هل استغل هتلر أشهر وكالة أنباء عالمية للترويج لدعايته الحربية؟.. صفقة سرية بين النازيين وأسوشيتد برس الأميركية

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/10 الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/10 الساعة 15:09 بتوقيت غرينتش

نشرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية، اليوم الأربعاء 10 مايو/أيار 2016، تفاصيل صفقة سرية أبرمتها إبان فترة الحرب العالمية الثانية للحصول على صورٍ يلتقطها مصورو النازيين، وتوزعها الوكالة على الصحف الأميركية، وهي صفقة تمت بإذن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.

يتضمن التقرير الذي يأتي بعد بضعة أشهر من اكتشاف المؤرخ الألماني نورمان دوماير رسالةً تصف الصفقة في أوراق رئيس مكتب أسوشيتد برس حينها، يتضمن وثائق تشتمل رسائل موافقة من مكتبٍ رقابي كان يديره حينها محرر سابق من الوكالة تحت إمرة الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت.

شاركت في العمليات الحربية

وكجزءٍ من الاتفاقية، شاركت أسوشيتد برس صوراً للعمليات الحربية الأميركية وانتصارات الحلفاء، كان يراجعها هتلر وتُنشَر في منشوراتٍ نازية.

ووجد عملاء الاستخبارات المضادة الأميركية غير العالمين بالاتفاق "دلائل قاطعة" على أنَّ وكالة أسوشيتد برس "شاركت في عمليات تدخل في اختصاص قانون الاتجار مع العدو"، وفقاً لوثيقةٍ مُشار إليها في تقرير أسوشيتد برس. لكنَّ التحقيق لم يكتمل في القضية.

وفي مقابلةٍ أُجرِيَت هذا الأسبوع، دافع مسؤولو أسوشيتد برس بشدة عن الاتفاق، قائلين إنَّ تنفيذه تم في دولٍ محايدة، وإنَّ هناك قيمةً إخبارية هائلة في تقديم صورٍ لمشتري الصحف، تُظهِر هتلر والأنشطة العسكرية الألمانية، حتى وإن كانت صوراً التقطها النازيون الذين كانوا خبراء في الدعاية.

ودافع جون دانيشفسكي، المحرر العام ونائب رئيس وكالة أسوشيتد برس للمعايير، عن الصور، التي ما زالت متاحة للشراء على موقع أسوشيتد برس، وقال إنَّ الدعاية المُنظَّمة الفجَّة كانت تُستَبعَد، وإنَّ تعليقات أسوشيتد برس أوضحت الأصول النازية للصور.

الوصول إلى وعي الحلفاء

إلا أنَّ تقريراً لصحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية أشار إلى أن مراجعة الصور المنشورة في الصحف الأميركية أظهر أن الأمر لم يكن كذلك على الدوام، إذ حمل عدد 30 يونيو/حزيران 1942، من صحيفة الواشنطن بوست الأميركية صورةً لهتلر يصافح ضباطاً من الألمان سابقين، من بينهم واحدٌ يرتدي زي البحرية النازية، وحقوق الصورة منسوبة لوكالة "أسوشيتد برس، صورة مرسلة بالتلغراف".

واستشهدت واشنطن بوست بعدة صورة مماثلة، كان من بينها ما نشر عام 1944، حينما نشرت الصحف الأميركية صورةً من المجلة النازية نفسها، وهذه المرة كانت الصورة لهتلر وهو يصافح يد موسوليني. ووصف التعليق في صحيفة نيويورك هيرالد تريبيون المصافحة قائلاً: "وفقاً للتعليق الألماني المصاحب للصورة…". وحقوق الصورة كانت تشير بوضوح إلى أنَّها صورة مرسلة عن بعد إلى وكالة أسوشيتد برس.

وقال نيكولاس أوشونيسي، أستاذ الاتصالات بجامعة الملكة ماري بلندن، والذي ألَّف كتاباً عن الدعاية النازية، إنَّ الألمان قد نجحوا بوضوح في العثور على "طريقٍ مباشر إلى وعي الحلفاء من خلال الوسائل الدعائية".

وأضاف: "من المثير للسخرية أن تستخدم أسوشيتد برس تلك الصور. يحاول المرء تبرير هذه الأشياء بقول إنَّ الكاميرا لا تكذب. لكن كاميرات النازيين كانت دوماً كاذبةً. كانت حكايةً خياليةً ضخمة. لم تكن أية صورة من تلك حقيقية. هكذا أراد هتلر أن يراه الناس".

الوكالة سلمت أدلة الاتفاق

وبحسب "واشنطن بوست" كان مسؤولو أسوشيتد برس قد سلَّموا أدلةً عن الاتفاق بالفعل، بعد أن نشرت هارييت شارنبرغ، وهي باحثة أميركية أخرى، ورقةً بحثية العام الماضي عن تعيين إحدى المؤسسات التابعة لأسوشيتد برس، قبل عام 1941، لمصورٍ تربطه صلات بمنظمة "إس إس".

وأعلم مسؤولو أسوشيتد برس مكتب الرقابة الأميركي بالصفقة، في الثالث والعشرين من يوليو/تموز 1942. وكان المكتب حينها تحت إدارة بريون برايس، الذي كان محرراً تنفيذياً سابقاً بأسوشيتد برس، عينه روزفلت شخصياً وفقاً لتقرير الوكالة.

ولا يُفصِّل التقرير مبرر الأميركيين للموافقة على الصفقة، فيما عدا الإشارة إلى احتمالية وجود "قيمة معلوماتية" في هذه العلاقة السرية.

تحميل المزيد