلل، وكأنه مسحور وهؤلاء الخونة العسكريون يعاملونه كالحيوان بل أضل، فكلما يفيق من مشكلة يضعونه في مشكلة أخرى، غلاء أسعار، بحث عن وظيفة، أو بحث عن علاج أو دواء، وهكذا وفي نفس الوقت هو يعيش في رفاهية ونهب ثروات البلاد، بل بيع أراضيها علناً، وهو يرى ويشاهد ولا يقدر حتى على الاعتراض، ومن يعترض إما أن يعتقل أو يقتل أو تلفّق له أي اتهامات، كالإرهاب والتطرف وقلب نظام الحكم، أو الانتماء لجماعة إرهابية، وطبعاً كل معد وجاهز للتعامل معنا نحن العبيد من الشعب، وعلينا احترام أسيادنا من العسكريين الحكام الظلمة الفاسدين الطغاة، هذه حقيقة ما نعيشه الآن فماذا نحن فاعلون؟

هل سنظل عبيداً مدى الحياة لهؤلاء الخونة العسكريين، الذين طغوا في البلاد ونشروا بها الفساد؟! هل سنظل نستبدل عبادة الله جلّ في علاه، ونصبح عبيداً لهؤلاء الفراعين؟! هل سنظل نستسلم لهم لينهبوا ثرواتنا، ويأكلوا أموالنا بالباطل؟! هل سنظل خانعين متخوفين جبناء أمام بيع أرضنا أمام أعيننا، بل بيع حتى جنسيتنا لمن يدفع؟!

ماذا تنتظر يا شعب مصر العظيم؟ هل ستظل ترضى أن تكون عبيداً لمجموعة فسدة وخونة صهاينة كهؤلاء؟! هل ترضى أن تكون محتلاً منذ أكثر من ستين عاماً من الذل والاضطهاد، والاستبداد والمهانة؟!

أما آن الأوان للانتفاض من أجل كرامتك وحريتك بل لآدميتك وإنسانيتك؟! هل سترضى أن تعيش مدى حياتك أنت، وأولادك وأحفادك عبيداً لهؤلاء الظلمة الفاسدين؟!

إنني بانتظار ردّك، إنني بانتظار موقفك بعدما أوضحت لك الوضع على حقيقته، وعليك الاختيار إما أن تكون مواطناً شريفاً تعيش بحرية وكرامة ورأسك مرفوع كما خلقك الله، وإما أن تظل جاهلاً مريضاً فقيراً عبداً للعسكر تداس بالبيادة مدى الحياة؟! عليك الاختيار.. اللهم إنني بلغت، اللهم فاشهد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد