منذ الإعلان عن قيام "دولة إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، والسجون والمعتقلات الإسرائيلية تعُج بالأسرى الفلسطينيين؛ حيث سجل عدد حالات الاعتقال على مدار سنين الاحتلال نحو مليون حالة اعتقال.
• الأسرى في سجون إسرائيل:
وبحسب النشرة التي أصدرتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، الذي صادف يوم السابع عشر من أبريل/نيسان الماضي، فإن عدد الأسرى المتواجدين حالياً في السجون الإسرائيلية هو 6500 أسير، بينهم 57 امرأة (منهن 13 فتاة قاصراً)، و300 طفل، و500 معتقل إداري، و13 نائباً في المجلس التشريعي، و44 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً، بينما وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 210 شهداء.
• قُدامى الأسرى:
وهم الأسرى الذين مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً، وعددهم اليوم (44) أسيراً، وأقدمهم الأسيران كريم يونس، وماهر يونس، المعتقلان منذ عام 1983م، بالإضافة إلى الأسير نائل البرغوثي الذي قضى أطول فترة اعتقال في سجون الاحتلال، وهي أكثر من (36) عاماً، علماً بأنه أحد محرري صفقة وفاء الأحرار "شاليط".
• الأسير مروان البرغوثي:
ينظر الفلسطينيون إلى مروان البرغوثي على أنه قائد عظيم، استطاع أن يسطر اسمه بحروف من نور في قلوب أبناء شعبه؛ حيث يعتبر مروان البرغوثي أحد رموز القضية الفلسطينية، ورمزاً للكفاح والنضال والعطاء، ورمزاً لأحرار العالم.
الأسير مروان البرغوثي، حاصل على درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية، وعمل حتى اعتقاله محاضراً في جامعة القدس.
اعتُقل البرغوثي عدة مرات منذ عام 1978م، وحتى عام 1986م، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية قبل إبعاده خارج البلاد، ثم عاد بعد توقيع اتفاق أوسلو، وفاز في انتخابات أول مجلس تشريعي فلسطيني عام 1996م، ونجا البرغوثي من عدة محاولات اغتيال أثناء انتفاضة الأقصى إحداها بالصواريخ الموجهة، وتم اعتقاله عام 2002م، وحُكم عليه بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاماً. ورد البرغوثي على القاضي الإسرائيلي بعد إعلان حكمه بمقولته الشهيرة "إذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي، فأنا مستعد لدفع هذا الثمن".
• الأسير اللواء فؤاد الشوبكي:
اللواء فؤاد حجازي الشوبكي، الذي كان يشغل منصب مدير عام الإدارة المالية العسكرية سابقاً، وعضواً بالمجلس الثوري لحركة فتح، وكان رجل الإصلاح الأول في قطاع غزة؛ حيث أنشأ لجان الإصلاح بعد عودتهُ مع القوات إلى أرض الوطن، وكان ديوانهُ أحد بيوت الإصلاح لحل قضايا الدم في المجتمع الفلسطيني.
والأسير اللواء فؤاد الشوبكي (74 عاماً)، هو أكبر المعتقلين في سجون إسرائيل سناً، حُكم عليه عام 2006م، بالسجن 20 عاماً، بتهمة مسؤوليته عن جلب أسلحة للمقاومة الفلسطينية، وتمويله لصفقة الأسلحة التي كانت محملة على سفينة "كارين A".
وهو يعيش الآن ظروفاً صحية صعبة جداً في سجون الاحتلال؛ نظراً لكبر سنه، وحيث إنه يُعاني من عدة أمراض، أخطرها اكتشاف ورم في الكلى، إضافة إلى أنه يعاني من أمراض السكري والضغط، وقد نُقل إلى مستشفى الرملة أكثر من مرة، لكنه لا يتلقى العلاج الكافي.
• الأسير أحمد سعدات:
هو الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ونائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، تم اعتقاله عام 2006م، وحُكم عليه بالسجن لمدة 30 عاماً، وكان على الدوام يرفُض الاعتراف بشرعية المحكمة العسكرية، ويرفض أن يكون في موقف المتهم، وكان موقفه دائماً أن قوات الاحتلال هي من يجب أن تُحاكم وليس المناضلين الشرفاء الذين يدافعون عن حرية وطنهم.
سعدات القائد، الذي يعشق القراءة ولا يخشى السجن ولا السجان، في رسالة لزوجته يقول: "الفراق يقوي الحب ولا يقتله.. والعزلة قد تستخدم لقتل الروح الإنسانية وتدمير ما فيها من سمات إنسانية جماعية، ونسف جوهر إنسانية الإنسان، لكنه مع ذلك قد يكون وقفة مع الذات والعلاقة مع الجماعة".
وفي رسالة أُخرى لابنته يقول: "نعيش في مجتمع تسوده كل الأفكار الظلامية وترسم مستقبلاً قاتماً، لكن وعلى العموم المرأة تمسك تقريباً بكل مفاتيح التقدم الاجتماعي، وقد تغلق كل الأبواب أو توسعها".
إضراب الكرامة:
منذ السابع عشر من أبريل/نيسان الماضي، والأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي يضربون عن الطعام، معلنين بذلك خوض معركة قاسية قد يكون الاستشهاد إحدى نتائجها.
إن قرار الإضراب عن الطعام، وخوض الأسرى لهذه المعركة بأمعائهم الخاوية لم يأتِ من فراغ، ولكنهم لم يجدوا سوى هذه الطريقة للدفاع عن حريتهم وكرامتهم، وتسليط الضوء على قضيتهم العادلة، التي تُظهر الوجه البشع والحقير لقوات الاحتلال الإسرائيلي، والصمت المخزي للمجتمع الدولي، الذي يقف موقف المتفرج من كل السياسات الإسرائيلية العنصرية.
إن استمرار الأسرى الفلسطينيين في إضرابهم المفتوح عن الطعام، يتقدمهم القادة مروان البرغوثي، وكريم يونس، وأحمد سعدات، لهو أكبر دليل على قوة عزيمتهم وصلابة إرادتهم، وأنهم مستمرون في الإضراب حتى تلبية مطالبهم.
• الدعم والمساندة:
إن قضية الأسرى هي قضية وطنية وجوهرية على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويجب أن تستمر كذلك حتى تحرير كل الأسرى من سجون الاحتلال، فمنذ بداية الإعلان عن الإضراب وهناك العديد من الفعاليات والاعتصامات والمسيرات في كل مدن الضفة وغزة، بالإضافة إلى فعاليات الجاليات الفلسطينية في جميع أنحاء العالم.
إن هؤلاء الأسرى الذين ضحوا بحريتهم وأفنوا زهرة شبابهم في المعتقلات والزنازين الإسرائيلية من أجل حريتنا، لهم عنوان كرامة هذه الأمة، ويجب على كل فلسطيني أن يتحد من أجلهم، وأن يواصل العمل دون كلل أو ملل، وأن تُبذل كل الجهود التي من شأنها إبقاء قضية الأسرى حية وحاضرة في شتى الميادين، لا تكاسل ولا تهاون.
لقد وصل إضراب الأسرى الآن لمراحل متقدمة ومحطة هامة في هذه المعركة، وإن انتصار الأسرى أصبح يتطلب منا جميعاً مضاعفة الجهود أكثر من السابق حتى تصل رسالتنا إلى الأسرى، أننا معكم، ولن نخذلكم، ولن نترككم تخوضوا المعركة بمفردكم، أنتم فخر هذه الأمة، وعزّتها وكرامتها.
اللهم كن مع أسرانا، اللهم صبرهم وقوّهم، اللهم احفظهم من كل شر وسوء، اللهم انصرهم على أعدائهم، اللهم فرّج كربهم، وأحسن خلاصهم برحمتك يا رحمن يا رحيم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.