انتخاب ماكرون.. من وجهة نظر عربية

عقلي الصغير الذي تربّى على أن الحكم للعواجيز فقط.. لا يمكن أن يصدق أن شاباً في مقتبل العمر لم يتجاوز الـ39 من العمر أقنع الفرنسيين فاختاروه رئيساً لهم لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد.. وبنسبة بلغت 63 في المائة من عدد الناخبين الفرنسيين. ما زلت لا أصدق أن ذلك الشاب هو نفسه متزوج بعجوز تكبره سناً وكانت تلقنه المناهج أيام الدراسة وأن بينهما قصة حب

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/23 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/23 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش

كشاب عربي متابع لنتائج الانتخابات الفرنسية أصبت بحالة ذهول مصاحبة لإحساس بالإحباط.. فعقلي الصغير الذي تربّى على أن الحكم للعواجيز فقط.. لا يمكن أن يصدق أن شاباً في مقتبل العمر لم يتجاوز الـ39 من العمر أقنع الفرنسيين فاختاروه رئيساً لهم لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد.. وبنسبة بلغت 63 في المائة من عدد الناخبين الفرنسيين.

ما زلت لا أصدق أن ذلك الشاب هو نفسه متزوج بعجوز تكبره سناً وكانت تلقنه المناهج أيام الدراسة وأن بينهما قصة حب، وأنها وقفت وراءه ودعمته ليصبح رئيساً لفرنسا، وهو في مقتبل العمر.. ظننت أن مثل هذه القصص صالحة للروايات وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع.. فقد جرت عادة العرب بالنسبة للشباب العربي الذي هم في سن ماكرون أن يكون من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل الباحثين عن أي طوق نجاة أو الجلوس على المقاهي واحتساء كاسات الشاي والقهوة ومتابعة المباريات أقصى طموح لهم المنزل والوظيفة.. أو يكونوا نواباً في البرلمان إذا كانوا محظوظين جداً، أما تصل إلى الرئاسة في سن التاسعة والثلاثين فهذه معجزة في بلادي العربية رغم أن الشباب هو روح الوطن، وهو الحيوية والنشاط الذي يحتاجه أي وطن إذا ما أراد التقدم إلا أنه يمنع من ممارسة حقوقه هذا إذا لم يمنع البعض منه من مواصلة حياته؛ لأن حق الحياة بنسبة لشباب عربي أصبح مطلباً آخر.

جرت عادة العرب أيضاً أن تجلس المرأة العجوز في بيتها تستغفر ربها في آخر أيامها أو أن ترمى في دار للمسنين إذا لم يكن لديها مَن يرعاها.. أما أن تكون كبريجيت وتتزوج شاباً في مقتبل العمر وتقوده لحكم بلاد بقيمة فرنسا فذلك هو الجنون بعينه والمستحيل الذي لا يتقبله مجتمعنا العربي.

جرت عادة العرب أيضاً أن الحكم للعواجيز فقط بحكم الخبرة والتجربة فنحن ما بين تسعيني مقعد وجنرال ستيني يقتل شباب وطنه وجنرال ستيني آخر يضيع مستقبل وطنه، وآخر لا يشبع من دماء شعبه ورث الكرسي عن عجوز آخر، وكل تحت مسمى الخبرة والتجربة والهيبة في بلدان شابت على يد عواجيزها وعجز شبابها حتى شابوا في مقتبل العمر.

أحلامهم بسيطة جداً أصغر من تصل لحلم ماكرون الذي تحول إلى حقيقة.. أحلامهم هي حقوقهم الطبيعية نفسها، وأهدافهم ومشاريعهم لا يمكن أن تصل يوماً إلى ما وصل إليه ماكرون بسبب العراقيل التي تقف في وجوههم.

يقول قائل منهم اليوم: كم أنت محظوظ أيها الشاب الفرنسي فكل شيء ميسَّر لك حتى أصبحت تحلم بالمقعد الأول، وكم حسرة تكفي على بلداننا وعلى شبابها، الذين يبحثون عن أنفسهم أولاً، وعن أوطانهم ثانياً قبل أن يفكروا في القيادة،
وإن في ماكرون وفرنسا لعبرة وما يعقلها إلا الطامحون وأولو الهمة العالية.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد