قطر وحصار “القرامطة الجدد”

لقد انقلب السحر على الساحر، وأظهرت الشعوب العربية تضامناً عظمياً، وتعاطفاً كبيراً مع دولة قطر المظلومة، ورفض المواطن العربي الحصار الذي ضُرب على قطر، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها من دول تدّعي أنها شقيقة وقائدة تحرص على وحدة الشعوب العربية والإسلامية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/11 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/11 الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش

قال المفكر الموريتاني "محمد مختار الشنقيطي"، في تغريدة له: "إن قطر تدفع بالهجمة الشرسة عليها، وفضائية الجزيرة ثمن الدفاع عن وحدة اليمن.. هذه ليست أول مرة تدفع فيها قطر وقناة الجزيرة ثمن الوقوف مع وجدان الشعوب ومصالح الأمة".

لقد لخّصت هذه التغريدة الغاية من الهجمة الشرسة على دولة قطر وأميرها الشيخ "تميم"، التي تزعمها إعلام العار وقنوات البهتان، والذي لو كان في عصر نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لما اجتمع المنافقون وقتها إلا فيه وما نشروا سمهم إلا منه، إعلام فشلَ في مضمار المنافسة الشريفة والإبداع والابتكار وميثاق الشرف، فانحرف إلى سبل البهتان والغدر والخيانة فصدق عليهم وصف "إعلام القرامطة الجدد".

إعلام القرامطة الجدد استخدم كل الأسلحة القذرة من فبركة الأخبار وتزوير الحقائق، أما ولاته فتعانوا مع اللوبيات الصهيونية المتطرفة وشركات الدعاية الأميركية من أجل قلب الحقائق وتسويق الأكاذيب، وحصار قطر ودفعها للتخلي عن سياستها ومبادئها، وتقزيم دورها الإقليمي والدولي الذي استحقته بجهد، وفق رؤية واستراتيجية وعمل دؤوب.

وحين تجد أن من بين المحرضين والشامتين نخباً صهيونية بفلسطين المحتلة، فأمر المؤامرة لا يحتاج لتحليل وبيان، فهذا الصحفي الصهيوني "يوني بن مناحيم" والمقرب من بنيامين نتنياهو، يدعو لفرض عقوبات اقتصادية على الدوحة، بدعوى أن قطر "تموّل وتدعم الإرهاب من خلال حركة الإخوان المسلمين وحركة حماس، وتسعى إلى بناء محور قطري إيراني تركي ضد المصالح الغربية بالشرق الأوسط".

كما أورد في مقاله حول "قطر والإرهاب" مقتطفات من مقال للكاتب "جون هانا"، أحد مستشاري ديك تشيني، يتهم فيه قطر "بمساندة الإرهاب، والتحريض على قتل الأميركيين في العراق، ومد مجموعات إرهابية إسلامية في سوريا، بالمال والسلاح، وتوفير الملجأ لإرهابي القاعدة خالد الشيخ محمود في الدوحة".

وأما الخبير المزور في شؤون الشرق الأوسط "دافيد أندرو واينبرغ" ومعهد "الدفاع عن الديمقراطية" -المرتبط باللوبي اليهودي الأميركي الناشط لصالح إسرائيل- الصهيوني المتعصب أصبحت كل مقالاته وتصريحات تنقل حرفياً بإعلام "القرامطة الجدد"، وهو الذي شارك بندوة بمعهد الدفاع عن الديمقراطية في جامعة جورج تاون، عنوانها الواقعي وغايتها هي التحريض ثم التحريض على قطر، ونعتها بما ليس فيها، وربطها بالإرهاب ومنظماته كالقاعدة وداعش، ومداخلة "دافيد أندرو" كانت في اتجاه واحد هو ربط قطر بالإرهاب.

التخمينات والتوقعات والفرضيات المدعومة بوقائع وأحداث، التي صدرت قبل أيام من كُتاب رأي والصحفيين والإعلاميين الموضوعيين، والتي أشارت إلى أنه "لا يمكن استبعاد أن تكون جهات عربية خليجية ذات شأن ووزن على تنسيق مسبق في تنظيم الندوات المحرضة على قطر والكويت وجماعة الإخوان وحركة حماس، وتلفيق التصريحات المفبركة عن أمير قطر، وربط قطر والكويت بدعم الإرهاب والإرهابيين".

وما هي ساعات حتى فضحت المؤامرة، وأصبحت هذه التخمينات والفرضيات حقيقة واضحة، وخبر صدق ونبأ يقين، فتسريبات السفير الإماراتي في واشنطن على موقع إنترسبت الأميركي تظهر أن مسؤولاً إماراتياً نافذاً طلب من وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت جيتس، توجيه إنذار لدولة قطر، قائلاً له: "قم بكل ما في وسعك.. أذقهم الجحيم غداً".

كما أظهرت رسائل أخرى للسفير الإماراتي مقالاً تحت عنوان "ممولو الإرهاب يعملون في قطر والكويت".

وفي رسالة إلكترونية أخرى تضمنت تحضير أجندة لمؤتمر بين خبراء إماراتيين وآخرين من معهد "الدفاع عن الديمقراطيات" سيعقد في يونيو/حزيران الجاري للهجوم على قطر وقناة الجزيرة وتركيا والإخوان المسلمين وحماس.

كما أشارت إحدى الرسائل إلى أن المشكلة الحقيقية لبعض دول الخليج وهجومها على قطر هي وجود القاعدة الأميركية (العديد) في قطر، التي تعطي لقطر نفوذاً قوياً وحماية كبيرة بالمنطقة.

وغيرها من الرسائل والوثائق التي تدل على أن الأمر دُبّر في صالونات وأقبية اللوبيات التي تستهدف كل صوت حر، ينحاز للحق والشرعية والمظلومين.

حاصل الأمر أنه بدأ باجتماعات سرية وضغوط عبر اللوبيات الصهيونية، ثم تصريحات مفبركة وهجمة إعلامية فاشلة، ثم قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المعابر البحرية والبرية والجوية، ثم خيبة وندم إن شاء الله تعالى.

لقد انقلب السحر على الساحر، وأظهرت الشعوب العربية تضامناً عظمياً، وتعاطفاً كبيراً مع دولة قطر المظلومة، ورفض المواطن العربي الحصار الذي ضُرب على قطر، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها من دول تدّعي أنها شقيقة وقائدة تحرص على وحدة الشعوب العربية والإسلامية.

للأسف حصار القرامطة الجدد لقطر الأبيّة يذكر المسلمين بحصار كفار قريش للنبي عليه الصلاة والسلام، ومقاطعتهم لبني عبد مناف والصحابة رضي الله عنهم.

فهل من "هشام بن عمرو" بمشاعر الفطرة السليمة والنخوة العربية يهتدي إلى طريقة يصلح بها ما أفسده حب فرض الوصاية على قطر الحرة؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد