يقول تعالى في سورة آل عمران: "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" صدق مولانا العظيم.
إذا كنتم من رواد التاريخ ومحبيه فأنتم لا شك تعرفون تاريخ المملكة المغربية وعراقة الحضارات التي تعاقبت في الفترتين ما قبل وبعد التاريخ، فهذه الحضارة الآشورية في العصر الحجري القديم التي تعود بقاياها حسب ويكيبيديا إلى حوالي 700000 سنة.. فجاءت حضارة الموستيريون في العصر الحجري الأوسط حسب نفس الموقع الذي يذكر أيضاً باقي الحضارات التي توافدت على المغرب مروراً بالحضارة الأيبروموريزية، الموريتانية الطنجية، البيزنطية حتى الفتح الإسلامي بالقرن الأول هجري زمن الخلافة الأموية، فتوالت بعدها حضارات إسلامية طبعت لمملكة المغرب ميزته الدينية.. من الأدارسة، إلى المرابطين الذين بسطوا سلطتهم بقيادة يوسف بن تاشفين، ثم الموحدين، المرينيين، الوطاسيين، ثم الدولة السعدية التي خلفت نزاعاً سياسياً دام حوالي 60 سنة أدى إلى انقسام المغرب الأقصى لكيانات سياسية ولدت رغبة للشريف المولى الرشيد في توحيد البلاد مؤسساً بذلك دولة العلويين التي استمرت بحكم خلفه مولاي إسماعيل الذي كان له دور مهم في تثبيت سلطة الدولة الناشئة وفرض هيبتها إلى يومنا هذا، خاصة بعد تجاوزها لفترة الاستعمار واستقلال الدولة.
هذا جزء من تاريخ وطننا الذي كتب على صفحات بعض المواقع الإلكترونية.. واقعنا اليوم يقول إن امتداد الدولة العلوية سيدوم، هو أيضاً واقع الماضي القريب والبعيد.. فمن كان يظن أن المرابطين أو الموحدين أو حتى حضارة الآشورية، من كان يظن "في ذلك العهد" أنهم سيسقطون شر سقطة؟ من كان يظن أو يتجرأ ليفكر في سقوط حضارات قد تدوم لآلاف القرون؟
لكل بداية نهاية.. وكل قوة لا بد أن تضعف في يوم من الأيام، هذا قانون الحياة التي جعلت لنا اختباراً، قد تبسط سلطتك لقرون وتبسط تجبرك لعصور، لكن سيأتي لا محالة زمن السقوط.. كل تلك الحضارات التي خلفت مآثرها، والتي صنعت التاريخ حقاً فغيرت مجرى الحياة ها هي اليوم مجرد حبر على ورق في مقررات دراسية نحفظها رغماً عنا لننجح في امتحان آخر السنة فتذهب مهب الريح وتعود أدراجها فتمر لتسلم على كل ما خلفته في هذه الأرض المباركة من مآثر تاريخية ومخطوطات ونقوش.. قبل أن تدفن مع من شكلوها وصنعوا منها مجداً لا يزال يذكر صيته لحد الساعة.
كذلك عصرنا الحالي ما هو في الحقيقة إلا كتاب يكتب وسينشر ليُدرس لأحفاد أحفادنا، الفرق الوحيد أن عصرنا له ميزة خاصة؛ إذ سيكتب على ألواح إلكترونية أكثر تطوراً، وسيسجل صوتاً وصورة ليشاهد أحفاد أحفادنا بأم أعينهم ما حدث وما يحدث، وما سيحدث.. فهل سيأتي زمان نجد فيه جيلاً يدرس عن مجد الحضارة العلوية في سطور مقدمة وعرض، وتبقى الخاتمة سؤالاً يطرح في أذهان الكثيرين: مَن الحضارة التالية يا ترى؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.