مهلاً!
عدمنا ترى أُناساً باتوا أبواقاً، يذهب كل منهم في -كامل وعيه- ويهوي في قاع "متحف مهملات العدم" ويتفنن في إثبات لا شيء! ويصر على أن ذلك هو عينُ اليقين، كمن كانوا يسومونُ سوءُ العذابِ لمن تحدثوا في كُروية الأرض، وأنها ليست مسطحة، ليتَ ذاك من أضغاثِ الأحلام!
ما زِلتُ لا أكادُ أن أصدق أن يُقلب الصديق والشقيق إلى فرد من جند إبليس، والأمرُّ من ذلك أنه ومردته قد صُفدوا في شهر النفحات والرحمات، أن تُقطع الصله بمن هو منكَ وأنت منهُ، أن تصف أخاك الذي أنصفهُ الغريب من كل جُرمٍ بالمنافق الشرير حاصب الخطايا مبتدئ الموبقات. كلا! هذا لا يقبله العقل السليم ولا الضمير المنير.
كإنسان عربي وإفريقي أرى قطر دار الشهامة والكرامة والأصالة، تتعرض لأكبر هجمة حيوانية حِيكت من نزوات وتعويذات طلاسم فرعون الحقد والحسد، حتى إنه فاق قبحاً من وشاية يهوذا الأسخريوطي للمسيح من أجل صلبه!
إننا نشهد واقعاً مريراً بأن اتفق الأشقاء من بعض الدول العربية على التدخل في سيادة دولة أخرى، وفرض الإملاءات عليها من أجل تغيير سياستها، أصحاب الدار الواحد مجلس التعاون الخليجي العربي يكاد أن ينهار بسبب محاولة اقتلاع القلعة القطرية التي أصبح لها وجود عالمي على مرأى ومسمع الأعداء من محيطنا، ماذا لو لم تكن أساساً هناك دولة اسمها قطر؟!
لما كان هناك من وسيط دولي صاحب القنوات الدبلوماسية ذات المفاتيح السياسية في منطقة الشرق الأوسط، لولا قطر لم تكن هناك واسطة بين موسكو والشيشان، ولا الخرطوم ودارفور، ولا السلطة الفلسطينية وحماس، ولا الفرقاء الصوماليين وبين وحكوماتهم المؤقتة آنذاك، ولا المساعي والحلحلة بين جيبوتي وإريتريا… والقائمة تطول، أيضاً قس على ذلك في الأصعدة الاقتصادية واستثمارات قطر في البلدان الرائدة، إذاً لماذا يراد لدولة شغلت الفراغ عندما انكفأ الكبار على أنفسهم من معالجة قضايا البيت العربي بل وتعدت قطر أكثر من ذلك! إذاً هنا مكمن المشكلة، محاولة اختطاف امتيازات دولة قطر على الصعيد العربي والعالمي هو السبب في حصارها والقطيعة الدبلوماسية لها – إذا عرف السبب بطل العجب – تكرار أخطاء الماضي من استعراض القوة وفرض الوصاية من منطق "انا أدرى بمصلحتك أكثر منك"، وأن ذاك الشعب هو ضحية لذاك النظام، لم تنجح مع صدام حسين حينما اجتاح الكويت، ولا جورج بوش الابن عندما غزا العراق وهذا ليس من الماضي السحيق!
أوضاع الشرق الأوسط في تعقد وتأزم، وهذا ما ستدفعه الأجيال القادمة سبباً لذلك، نرجو من كل الفرقاء والأشقاء من الدول العربية والصديقة تجنيب المنطقة المطحنة التاريخية التي تلوح في الأفق، تشتيت الوطن العربي عن جهود معالجة الأخطار القائمة التي نعيشها واتهام بعضنا البعض في تسببها وما إلى ذلك، إنما هو طريق آخر من الهروب من المسؤولية المفترضة، نرجو الله أن تكون الأزمة الدبلوماسية مع قطر سحابة صيف عابرة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.