سقوط غرناطة مجدداً

اليوم تصبح مقاومة المحتل إرهاباً، وبيع الشعوب والبلاد إخلاصاً ووفاء، والعدو صديقاً قلقاً على مصالحنا، سذاجة وحمق وتبلد أرعن، وبين كل ذلك محور آخر ينمو بقوة، وفي صمت، حتى إذا ما تباينت القوى وتمايزت الصفوف أصبح كل يريد نصيبه من الكعكة، والكعكة ضلَّ سعيها، وهي تحسب أنها تحسن صنعاً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/05 الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/05 الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش

الأندلس منارة أضاءت ما حولها، وظل ضياؤها المسروق يتمدد ويتجدد إلى حاضرنا من العلوم والفنون، ظلت الأندلس مثالاً لتطور العقل البشري من عقل رعوي بدوي همجي إلى مفكر ومخترع حتى بدأت السياسة، وطلب الملك، فتحولت إلى دويلات وممالك، ثم لم يكتفوا بذلك حتى أصبح كل يكيل لأخيه ثم يطلب المساعدة من ملوك الإسبان المسيحيين، فيساعدون المسلمين على بعضهم البعض، مقابل الحصول على مال أو قلاع أو أراضٍ، حتى توحَّد الصلبيون تحت راية (الملك ألفونسو السادس)، وما إن استتب له الأمر حتى شرع في ضرب الممالك المسلمة كما يضرب الذئب من الغنم القاصية، حتى سقطت غرناطة 1492 آخر المعاقل الإسلامية.

وتجري سُنة الله في الكون لا تتبدل ولا تتغير، سُنة ماضية تقطع رؤوس الغافلين ممن ليس لهم من قراءة التاريخ حظ ولا من موعظة الهالكين نصيب، فهناك شاب كالثور الهائج ينشد ملكاً ويستعين بأميركا على دولة مسلمة ويحاصرها، والمحاصر يلجأ إلى نفس الذئب، ويحتمي به، والذئب يحلب من هذا وذاك، وهو يحتسي فنجاناً من القهوة، وينسج خيوط المسرحية العبثية، ودولة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، فتأبى إلا أن تكفر بأنعم الله، وتسعى مختالة لتفرض سيطرتها على جيرانها، والذئب يضحك من جهلها، ودول أخرى بين مجبور على لقمة عيشه وقوت يومه، وبين مرتقب على من تكون الدائرة، مشهد سقوط غرناطة يتجدد بكل مشاهده المأساوية، وبأدق تفاصيله، وذلك لأننا أمة لا تقرأ، وإذا قرأت لا تفهم.

اليوم تصبح مقاومة المحتل إرهاباً، وبيع الشعوب والبلاد إخلاصاً ووفاء، والعدو صديقاً قلقاً على مصالحنا، سذاجة وحمق وتبلد أرعن، وبين كل ذلك محور آخر ينمو بقوة، وفي صمت، حتى إذا ما تباينت القوى وتمايزت الصفوف أصبح كل يريد نصيبه من الكعكة، والكعكة ضلَّ سعيها، وهي تحسب أنها تحسن صنعاً.

ضربت أفغانستان ثم العراق، فتمخضت داعش، وحتى تتزن معادلة استمرار الدمار والحرب شُكل الحشد الشعبي، ثم ليبيا وسوريا بطرفيها، النظام وجبهة النصرة، ثم اليمن، حتى ما إذا سيطر الحوثي كان لا بد من طرف المعادلة الآخر، فكانت عاصفة الصحراء، وكل يشتري عتاده وسلاحه من صديقنا الذئب، يقول المتنبي:

أغايةُ الدِّين أن تحفّوا شواربكم** يا أمةٌ ضحكت من جهلها الأمم

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد