هل يعنى إسقاط تمثال تشافيز أنَّ النظام الفنزويلي على شفا الانهيار؟.. تعرَّف على موقف الجيش والقضاء

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/09 الساعة 16:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/09 الساعة 16:13 بتوقيت غرينتش

بدأت المظاهرة بمجموعةٍ من الطلاب الذين تجمعوا، وكانوا لا يزالون بزيهم المدرسي، في ساحةٍ محاطة بأشجار النخيل قبالة مبنى المدينة في مدينة فيلا ديل روزاريو في غرب فنزويلا.

وبعد فترةٍ وجيزةٍ، أُلقِيَ سائلٌ قابل للاشتعال على تمثالٍ بالحجم الطبيعي للرئيس الراحل هوغو تشافيز، وبعد ذلك، أثناء هتافات المشاهدين، سحب المتظاهرون التمثال، الذي يبدو أنَّه كان مصنوعاً من الألياف الزجاجية أو البلاستيك، وجرُّوه في الشارع، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

تمثال صدام حسين

ومن حيث الأهمية التاريخية، فإنَّه من غير المحتمل أن يكون الحادث مساوياً في رمزيته لحادث الإطاحة بتمثال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، والذي كان طوله 12 متراً في بغداد، بعد فترةٍ وجيزةٍ من غزو العراق عام 2003.

ولكنَّ تحطيم التمثال يوم الجمعة الماضي لم يمر دون ملاحظةٍ في بلدٍ لا تزال العديد من المباني العامة به مزينة بصور الرئيس الراحل تشافيز بعد أربع سنواتٍ من وفاته.

ونشر أحد الحسابات على موقع تويتر صورةً لإضرام النيران في التمثال.

وفى نهاية الأسبوع، انتشرت صور ولقطات للحادث على الهواتف المحمولة في فنزويلا، تزامناً مع حالة الاستياء واسعة النطاق تجاه الرئيس نيكولاس مادورو، خليفة تشافيز المُختار، والتي تحوَّلت إلى احتجاجاتٍ شبه يومية.

ومنذ ذلك الحين، تكررت هذه الأفعال في عدة أماكن أخرى: في مدينة أورينا غرب فنزويلا، إذ اختفى تمثالٌ نصفي لتشافيز من ساحةٍ عامة، وفي وقت لاحقٍ في ولاية باريناس، مسقط رأس تشافيز، شُوِّهَت صورةٌ زيتية لوجهه.

ونشر حسابٌ آخر على تويتر صوراً ومقطع فيديو للحادثة.

ويرى البعض أنَّ مثل هذه الحوادث تُظهر أنّه بعد سنواتٍ من الفوضى الاقتصادية، ونقص الأغذية، والقمع الحكومي، وصل الفنزويليون أخيراً إلى نقطةِ الانهيار.

وقال مارينيليس سوتو، المحاسب الذي يعيش بالقرب من مدينة فيلا ديل روزاريو: "هذا يدل على أنَّ الحكومة وصلت إلى أسوأ حالاتها. فقد حدث هذا في مدينةٍ كانت موالية للحكومة، والآن الناس غاضبون جداً إلى درجة أنَّهم يقطعون الطرق باستمرار".

تعديل الدستور

ومع ذلك، رأى آخرون من أنَّ الحديث عن تحوُّل الأوضاع في فنزويلا ما زال مبكراً في ظل مُضِيّ مادورو إلى الأمام في خططه لإعادة صياغة دستور البلاد على الرغم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة والمستمرة منذ ستة أسابيع.

ورفض تحالف المعارضة في فنزويلا رسمياً، الأحد 7 مايو/أيار 2017 اقتراح الرئيس، نيكولاس مادورو، تشكيل جمعية تأسيسية لتعديل الدستور، مؤكدة أنها لن تشارك في هذه العملية وستدعو أنصارها إلى مقاطعتها، وفقاً لما جاء في موقع سكاي نيوز عربية.

كما دعت المعارضة الفنزويلية الأسبوع الماضي إلى "تظاهرة ضخمة" للتصدي لمشروع صياغة دستور الجديد ، منددة "بمناورته" للتمسك بالسلطة وتجنب إجراء انتخابات.

ما موقف الجيش؟


وقد انضم مئات الآلاف إلى المظاهرات شبه اليومية، ولكن العديد من المواطنين العاديين في فنزويلا، والنخب السياسية والعسكرية بالبلاد، لا يزالون موالين للإيديولوجية اليسارية لحزب تشافيز، وفقاً للغارديان.
ووفقاً للويس فيسنت ليون، وهو أحد أبرز منظمي استطلاعات الرأي، فإنَّ انهيار الأنظمة الاستبدادية غالباً ما يحدث بسبب انشقاقاتٍ داخلية أكثر من الضغوط الخارجية.

وأضاف "إنَّ الشِقاق [في الحكومة] موجودٌ دائماً، لكنَّنا لا نستطيع الحديث بعد عن وصول تلك الانشقاقات إلى الكتلة الحرجة. وفي مثل هذه العمليات ما تراه هو انقساماتٌ داخلية عميقة جداً تؤدي إلى الانهيار. وهذه الانقسامات لا تأتي من المعارضة، أو من أزمة. إنَّها عادة ما تأتي من الداخل".

المدعية العامة

ترى الغارديان إن إحدى علامات هذا الانقسام الداخلي كانت إدانة المدعية العامة للبلاد لويزا أورتيغا في مارس/آذار 2017 لمحاولة المحكمة العليا في فنزويلا، بضغطٍ من الحكومة، تجريد البرلمان الذي تقوده المعارضة من سلطاته، ووصفها للخطوة بانَّها "تُمزق النظام الدستوري" في البلاد.

وسرعان ما تراجعت المحكمة عن هذه الخطوة، ولكن منذ ذلك الحين أصبحت لويزا أكثر وضوحاً في معارضتها للنظام. وفي مقابلةٍ مع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أدانت لويزا سوء إدارة الحكومة الاقتصادية، وأعربت عن تأييدها للمتظاهرين.

وقالت لويزا "لا يُمكننا أن نطالب المواطنين بالتصرف سلمياً وقانونياً أمام دولة تتخذ قراراتٍ لا تمتثل للقانون".

وفي الأسابيع الأخيرة، تعرض الرئيس مادورو لانتقاداتٍ من عددٍ من المصادر غير المتوقعة.

فقد كتب يبرام صعب، ابن أمين المظالم الفنزويلي طارق ويليام صعب، البالغ من العمر 20 عاماً، رسالةً إلى والده وقرأها على موقع يوتيوب، دعاه فيها إلى "وضع حد للظلم الذي لحق ببلده".

ونشر يبرام رسالته بعد أن انضم إلى احتجاجٍ قُتِلَ فيه طالبٌ يبلغ من العمر 20 عاماً. وقال صعب لوالده: "كان يُمكن أن أكون أنا مكانه".

وفي الأسبوع الماضي، أدت وفاة أحد عازفي الفيولا، شابٌ يبلغ من العمر 17 عاماً، إلى دفع المايسترو الفنزويلي غوستافو دوداميل، الذي كان قد انتُقِدَ لعدم الحديث عن وضع البلاد، إلى إصدار بيانٍ ينتقد فيه الحكومة، ويطالب مادورو بوضع نهاية للعنف.

انتقادات من داخل النظام

قرار مادورو بالدعوة إلى تشكيل جمعيةٍ تأسيسية لصياغة دستورٍ جديد للبلاد أثار ضده أيضاً انتقاداتٍ من شخصياتٍ يسارية رفيعة المستوى داخل حزبه ترى أنَّ هذه الخطوة بمثابة إهانةٍ لإرث تشافيز. (فقد أشرف تشافيز على صياغة دستورٍ جديد عام 1999، ووصفه بالـ"مثالي").

وقال رافائيل راميريز، السفير الفنزويلي لدى الأمم المتحدة وواحدٍ من حلفاء تشافيز الرئيسيين، لصحيفةٍ محليةٍ نهاية الأسبوع: "تشكيل الجمعية التأسيسية يُعَدُّ خطوةً محفوفةً بالمخاطر، ومسؤوليةً تاريخية كبيرة. وهي خطوة تفتح مساحةً يُمكن من خلالها دخول عناصر مُدمرِّة لثورتنا".

وقال ليون إنًّه بالرغم من تصاعد الضغط والاحتجاجات ضد مادورو، إلا أنَّه لم يأتِ بعد من مجالين رئيسيين؛ فقد قال إنَّ "السلطات الانتخابية صدَّقت على تشكيل الجمعية التأسيسية، وربما الأهم من ذلك الجيش، فلم نره يُعرب عن معارضته".

وفي الوقت الحالي، يبدو أنَّ حرب الاستنزاف بين الحكومة والمعارضة ستستمر، ويبدو أنَّ عدد القتلى سيرتفع.

وقالت مونيكا بيريز، التي تعيش بالقرب من الساحة حيث كان يوجَد تمثال تشافيز، إنَّ إسقاط التمثال قد حمَّس المعارضة في المدينة.

وقالت: "إنَّها المرة الأولى التي رأيتُ فيها هذا يحدث هنا. إنَّنا نشعر جميعاً بأنَّ الوقت قد حان، ويجب إن نستمر في الشوارع حتى النهاية".

علامات:
تحميل المزيد