670 أسرة حُرمت مخصصات الشؤون

يعدّ الأيام يوماً بعد يوم، يترقب الإذاعات المحلية والمواقع الإلكترونية دقيقة بدقيقة، يسأل هنا وهناك، منتظراً موعد صرف مستحقاته المالية؛ لتلبية أبسط احتياجات عائلته المستورة، ليأتي يوم الأحد فلم يكن يوماً عادياً بعد أن أخبره أحد أقاربه بموعد صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، التي بالكاد تكفي لإطعام أطفاله.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/06 الساعة 05:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/06 الساعة 05:04 بتوقيت غرينتش

يعدّ الأيام يوماً بعد يوم، يترقب الإذاعات المحلية والمواقع الإلكترونية دقيقة بدقيقة، يسأل هنا وهناك، منتظراً موعد صرف مستحقاته المالية؛ لتلبية أبسط احتياجات عائلته المستورة، ليأتي يوم الأحد فلم يكن يوماً عادياً بعد أن أخبره أحد أقاربه بموعد صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، التي بالكاد تكفي لإطعام أطفاله.

فرحة الخمسيني خالد توفيق، من خانيونس، بإعلان وصول مستحقات الشؤون الاجتماعية إلى البنوك المصرفية في قطاع غزة صبيحة يوم الثلاثاء الماضي، والذي هو أحد المستفيدين منها- لم تنسه قائمة الاحتياجات المنزلية التي أعدتها زوجته قبل أيام، "فاتورة البقالة والكهرباء والمياه ومشتريات السوق ومصروف الأبناء للمدارس والجامعات"، وغيرها من الديون المتراكمة.

ولكن، سرعان ما تبددت هذه الفرحة، واعترت قلبه صدمةٌ كبيرةٌ ولم يستطع تمالك أعصابه، بعدما أخبره موظف صرف الرواتب في البنك، بحجب مخصصات الشؤون التي يتلقاها كل 3 أشهر بقيمة 1500 شيكل، فقد انهار باكياً أمام البنك والتفّ حوله العديد من المارة، لكن دون جدوى، فقد انقطع شريان الحياة وذرفت عيناه الدمع عندما تذكر انتظار أسرته له بشوق حارٍّ.

حياة 670 أسرة انقلبت رأساً على عقب بعد ما أقدمت عليه وزارة المالية في رام الله الثلاثاء الماضي، من حجب مخصصات الشؤون الاجتماعية عما يقارب 670 أسرة، ولم يكن هذا المشهد بتفاصيله كافة بعيداً عن موظفي السلطة في رام الله بعد أن خُصمت 30% من رواتبهم؛ ما جعل أصحاب الحاجة يقفون أمام البنوك وأيديهم على قلوبهم، كل منهم يتخوف من أن يكون أحد المقطوعة مخصصاتهم، فمنهم من خرج مبتسماً بالحصول على راتبه ومنهم من فقد الوعي على رصيف المصرف.

واقع الصدمة على توفيق وغيره من الأسر المستورة التي تم حجب مخصصاتها، جعله يشعر بالدوار في رأسه، مراجعاً حساباته؛ كيف سيسد مصاريف الجامعة والديون المتراكمة؟! وكيف سيوفر طلب الصغار ومصروفهم؟! وكيف سيلبي احتياجات المنزل من المأكل والمشرب؟! ليقرر العودة إلى المنزل والمكوث فيه والانغلاق على نفسه، رافضاً الخروج منه، منتظراً ما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة، فهل يستمر الحجب ضد قوت أطفاله واحتياجات أسرته؟!

خيبة أمل 

وبعد أن عاد توفيق يجرُّ خيبة الأمل مزَّق ورقة طلبات أسرته، والتي احتوت على أدنى المتطلبات الأساسية للأسرة، مقْسماً أن الطبيخ لم يدخل بيته منذ 3 أسابيع، و لم يحمل أطفاله منذ 3 شهور مصروفاً صباح التوجه لمدارسهم، رافعاً يديه إلى السماء داعياً على كل من تسبب في قطع أرزاق الرضَّع والشيوخ والركَّع.

ويقول توفيق: "لدي 6 أبناء يدرسون بالمدارس والجامعات، ولا أدري كيف سأتدبر أمر مصروفهم واحتياجاتهم المدرسية والجامعية، بالإضافة إلى احتياجات ابني المريض الذي يحتاج إلى علاج شهري، في ظل انعدام فرص العمل وعجزي عن العمل الشاق لوضعي الصحي وكبر سني؟!".

ويضيف: "الخروج من البيت أصبح أمراً غير متاح؛ خجلاً من مطالبة أصحاب المحلات لي بالديون، بعد أن قطعت على نفسي وعداً بتسديدها خلال أيام، على أمل أن ترجع مخصصات الشؤون، وأن يشعر المسؤولون بمعاناتنا وحاجاتنا لهذه الأموال البسيطة، التي بالكاد تكفي لسد الاحتياجات الأساسية للأسرة".

نظرات أطفاله تحاصره

ويتابع توفيق: "البقاء في البيت لم يكن أرحم من الخروج منه؛ فنظرات أطفالي وما تضمره نفوسهم من احتياجات عجزوا عن المطالبة بها- تلاحقني أينما كنت، وخاصة بعد انقطاع الأمل في استرجاع هذه المخصصات".

 ويتساءل توفيق: "ألم يكفِ كل ما يعانيه أهالي القطاع من حصار ودمار وتضييق ومنع من السفر والعلاج وغلاء المعيشة والبطالة والأمراض المنتشرة، ليصل الأمر إلى ملاحقة الأسر الغزية الفقيرة في قوت أطفالها"، مناشداً وزير المالية برام الله تجنيب المواطنين والموظفين والحالات الخاصة المناكفات السياسية.

ويشكِّل هذا الشهر، بالنسبة لتوفيق، نهاية الأمل في ترتيب وترميم بيته المكشوف الذي تغمره المياه شتاءً، وتغزوه الحشرات وحر الشمس صيفاً، فهذه المرة لم يحصل على راتبه الذي كان يخصم منه 50 شيكلاً لإعادة ترميم منزله.

ابنته شيماء، لم تتصور أن يكون صباح يوم صرف المخصصات، اليوم المتمِّم لأشهر الحرمان السابقة؛ ففي الليلة السابقة أقنعت نفسها بأن اليوم التالي سيحمل شيئاً جميلاً، "بابا راح يقبض"، لكن ما حدث عكس ما تمنَّت شيماء!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد